ذ.كريمة بن سعاد
تعتبر الرسالة أحد أجناس الكتابة الأدبية، تحمل في طياتها مضامين توجيهية واستفسارية، وقد كان الشيوخ المربون يتواصلون فيما بينهم، ومع تلامذتهم عبر قناة الرسالة، ومن خلالها ثم التعرف على العديد من الأفكار والإشكالات التي كانت تروج في مراحل زمنية متعددة، ساهمت في قراءة معطيات تلك الفترات عن طريق «جنس الرسالة» وكان للتصوف النصيب الأوفر، وللإمام الجنيد العديد من المراسلات التي تمحورت حول مواضيع مختلفة ندرج منها في هذا السياق رسالته في التوحيد.
رسالة التوحيد
"اعلم أن أول عبادة الله عز وجل معرفته، وأصل معرفة الله توحيده، ونظام توحيده نفى الصفات عنه بالكيف والحيث والأين، فبه استدل عليه، وكان سبب استدلاله به عليه توفيقه، فبتوفيقه وقع التوحيد له، ومن توحيده وقع التصديق به، ومن التصديق به وقع التحقيق عليه، ومن التحقيق جرت المعرفة به، ومن المعرفة به وقعت الاستجابة له فيما دعا إليه، ومن الاستجابة له وقع الترقي إليه، ومن الترقي إليه وقع الاتصال به، ومن الاتصال به وقع البيان له، ومن البيان له وقع عليه الحيرة، ومن الحيرة ذهب عن البيان، ومن ذهابه عن البيان له انقطع عن الوصف له، وبذهابه عن الوصف وقع في حقيقة الوجود له...".[1]
[1] رسائل الجنيد، الامام ابو القاسم الجنيد، تحقيق: علي حسن عبد القادر، دار الكتب المصرية،.د.ط، ص:58.