مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

دور علماء القرويين في مقاومة الاستعمار 7

  الدكتور سعيد المغناوي

أستاذ التعليم العالي كلية الآداب والعلوم الإنسانية فاس سايس

 

أما طلبة القرويين وهم نخبة من فاس ومن الواردين عليها من مختلف أنحاء المغرب، فكانوا يجتمعون لمراجعة دروسهم وللتفكير فيما يتحدث به الأساتذة المصلحون. وقد كانت دروس الإصلاح آنذاك موضوعها المجتمع وكيفية تطهيره من الأفكار الضالة والمنحرفة [1].

ومن هؤلاء الطلبة، بدأت تتكون الجماعات الصغيرة المناضلة. فتكونت جماعة منهم اهتمت بالدعوة إلى السلفية ونشر أفكارها، وبالدعوة إلى إصلاح التعليم بالقرويين. ثم من الدعوة إلى إصلاح التعليم بالقرويين انطلقت فكرة إنشاء مدراس حرة ابتدائية سدت بعض النقص الذي كان يشعر به الشعب المغربي في التعليم الابتدائي نتيجة لتقصير الإدراة [2] .

فتأسست المدرسة الأولى وهي مدرسة ” سيدي بناني” ثم المدرسة “الناصرية” وبعدها تكونت مدرستان هما مدرسة “القلقييين” ومدرسة “رحبة القيس”[3] وكلها كانت تهدف أساسا إلى تكوين المواطن المغربي تكوينا صحيحا سليما يرتكز على عقيدته الإسلامية ويتأهل لأن يساهم المساهمة الفعالة في تطوير بلاده من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، دون أن يتنكر لدينه ومن غير أن يقبل الاندماج والانصهار فيما يريده الاستعمار[4] .وفي نفس الوقت تأسست جمعيتان إحداهما ثقافية كان يرأسها الأستاذ محمد المختار السوسي والثانية سياسية سرية كان يرأسها أصغر الأعضاء سنا وهو الأستاذ علال الفاسي، وذلك سنة 1926م[5] .

وهكذا نشأت حركة وطنية إصلاحية مهتدية بالسلفية تعمل على تحقيق الإصلاح الاجتماعي والتعليمي والبلدي والاقتصادي، كان لها صداها القوي بين المواطنين من كل الطبقات.

ومن بين الأعمال التي قامت بها هذه الحركة : [6] 

1-   إصدار مجلة خطية كان علال الفاسي يشرف عليها.

2-   محاولة استغلال بعض الحقوق المكتسبة للنفاد منها إلى تنظيم الجمعيات العلنية. فتأسست في إطار المجلس البلدي بفاس الذي كان شبه منتخب، جمعية خاصة كان رئيسها علال الفاسي وأمينها أحمد مكوار، وطلبت الإذن بها من حاكم الناحية ( الجينرال بيتان) سنة 1929م  فرفض الاعتراف بها .

3-   تنظيم مظاهرة كبيرة للاعتراض على مشروع تحويل ماء نهر فاس للشركات أو الضيعات الأجنبية سنة 1928م . فكان من موجهي هذه الحركة الأستاذان: علال الفاسي والحسن بوعياد . فقد خطبا في الجماهير المحتشدة سواء في مركز المراقبة البلدية أو في المسجد، وكتبا مذكرة باسم سكان فاس قدماها لحاكم فاس العسكري يطلبان فيها سحب المشروع، فتراجعت السلطات الاستعمارية عن خطتها .

4-   العمل في سبيل التحرر الاقتصادي قبل التحرر السياسي وذلك بمقاطعة منتجات المستعمر والاكتفاء بالصناعة المحلية. فبدأ الاهتمام بتحسين صناعة الصوف لتقوم مقام الجوخ الأوربي في فصل الشتاء.

5-   الكفاح من أجل إصلاح التعليم في القرويين وتنظيمه تنظيما عصريا، يخضع لمقررات معينة وأوقات محددة وشهادات تمنح في آخر كل مرحلة من مراحله.

6-   إنشاء المدارس الابتدائية الحرة، لتكون روافد تمد كلية القرويين بالتلاميذ المهيئين لتلقي تعليم منظم وفق برنامج محكم. وقد كان معظم الطلبة الذين أنهوا دراستهم بالقرويين ولهم صلة بالحركة الوطنية ينتقلون إلى الأقاليم، وبدلا من أن يزاولوا خطة العدالة والقضاء أو إمامة المسجد، أخذوا يؤسسون المدارس الابتدائية أو نواة لهذه المدارس.

 

دراسات فاسية، للدكتور سعيد المغناوي، ص24 وما يليها، الطبعة الأولى 1424هـ-2003م. مطبعة آنفو – برينت. فاس.

 

 


[1] – عبد الكريم غلاب : تاريخ الحركة الوطنية المغربية ص: 35

[2] – نفسه ص35

[3] – نفسه ص35

[4] – أبو بكر القادري : قصة النهضة ص: 23

[5]  – عبد الكريم غلاب : تاريخ الحركة الوطنية المغربية ص 38

[6] – نفسه ص: 41-46

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق