الرابطة المحمدية للعلماء

“صورة المسلم العدائية”.. أحدث الكتب الغربية عن ظاهرة “الإسلاموفوبيا”

سوكولوفسكي يؤلف كتابا يُؤسّس لنقد الحملات العدائية تجاه المسلمين

كتاب “صورة المسلم العدائية” للمؤلف الألماني كاي سوكولوفسكي، هو الأحدث الكتب الألمانية التي تتوقف بالتفكيك والنقد عند موضوع “إرهاب الإسلام”، أو “التخويف من الإسلام”، أو “الإسلاموفوبيا”. (وصدر عن دار النشر “الكتاب الأحمر”، في برلين، في غضون العام 2009، في 256 صفحة).

وجاء الكتاب موزعا على قسمين، يتناول أحدهما الصورة العدائية المصنوعة في ألمانيا عن المسلمين، بمنطلقاتها ومقدماتها وصانعيها، ويتضمن الثاني سلسلة حوارات مع عدد من ذوي العلاقة الذين يحذرون من خطورتها وعواقبها وانتشارها، والعمل عبارة عن رحلة معرفية ونقدية في الصور النمطية العدائية، وإن لم يقصد المؤلف تحديد معالمها من منطلق أنها نمطية، بل جعل من كتابه دراسة منهجية تفصيلية حافلة بشواهد لا حصر لها حول الظاهرة نفسها، مع تعزيز رؤيته الشخصية برؤى سواه، ممن أورد ما يقولون به بصورة مستفيضة في عدة فصول حوارية، وتفرع على بابين: جاء الأول تحت عنوان: “العدو- صورة وحقائق” متضمنا ستة فصول، وجاء الثاني تحت عنوان: “دون صورة عدائية- محادثات” متضمنا ويرى المؤلف أن الخوف يمكن أن منطلقا لتكوين الصور النمطية العدائية، وليس للخوف ما يسوّغه؛ إذ لا يصدر عن المعرفة والخبرة، بل عن تصورات خاطئة، ومنطلقه “الاضطراب الذاتي” عند الخائف، وليس ما يصنع أو لا يصنع الآخر، بل حتى عند التعرف على الآخر يبقى الاضطراب الذاتي سببا في عدم التغلب على الخوف، ومن هنا تتردد كلمات “الخطر” و”التهديد” وما شابه ذلك، دون تحديد مصدر ملموس، أو معالم موضوعية له، مستخرجا العديد من الاستشهادات من موقع شبكي عنوانه: “سياسات خاطئة”، وقد تخصص في نشر المخاوف من الإسلام والمسلمين، فيناقش الكاتب مضامينها مناقشة موضوعية تبين مدى افتقارها إلى مستند حقيقي من وراء اللهجة التعميمية والتصعيدية للتحذير من “خطر داهم”.

واعتبر أحد النقاد العرب المقيمين في ألمانيا، أن الكتاب أشبه بمرافعة دفاع قانونية إعلامية مستفيضة، يكمن مفعولها في قوة الأدلة والاستشهادات التي يوردها وكثافتها، وفي عرضها المبوّب في الفصول المذكورة، بحيث يتكامل البحث حول ظاهرة العداء للإسلام، وما تصنع من صور نمطية عن المسلمين بمحاورها الرئيسية، سواء من حيث جذورها ونشأتها الأولى، أو من حيث مرتكزاتها في مختلف الميادين والقطاعات الرسمية والإعلامية في الدرجة الأولى.

ويؤكد المؤلف على أن الخوف من الآخر يعني الخوف من التغيير؛ فالخائف يود لو بقي العالم دوما كما يعرفه، وهو لم يعرفه على حقيقته، بل وفق ما تصور أن يكون، يتشبث بأحكامه المسبقة فلا تزول لأنه لا يتعرف أصلا على ما يمكن أن يزيلها من معلومات وأرقام وحقائق ملموسة، وهو عندما تثور مخاوفه على كل ما يزعم الاعتزاز به من ثقافة وقيم وأسرة، وفي ذلك طبيعة تكوين عالمه الغربي، لا يقف -كشخص- وحيدا؛ فوسائل الإعلام تقوم بدورها في تعزيز تلك المخاوف ونشرها.

صدّر المؤلف الفصل الرابع بترجمة الآية الكريمة “أفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا” (سورة محمد، الآية 24)، واستعرض فيه نماذج صارخة لحملات عدائية تجاه الإسلام والمسلمين، خلال المواقع الشبكية، واختار مثالا عليها موقعا غوغائيا باسم “سياسة خاطئة”، وصاحبه هنريك برودر، وكذلك خلال الكتب، وذكر مثالا عليها: “مذكرات هارب” ومؤلفه رالف جيوردانو، وحتى خلال “الدراسات والبحوث” ومثال ذلك دراسة عن تعرض المسلمات من أصل تركي في ألمانيا للعنف المنزلي، والتي جرت بتكليف من جانب وزارة شئون الأسرة، وقد وضعها مؤلف الكتاب مقابل دراسة جامعية أخرى مشابهة؛ ليتبين في المحصلة أن جميع ما تقوله الدراسة الأولى بصدد المسلمات التركيات يسري بنسب متقاربة على النساء الألمانيات من غير المسلمين، متسائلا: علام يتم اعتمادها فيما يقال عن الإسلام تحديدا؟ وهو ما يمارسه كثيرون، واشتهرت من بينهم نجلاء كيليك، التي تحتفي وسائل الإعلام بها بصورة واضحة، لاسيما بعد أن شملها اختيار وزير الداخلية السابق شويبلي للمشاركة مع “مسلمين علمانيين” آخرين، في “مؤتمر الإسلام في ألمانيا”، ويشابهها في ذلك نموذج آخر يورده المؤلف، وهي سيريان آطش، من أصل تركي، ولها حملات مشابهة تحت عنوان: “وضع المرأة في الإسلام”.

وقد خصص الباب الثاني لسلسلة حوارات، وجاءت كالتالي: حوار مع المؤرخ الألماني بروفيسور فولفجانج بينز، المتخصص فيما يعرف بالعداء للسامية، متحدثا عن وجوه التشابه بين كراهية اليهود والعداء للإسلام، والثاني مع النائبة الديمقراطية الاشتراكية د.لالي آكجو، من أصل تركي، ومتخصصة في الطب النفساني، وتحدثت عن الاندماج والوسط السياسي وتعدد الثقافات، والثالث مع بولاند كاياتوران، المعروف باسم “بيدو”، درس علم الاجتماع، واشتهر من خلال تقديمه لبرنامج تلفازي ساخر، وتناول بالحديث ما يواجهه الألمان ووسائل الإعلام من صعوبات مع المهاجرين المستوطنين، والحوار الرابع والأخير مع آن لوفن، المتخصصة في العلوم السياسية والآداب الألمانية، واستعرضت في حديثها حول دورات دعم الاندماج، ومعالم العنصرية المنتشرة عبر الدوائر الرسمية، وعزل المهاجرين المستوطنين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق