الرابطة المحمدية للعلماء

علماء المغرب.. أيُّ خطاب لأيِّ تحديات؟!

قال محمد الكتاني عضو أكاديمية المملكة المغربية إن العلماء في المنظور الإسلامي، ليسوا
هم الفقهاء العارفين فقط بأحكام الحلال والحرام، ولا الوعاة للتراث الكلامي والأصولي
فقط، القادرين على ترديده، وإنما هم الذين تتسع مداركهم وعقولهم لما يعرفه العصر من
علوم إنسانية جديدة، بعد استيعابهم العلوم الإسلامية.

وقال في الحوار الذي أجرته معه مجلة الإحياء في عددها الجديد (27): إن الفقيه المجتهد
لا يمكنه أن يقدم جديداً في اجتهاداته إلا إذا كان يدرك تفاصيل واقع الحياة الحضارية
المعاصرة للإنسان المسلم، وما تفرزه من مشكلات عويصة ونوازل إشكالية بفعل تطور العلم،
وتعقيد الحياة، ومتطلبات رفع التحديات.

وعن المشهد الثقافي والعلمي المغربي في “المجال الديني” الإسلامي، أوضح الكتاني أن
هذا المشهد يتميز من حيث هيكلته بتوافر مؤسسات “جامعية” تسهر على التكوين العلمي الديني
في اختصاصات العلوم الشرعية والنقلية، مع الانفتاح على شتى العلوم الإنسانية… إلا
أن هذا المشهد -يضيف الكتاني- ما يزال يشكو من القصور البنيوي عن تحقيق أهدافه المطلوبة…
وأضاف: ما يزال “العلم الديني” كما يمثله العديد من “علمائنا” التقليديين محصوراً في
الأحكام الشرعية، وربما بصيغتها التراثية ومفرداتها القديمة، وما يزال العمل المنهجي
والمعرفي القادر على الحوار المفتوح مع شتى الإيديولوجيات والتيارات الفكرية العلمية،
محدود الفاعلية، محدود الأطر المؤهلة، وما يزال الصمت واللامبالاة تجاه الفكر الإلحادي
والمادي يصول ويجول، ويَحولُ -يقول الكتاني- بين علمائنا وفقهائنا وبين خوض النضال
الفكري الذي هو أرحب ميادين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأوجبها عليهم. كما أشار
إلى أن علماء المغرب لا عذر لهم في هذا الصمت لأن المؤسسات الحقوقية والدستورية في
المغرب تكفل حرية التفكير والتعبير في هذا المجال.

كما لاحظ الكتاني عدم حضور نخبة معروفة من العلماء المغاربة في المشهد الإعلامي المغربي
على الصورة المطلوبة، وهو ما يشكل -في رأيه- فراغا فكريا وإعلاميا بالنسبة لجماهير
الشعب المغربي، التي تنفتح اليوم على الفضائيات العربية في الشرق العربي بمختلف ألوانها
وتوجهاتها، وتتأثر بما يروج فيها من أفكار وتوجيهات وفتاوى تتعلق بالإسلام وقيمه وشريعته…

من ناحية أخرى اعتبر الكتاني توظيف “الدين” في استقطاب الجماهير من لدن الجماعات المتطرفة،
واستغلال الأمية والأوضاع الاجتماعية الهشة… من المسائل الخطيرة التي لا يجوز الصمت
تجاهها… وبخصوص هوية المجتمع المغربي الإسلامية قال الكتاني إنها تتعرض اليوم للتفكيك
والتجاذب بين نوازع التطرف والإلحاد والمسخ، في استغلال ممنهج للأمية والجهل بالإسلام…
مما يستلزم -في رأيه- أن تقوم المؤسسات التي تمثل هيكلة الفضاء الديني في المغرب بوضع
الاستراتيجيات الكفيلة بمواجهة التسويق للدين بأسلوب غير علمي ولا نزيه، وكذا الانفتاح
على طاقات الشباب المسلم المغربي ذي الفكر المنهجي والرؤية الواضحة، التي أصبحت تشارك
اليوم في البحث والدراسات الإسلامية المعمقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق