مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثشذور

سبب اتباع المغاربة والأندلسيين لمذهب مالك

قال العلامة أبو عبد الله  محمد بن محمد الراعي الأندلسي (ت853هـ) في كتابه «انتصار الفقير السالك لترجيح مذهب الإمام مالك» (ص:165-166) في سياق حديثه عن مالك وبيان مناقبه وثناء العلماء عليه:
«واعلم أن المغاربة وعلمـاء الأندلس لما أرادوا أن يطلبوا العلم قصدوا إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي هي دارُ هجرته، وموضع إقامته، ومهبط الوحي عليه، ووجدوا عالـمها مالكاً، وهو أعلم أهل زمانه بالكتاب والسنة، وأقوال الصحابة، والقياس، وفهم الألفاظ والمعاني، ومعرفة الإجماع والاختلاف، ووجدوا أهل الحلّ والشدِّ من علمـاء الأمة من أهل زمانه قد أجمعوا على وُفور علمه ودينه وزهده، ولم يجدوا على ذلك مخالفاً إلا من لم يُعتدَّ بخلافه من أهل البدع والأهواء والمتعصبين، فأخذوا عنه علم أهل المدينة وعملهم، ورجعوا إلى بلادهم، فأخرجوا منها جميع مذاهب أهل العراق وغيرهم.

وكان في المغرب والأندلس مذهب الأوزاعي، والليث، وداود، وغيرهم، حتى وصل إليهم مذهب مالك، ولما عرفوه أخذوا به، وعملوا بمذهبه رضي الله تعالى عنه، إذ هو أعلم الناس، بشهادة الأئمة الثلاث المجتهدين وغيرهم ممن هو في رتبتهم في العلم بالحديث والفقه وغيـر ذلك ـ حسب ما تقدمـ، وهم شهود لا مطعن فيهم ولا فيمـا شهدوا به، إلا مع قلة الإنصاف والمكابرة والجهل المركب والتعصب، ونعوذ بالله من مـخالفتهم ومن اعتقاد غير ما اعتقدوه، رضي الله تعالى عنهم أجـمعين.

المصدر: انتصار الفقير السالك لترجيح مذهب الإمام مالك، لأبي عبد الله شمس الدين محمد بن محمد الراعي الأندلسي (ت853هـ)، (ص:165-166)، تحقيق محمد أبو الأجفان، نشر دار الغرب الإسلامي بيروت، الطبعة الأولى 1981م.

Science

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق