مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكأعلام

عيسى بن مسكين بن منصور الإفريقي صاحب سحنون

 

دة. أمينة مزيغة باحثة بمركز دراس بن إسماعيل

 

          عيسى بن مسكين بن منصور بن جريج بن محمد الإفريقي، ولد سنة أربع عشرة و مائتين، شيخ مالكية المغرب.

         الفقيه العالم الفصيح الورع المهيب الوقور الثقة المأمون الصالح، ذا سمت وخشوع، فاضلاً طويل الصمت، دائم الحمد، رقيق القلب، غزير الدمعة، كثير الإشفاق، متفنناً في كل العلوم: الحديث والفقه واللغة وأسماء الرجال وكناهم وقوتهم وضعفهم فصيحاً جيد الشعر كثير الكتب في الفقه والآثار صحيحاً يشبه سحنوناً في هيئته و سمته، واعتماده على سحنون وبه كان يقتدي في كل أموره من شمائله وزهده و مباينته لأهل البدع، حسن الأدب، بيّن المروءة.

         سمع من سحنون وابنه جميع كتبه ومن غيرهما، وسمع بالشام من أبي جعفر الأيلي، وبمصر من الحارث بن مسكين، وأبي الطاهر والربيع، ومحمد بن المواز، ومحمد بن عبد الرحيم البرقي، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، ومحمد بن سنجر، ويونس الصدفي، ومن علي بن عبد العزيز، وغيرهم.

          سمع منه: أحمد بن محمد بن تميم، وأبو الحسن الكانشي، وابن مسرور الحجام، وعلي بن حمود وغيرهم.

          قال أبو علي البصري: “لو أفردنا كتابا في ذكر مناقبه ومحاسنه وزهده وورعه وعدله ما انتهينا إلى وصفه، كان عالماً باللغة، قائلاً للشعر، من أهل الفضل البارع، والورع الصحيح، والصمت الطويل، مستجاب الدعوة”. قال الكانسي: “أدخلني عيسى بن مسكين إلى بيت مملوء بالكتب، ثم قال لي: كلها رواية وما فيها كلمة غريبة إلا وأنا أحفظ لها شاهداً من كلام العرب”.

         وكان محمد بن سحنون إذا استُفتي قال: أفت يا أبا موسى، وكان إذا تفاخر أهل المدينة وأهل العراق برجالهم قيل لأهل العراق: عندكم مثل عيسى بن مسكين؟. فيفخمونه و يقولون: ذلك أفضلكم وأفضلنا.

        ولي القضاء بعد أن قال له الأمير إبراهيم بن أحمد بن الأغلب: ما تقول في رجل قد جمع خلال الخير أردت أن أوليه القضاء وألم به شعث هذه الأمة فامتنع؟ قال: يلزمه أن يلي قال: تمنع؟ قال: تجبره على ذلك بجلد. قال: قم فأنت هو؟ قال: ما أنا بالذي وصفت وتمنع، فأخذ الأمير بمجامع ثيابه وقرب السيف من نحره فتقدم بعد أمر عظيم وولاه بعد إجماع الناس عليه على اختلاف مذاهبهم وامتناعه.

          ويحكى عنه أنه كان يجتمع بالخضر عليه السلام وحكى عنه عبد الله العارف أنه قال: اجتمعت مع الخضر مرتين ودخل علي في بيتي فقال لي: “أبشر بفرجك مما أنت فيه”. ومن حكمه: “أشرف الغنى ترك المُنى”، “من قاس الأمور علم المستور”، “من أطلق طرفه كثر أسفه”، “من تقلب الأحوال علم جواهر الرجال” “بحسن التأني تسهل المطالب”، “المعاش مذل لأهل العلم” “كفاك أدباً لنفسك ما كرهته لغيرك”، “قارب الناس في عقولهم تسلم من غوائلهم” خلوا لهم دنياهم يخلوا بينكم وبين آخرتكم”.

          ومن شعره رحمه الله:

            لما كـبـرت أتتني كـل داهـيـة  

                             وكل ما كان مـني زائـدا نقصا

             أصافح الأرض إن رمت القيام وإن  

                             مشيت تصحبني ذات اليمين عصا

ومن شعره أيضا:

            أصاب الدهر مني عظم ساق  

                                   به قد كنت مشاءً جليدا

            إلى الفقهاء أنقـلها وأطـوي  

                                  بها للحاجة البلد البعيدا

            إذا رجل الفـتى يوما أصيبت   

                               وطال سقامه ألف القعودا

              وصار لبيتـه جلسـا وأمسى    

                               من الإخوان منفردا وحيدا

         توفي رحمه الله سنة خمس وتسعين ومائتين.

         الديباج المذهب2/62 رقم361.

         ترتيب المدارك 2/327 رقم 354.

         جمهرة تراجم فقهاء المالكية 2/914 رقم 886.

         سير أعلام النبلاء 10/543 رقم 2512.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق