مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةدراسات عامة

فرق الروافض وبعض مقالاتها: من مقالات الإسلاميين

يقول الإمام أبو الحسن الأشعري:
1-اختلفت الروافض أصحاب الإمامة في التجسيم: « وهم ست فرق:
فالفرقة الأولى الهشامية: أصحاب هشام بن الحكم الرافضي، يزعمون أن معبودهم جسم وله نهاية وحدّ..وذكر أبو الهذيل في بعض كتبه: أن هشام بن الحكم قال له: أن ربه جسم ذاهبٌ جاءٍ، فيتحرك تارة ويسكن أخرى..وذُكر عن هشام أنه قال في ربه في عام واحد خمسة أقاويل..
والفرقة الثانية من الرافضة: يزعمون أن ربهم ليس بصورة ولا كالأجسام، وإنما يذهبون في قولهم أنه جسم إلى أنه موجود، ولا يثبتون البارئ ذا أجزاء مؤتلفة وأبعاض متلاصقة، ويزعمون أن الله عز وجل على العرش مستو بلا مماسة ولا كيف.
والفرقة الثالثة من الرافضة: يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان، ويمنعون أن يكون جسما.
والفرقة الرابعة من الرافضة الهشامية: أصحاب هشام بن سالم الجواليقي، يزعمون أن ربهم على صورة الإنسان وينكرون أن يكون لحماً ودماً ويقولون هو نور ساطع يتلألأ بياضاً وأنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان..
والفرقة الخامسة من الرافضة: يزعمون أن رب العالمين ضياء خالص ونور بحت، وهو كالمصباح الذي من حيث ما جئته يلقاك بأمر واحد، وليس بذي صورة ولا أعضاء ولا اختلاف في الأجزاء، وأنكروا أن يكون على صورة الإنسان أو على صورة شيء من الحيوان.
والفرقة السادسة من الرافضة: يزعمون أن ربهم ليس بجسم ولا بصورة ولا يشبه الأشياء ولا يتحرك ولا يسكن ولا يماس، وقالوا في التوحيد بقول المعتزلة والخوارج، وهؤلاء قوم من متأخريهم، فأما أوائلهم فإنهم كانوا يقولون ما حكينا عنهم من التشبيه..
2- واختلفت الرافضة في حملة العرش: هل يحملون العرش أم يحملون البارئ عز وجل؟ وهم فرقتان:
 فرقة يقال لها (اليونسية)، أصحاب يونس بن عبد الرحمن القمي مولى آل يقطين، يزعمون أن الحملة يحملون البارئ..
وقالت فرقة أخرى أن الحملة تحمل العرش والبارئ يستحيل أن يكون محمولاً..
3- واختلفت الروافض هل يوصف البارئ بالقدرة على أن يظلم أم لا؟: فأبى ذلك قوم، وأجازه آخرون.
4- واختلفت الروافض في القول أن الله سبحانه عالم حي قادر سميع بصير إله، وهم تسع فرق:
 فالفرقة الأولى منهم الزرارية: أصحاب زرارة بن أعين الرافضي، يزعمون أن الله لم يزل غير سميع ولا عليم ولا بصير حتى خلق ذلك لنفسه، وهم يسمون (التيمية)، ورئيسهم زرارة بن أعين.
والفرقة الثانية منهم السبابية: أصحاب عبد الرحمن بن سبابة، يقفون في هذه المعاني، ويزعمون أن القول فيها ما يقول جعفر، كائناً قوله ما كان، ولا يصوبون في هذه الأشياء قولاً.
والفرقة الثالثة منهم: يزعمون أن الله عز وجل لا يوصف بأنه لم يزل إلهاً قادراً ولا سميعاً بصيراً حتى يحدث الأشياء، لأن الأشياء التي كانت قبل أن تكون ليست بشيء، ولن يجوز أن يوصف بالقدرة لا على شيء، وبالعلم لا بشيء، وكل الروافض إلا شرذمة قليلة يزعمون أنه يريد الشيء ثم يبدو له فيه.
والفرقة الرابعة من الروافض: يزعمون أن الله لم يزل لا حياً، ثم صار حياً..
والفرقة الخامسة من الروافض: وهم أصحاب شيطان الطاق، يزعمون أن الله عالم في نفسه ليس بجاهل، ولكنه إنما يعلم الأشياء إذا قدَّرها وأرادها، فأما قبل أن يقدرها ويريدها فمحال أن يعلمها، لا لأنه ليس بعالم ولكن الشيء لا يكون شيئاً حتى يقدره ويثبته بالتقدير..
والفرقة السادسة من الرافضة: أصحاب هشام بن الحكم، يزعمون أنه محال أن يكون الله لم يزل عالماً بالأشياء بنفسه، وأنه إنما يعلم الأشياء بعد أن لم يكن بها عالماً، وأنه يعلمها بعلم، وأن العلم صفة له ليست هي هو ولا [هي]غيره ولا بعضه..
والفرقة السابعة من الرافضة: لا يزعمون أن البارئ عالم في نفسه كما قال شيطان الطاق، ولكنهم يزعمون أن الله عز وجل لا يعلم الشيء حتى يؤثر أثره، والتأثير عندهم الإرادة..
والفرقة الثامنة من الرافضة: يقولون أن معنى أن الله يعلم: أنه يفعل، فإن قيل لهم: أتقولون أن الله لم يزل عالماً بنفسه؟ اختلفوا، فمنهم من يقول: لم يزل لا يعلم بنفسه حتى فعل العلم، لأنه قد كان ولما يفعل، ومنهم من يقول: لم يزل يعلم بنفسه، فإن قيل لهم: فلم يزل يفعل؟ قالوا: نعم، ولا نقول بقدم الفعل.
ومن الرافضة من يزعم أن الله يعلم ما يكون قبل أن يكون، إلا أعمال العباد فإنه لا يعلمها إلا في حال كونها.
والفرقة التاسعة من الرافضة: يزعمون أن الله لم يزل عالماً حياً قادراً، ويميلون إلى نفي التشبيه، ولا يقولون بحدث العلم ولا بما حكيناه من التجسيم وسائر ما أخبرنا به من التشبيه عنهم.
5- وافترقت الرافضة هل البارىء يجوز أن يبدو له إذا أراد شيئاً أم لا؟ على ثلاث مقالات:
 فالفرقة الأولى منهم: يقولون أن الله تبدو له البداوات، وأنه يريد أن يفعل الشيء في وقت من الأوقات ثم لا يحدثه لما يحدث له من البداء، وأنه إذا أمر بشريعة ثم نسخها فإنما ذلك لأنه بدا له فيها، وأن ما علم أنه يكون ولم يطلع عليه أحداً من خلقه فجائز عليه البداء فيه، وما اطلع عليه عباده فلا يجوز عليه البداء فيه.
والفرقة الثانية منهم: يزعمون أنه جائز على الله البداء فيما علم أنه يكون حتى لا يكون، وجوزوا ذلك فيما اطلع عليه عباده، وأنه لا يكون كما جوزوه فيما لم يطلع عليه عباده.
والفرقة الثالثة منهم: يزعمون أنه لا يجوز على الله عز وجل البداء، وينفون ذلك عنه تعالى.
6- واختلفت الروافض في القرآن: وهم فرقتان:
 فالفرقة الأولى منهم: هشام بن الحكم وأصحابه، يزعمون أن القرآن لا خالق ولا مخلوق.. وحكى زرقان عن هشام بن الحكم أنه قال: القرآن على ضربين: إن كنت تريد المسموع فقد خلق الله عز وجل الصوت المقطع وهو رسم القرآن، فأما القرآن فهو فعل الله مثل العلم والحركة لا هو هو ولا هو غيره.
والفرقة الثانية منهم: يزعمون أنه مخلوق محدث، لم يكن ثم كان كما تزعم المعتزلة والخوارج، وهؤلاء قوم من المتأخرين منهم.
7- واختلفت الرافضة في أعمال العباد هل هي مخلوقة؟ وهم ثلاث فرق:
فالفرقة الأولى منهم: وهو هشام بن الحكم يزعمون أن أعمال العباد مخلوقة لله، وحكى جعفر بن حرب عن هشام بن الحكم أنه كان يقول: أن أفعال الإنسان اختيار له من وجه اضطرار من وجه، اختيار من جهة أنه أرادها واكتسبها، واضطرار من جهة أنها لا تكون منه إلا عند حدوث السبب المهيج لها.
والفرقة الثانية منهم: يزعمون أنه لا جبر كما قال الجهمي ولا تفويض كما قالت المعتزلة، لأن الرواية عن الأئمة-زعموا- جاءت بذلك، ولم يتكلفوا أن يقولوا في أعمال العباد هل هي مخلوقة أم لا؟ شيئاً.
والفرقة الثالثة منهم: يزعمون أن أعمال العباد غير مخلوقة لله، وهذا قول قوم يقولون بالاعتزال والإمامة.
8- واختلفت الروافض في إرادة الله سبحانه: وهم أربع فرق:
فالفرقة الأولى منهم: أصحاب هشام بن الحكم وهشام الجواليقي يزعمون أن إرادة الله عز وجل حركة، وهي معنى لا هي الله ولا هي غيره، وأنها صفة لله ليست غيره، وذلك أنهم يزعمون أن الله إذا أراد الشيء تحرك، فكان ما أراد تعالى عن ذلك.
والفرقة الثانية منهم: أبو مالك الحضرمي وعلي بن ميثم ومن تابعهما، يزعمون أن إرادة الله غيره، وهي حركة لله كما قال هشام، إلا أن هؤلاء خالفوه فزعموا أن الإرادة حركة، وأنها غير الله بها يتحرك.
والفرقة الثالثة منهم: وهم القائلون بالاعتزال والإمامة، يزعمون أن إرادة الله ليست بحركة، فمنهم من أثبتها غير المراد فيقول: أنها مخلوقة لله لا بإرادة، ومنهم من يقول: إرادة الله سبحانه لتكوين الشيء هو الشيء، وإرادته لأفعال العباد هي أمره إياهم بالفعل وهي غير فعلهم، وهم يأبون أن يكون الله سبحانه أراد المعاصي فكانت.
والفرقة الرابعة منهم يقولون: لا نقول قبل الفعل: إن الله أراده، فإذا فعلت الطاعة قلنا: أرادها، وإذا فعلت المعصية فهو كاره لها غير محب لها.
9- واختلفت الروافض في الاستطاعة: وهم أربع فرق:
 فالفرقة الأولى منهم: أصحاب هشام بن الحكم، يزعمون أن الاستطاعة خمسة أشياء: الصحة، وتخلية الشؤون، والمدة في الوقت، والآلة التي بها يكون الفعل كاليد التي يكون بها اللطم والفأس التي تكون بها النجارة والإبرة التي تكون بها الخياطة وما أشبه ذلك من الآلات، والسبب الوارد المهيج الذي من أجله يكون الفعل، فإذا اجتمعت هذه الأشياء كان الفعل واقعاً، فمن الاستطاعة ما هو قبل الفعل موجود ومنها ما لا يوجد إلا في حال الفعل وهو السبب، وزعم أن الفعل لا يكون إلا بالسبب الحادث فإذا وجد ذلك السبب وأحدثه الله كان الفعل لا محالة، وأن الموجب للفعل هو السبب وما سوى ذلك من الاستطاعة لا يوجبه.
والفرقة الثانية منهم: زرارة بن أعين وعبيد بن زرارة ومحمد بن حكيم وعبد الله بن بكير وهشام بن سالم الجواليقي وحميد بن رباح وشيطان الطاق، يزعمون أن الاستطاعة قبل الفعل، وهي الصحة، وبها يستطيع المستطيع، فكل صحيح مستطيع، وكان شيطان الطاق يقول: لا يكون الفعل إلا أن يشاء الله.
ومن الرافضة من يقول: الاستطاعة كل ما لا ينال الفعل إلا به وذلك كله قبل الفعل، والقائل بهذا هشام بن حرول.
والفرقة الثالثة منهم: أصحاب أبي مالك الحضرمي، يزعمون أن الإنسان مستطيع للفعل في حال الفعل، وأنه يستطيعه لا باستطاعة في غيره، وحكى زرقان عنه أنه كان يزعم أن الاستطاعة قبل الفعل للفعل ولتركه.
والفرقة الرابعة منهم: يزعمون أن الإنسان إن كان قادراً بآلات وجدَّ فهو قادر من وجه وغير قادر من وجه..
10- واختلفت الروافض في الرسول عليه السلام هل يجوز عليه أن يعصي أم لا؟ وهم فرقتان:
 فالفرقة الأولى منهم: يزعمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم جائز عليه أن يعصي الله، وأن النبي قد عصى الله في أخذ الفداء يوم بدر، فأما الأئمة فلا يجوز ذلك عليهم، لأن الرسول إذا عصى فالوحي يأتيه من قبل الله، والأئمة لا يوحى إليهم ولا تهبط الملائكة عليهم وهم معصومون فلا يجوز عليهم أن يسهوا ولا يغلطوا..
والفرقة الثانية منهم: يزعمون أنه لا يجوز على الرسول عليه السلام أن يعصي الله عز وجل ولا يجوز ذلك على الأئمة لأنهم جميعاً حجج الله وهم معصومون من الزلل، ولو جاز عليهم السهو واعتماد المعاصي وركوبها لكانوا قد ساووا المأمومين في جواز ذلك عليهم كما جاز على المأمومين، ولم يكن المأمومون أحوج إلى الأئمة من الأئمة لو كان ذلك جائزاً عليهم جميعاً.
11- واختلفت الروافض في الأئمة: هل يسع جهلهم؟ وهل الواجب عرفانهم فقط، أم الواجب عرفانهم والقيام بالشرائع التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وهم أربع فرق:
 فالفرقة الأولى منهم: يزعمون أن معرفة الأئمة واجبة، وأن القيام بالشرائع التي جاء بها الرسول واجب، وأن من جهل الإمام فمات؛ مات ميتة جاهلية.
والفرقة الثانية منهم: يزعمون أن معرفة الإمام إذا أدركها الإنسان لم تلزمه شريعة ولم تجب عليه فريضة، وإنما على الناس أن يعرفوا الأئمة فقط، فإذا عرفوهم فلا شيء عليهم.
والفرقة الثالثة منهم: وهم (اليعفورية)، يزعمون أنه قد يسع جهل الأئمة، وهم بذلك لا مؤمنون ولا كافرون.
والفرقة الرابعة منهم: يقولون في القدر بقول المعتزلة أن المعارف ضرورة، ويفارقون اليعفورية في جهل الأئمة، ولا يستحلون الخصومة في الدين، واليعفورية أيضاً لا تستحلها.
12- واختلفت الروافض في الإمام، هل يعلم كل شيء أم لا؟ وهم فرقتان: فالفرقة الأولى منهم: يزعمون أن الإمام يعلم كل ما كان وكل ما يكون ولا يخرج شيء عن علمه من أمر الدين ولا من أمر الدنيا، وزعم هؤلاء أن الرسول كان كاتباً ويعرف الكتابة وسائر اللغات.
والفرقة الثانية منهم: يزعمون أن الإمام يعلم كل أمور الأحكام والشريعة وإن لم يحط بكل شيء علماً، لأنه القيم بالشرائع والحافظ لها ولما يحتاج الناس إليه، فأما ما لا يحتاجون إليه فقد يجوز أن لا يعلمه الإمام.
13- واختلفت الروافض في النظر والقياس: وهم ثماني فرق:
 فالفرقة الأولى منهم: وهم جمهورهم يزعمون أن المعارف كلها اضطرار، وأن الخلق جميعاً مضطرون، وأن النظر والقياس لا يؤديان إلى علم وما تعبد الله العباد بهما.
والفرقة الثانية منهم: وهم أصحاب شيطان الطاق، يزعمون أن المعارف كلها اضطرار، وقد يجوز أن يمنعها الله سبحانه بعض الخلق، فإذا منعها بعض الخلق وأعطاها بعضهم كلفهم الإقرار مع منعه إياهم المعرفة.
والفرقة الثالثة منهم: وهم أصحاب أبي مالك الحضرمي، يزعمون أن المعارف كلها اضطرار، وقد يجوز أن يمنعها الله بعض الخلق، فإذا منعها الله بعض الخلق وأعطاها بعضهم كلفهم الإقرار مع منعه إياهم المعرفة.
والفرقة الرابعة منهم: أصحاب هشام بن الحكم، يزعمون أن المعرفة كلها اضطرار بإيجاب الخلقة، وأنها لا تقع إلا بعد النظر والاستدلال، يعنون بما لا يقع منها إلا بعد النظر والاستدلال العلم بالله عز وجل.
والفرقة الخامسة منهم: يزعمون أن المعارف ليس كلها اضطراراً، والمعرفة بالله يجوز أن تكون كسباً ويجوز أن تكون اضطراراً، وإن كانت كسباً أو كانت اضطراراً فليس يجوز الأمر بها على وجه من الوجوه، وهذا قول الحسن بن موسى.
والفرقة السادسة منهم: يزعمون أن النظر والقياس يؤديان إلى العلم بالله، وأن العقل حجة إذا جاءت الرسل، فأما قبل مجيئهم فليست العقول دلالة ما لم يكن سنة بينة، واعتلُّوا بقول الله عز وجل: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً)[الإسراء/15] .
والفرقة السابعة منهم: يقولون بتصحيح النظر والقياس، وأنهما يؤديان إلى العلم، وأن العقول حجة في التوحيد قبل مجيء الرسل وبعد مجيئهم.
والفرقة الثامنة منهم: يزعمون أن العقول لا تدل على شيء قبل مجيء الرسل ولا بعد مجيئهم، وأنه لا يعلم شيء من الدين ولا يلزم فرض إلا بقول الرسل والأئمة، وأن الإمام هو الحجة بعد الرسول عليه السلام لا حجة على الخلق غيره.
وقالت الروافض بأجمعها بنفي اجتهاد الرأي في الأحكام وإنكاره.
14- واختلفت الروافض في الناسخ والمنسوخ: هل يقع ذلك في الإخبار أم لا؟ وهم فرقتان:
فالفرقة الأولى منهم: يزعمون أن النسخ قد يجوز أن يقع في الإخبار، فيخبر الله سبحانه أن شيئاً يكون ثم لا يكون، وهذا قول أكثر أوائلهم وأسلافهم.
والفرقة الثانية منهم: يزعمون أنه لا يجوز وقوع النسخ في الإخبار، وأن يخبر الله سبحانه أن شيئاً يكون ثم لا يكون، لأن ذلك يوجب التكذيب في أحد الخبرين.
15- واختلفت الروافض في الإيمان ما هو؟ وفي الأسماء؟ وهم فرقتان:
فالفرقة الأولى منهم: وهم جمهور الرافضة يزعمون أن الإيمان هو الإقرار بالله وبرسوله وبالإمام وبجميع ما جاء من عندهم، فأما المعرفة بذلك فضرورة عندهم، فإذا أقر وعرف فهو مؤمن مسلم، وإذا أقر ولم يعرف فهو مسلم وليس بمؤمن.
والفرقة الثانية منهم: وهم قوم من متأخريهم من أهل زماننا هذا، يزعمون أن الإيمان جميع الطاعات، وأن الكفر جميع المعاصي، ويثبتون الوعيد، ويزعمون أن المتأولين الذين خالفوا الحق بتأويلهم كفار، وهذا قول ابن جبرويه.
والفرقة الثالثة منهم: أصحاب علي بن ميثم، يزعمون أن الإيمان اسم للمعرفة والإقرار ولسائر الطاعات، فمن جاء بذلك كله كان مستكمل الإيمان، ومن ترك شيئاً مما افترض الله عليه غير جاهد/ له فليس بمؤمن، ولكن يسمى فاسقاً وهو من أهل الملة تحل مناكحته وموارثته، ولا يكفرون المتأولين.
16- واختلفت الروافض في الوعيد: وهم فرقتان:
 فالفرقة الأولى منهم: يثبتون الوعيد على مخالفيهم ويقولون: إنهم يعذبون، ولا يقولون بإثبات الوعيد فيمن قال بقولهم، ويزعمون أن الله سبحانه يدخلهم الجنة، وإن أدخلهم النار أخرجهم منها..
والفرقة الثانية منهم: يذهبون إلى إثبات الوعيد، وأن الله عز وجل يعذب كل مرتكب الكبائر من أهل مقالتهم كان أو من غير أهل مقالتهم ويخلدهم في النار.
17- واختلفت الروافض في عذاب الأطفال في الآخرة: وهم فرقتان:
فالفرقة الأولى منهم: يزعمون أن الأطفال جائز أن يعذبهم الله وجائز أن يعفو عنهم، كل ذلك له أن يفعله.
والفريق الثاني: وهم أصحاب هشام بن الحكم فيما حكى زرقان عنه – فإن لم يكن هشام بن الحكم قاله فمن يقوله اليوم كثير- يزعمون أنه لا يجوز أن يعذب الله سبحانه الأطفال بل هم في الجنة.
18- واختلفت الروافض في ألم الأطفال في الدنيا: وهم ثلاث فرق:
 فالفرقة الأولى منهم: يزعمون أن الأطفال يألمون في الدنيا وأن إيلامهم فعل الله بإيجاب الخلقة، لأن الله خلقهم خلقة يألمون إذا قطعوا أو ضربوا.
والفرقة الثانية منهم: يزعمون أن الأطفال يألمون في الدنيا، وأن الألم الذي يحل فيهم فعل الله لا بإيجاب الخلقة ولكن باختراع ذلك فيهم، وكذلك قولهم في سائر المتولدات كالصوت الحادث عند الاصطكاك وذهاب الحجر الحادث عند دفعتنا للحجر وما أشبه ذلك.
والفرقة الثالثة منهم: وهم القائلون بالإمامة والاعتزال يزعمون أن الآلام التي تحل في الأطفال منها ما هو فعل الله ومنها ما هو فعل لغيره، وإن ما يفعله من الألم فإنما يفعله اختراعاً لا لسبب يوجبه.
وأجمعت الروافض على تصويب علي رضوان الله عليه في حربه من حارب وتخطئة من حارب علياً.
19- واختلفت الروافض في محارب علي: وهم فرقتان:
 فالفرقة الأولى منهم: يقولون بإكفار من حارب علياً وتضليله، ويشهدون بذلك على طلحة والزبير ومعاوية بن أبي سفيان، وكذلك يقولون فيمن ترك الائتمام به بعد الرسول عليه السلام.
والفرقة الثانية منهم: يزعمون أن من حارب علياً فاسق ليس بكافر إلا أن يكون حارب علياً عناداً للرسول صلى الله عليه وسلم ورداً عليه فهم كفار، وكذلك يقولون في ترك الائتمام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب بعده أنهم إن كانوا تركوا الائتمام به عناداً للرسول ورداً عليه فهم كفار، وإن كانوا تركوا ذلك لا على طريق العناد والتكذيب للرسول صلى الله عليه وسلم والرد عليه فسقوا ولم يكفروا.
20- واختلفت الروافض في التحكيم: وهم فرقتان:
 فالفرقة الأولى منهم: يزعمون أن علياً إنما حكم للتقية وأنه مصيب في تحكيمه للتقية وأن التقية تسعه إذا خاف على نفسه، واعتلُّوا في ذلك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في تقية في أول الإسلام يكتم الدين.
والفرقة الثانية منهم: يزعمون أن التحكيم صواب على أي وجه فعله على التقية أو على غير التقية.
وأجمعت الروافض على إبطال الخروج وإنكار السيف ولو قتلت حتى يظهر لها الإمام وحتى يأمرها بذلك، واعتلَّت في ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يأمره الله عز وجل بالقتال كان محرماً على أصحابه أن يقاتلوا.
وأجمعوا على أنه لا يجوز الصلاة خلف الفاسقين وإنما يصلون خلف الفاسقين تقية ثم يعيدون صلاتهم.
21- واختلفت الروافض في الإنسان ما هو؟ وهم أربع فرق:
 فالفرقة الأولى منهم: يزعمون أن الإنسان اسم لمعنيين لبدن وروح، فالبدن موات والروح هي الفاعلة الدراكة الحساسة وهي نور من الأنوار، هكذا حكى زرقان عن هشام بن الحكم.
والفرقة الثانية منهم: يزعمون أن الإنسان جزء لا يتجزأ، ويحيلون أن يكون الإنسان أكثر من جزء، لأنه لو كان أكثر من جزء لجاز أن يحل في أحد الجزأين إيمان وفي الآخر كفر فيكون مؤمناً وكافراً في حال واحد وذلك محال.
وقد ذهب من أهل زماننا قوم من النظامية الذين يزعمون أن الإنسان هو الروح إلى قول الروافض، وذهب أيضاً قوم ممن يميل إلى قول أبي الهذيل: إن الإنسان هو هذا الجسم المرئي إلى القول بالإمامة والرفض…
ورجال الرافضة ومؤلفو كتبهم: هشام بن الحكم وهو قطعي، وعلي بن منصور، ويونس بن عبد الرحمن القمي، والسكاك، وأبو الأحوص داود بن راشد البصري.
 ومن رواة الحديث: الفضل بن شاذان، والحسين بن إشكيب، والحسين بن سعيد، وقد انتحلهم أبو عيسى الوراق وابن الراوندي وألَّفا لهم كتبا في الإمامة..»

 

[من مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين للإمام أبي الحسن الأشعري-

تحقيق: أحمد جاد-دار الحديث/القاهرة-طبعة/2008-ص:28-46]

 

                                   إعداد الباحث: منتصر الخطيب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق