مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

دور علماء القرويين في مقاومة الاستعمار 4

الدكتور سعيد المغناوي

أستاذ التعليم العالي كلية الآداب والعلوم الإنسانية فاس سايس

 

وأما في الخارج، فتضامن العمال المغاربة في فرنسا مع المجاهدين، وتحدثت الصحافة الدولية عن شجاعة محمد بن عبد الكريم الخطابي الوطنية ومواقفه البطولية، فقال عنه مراسل “التايمز”: “إن ابن عبد الكريم لم يكن منظما جيدا ومقاتلا رائعا فحسب، بل كان منشئ مراسلات ممتازا وبارعا، وقد تعلم أن يتحدث اللهجة التي كانت أوربا قد ألفتها في البرقيات المتعلقة بالانتدابات وما شابه ذلك…”[1].

وقال عنه مراسل جريدة شيكاغو “تريبيون” الأمريكية: “كان يجسد شعبه في أفضل خصاله، وكان يعبر عنه ويعرفه بصورة أعظم… وكانت عبقريته هي عبقرية شعبه، وقد رفعت إلى قوة أعلى”[2].

وقال عنه مراسل آخر: “ياله من رجل خرج من ذلك المكتب المظلم الصغير الذي يمارس فيه المحاماة (يعني القضاء في مليلية) إلى المركز الفريد في بلاده، أتراه دجالا باركه الحظ، أم أنه أحد أبطال الملاحم، أو سيف الإسلام المسلول؟ تلهبه حمية الفاتحين الأولين الذين خرجوا من الجزيرة العربية؟ لعل فيه شيئا من الخصال الثلاث لكنه قبل كل شيء ابن أريب للقرن العشرين، ورجل ذكي كفؤ، وواسع الحكمة… وكان يملك الشيء الأساسي وهو القدرة على التركيز، وبعد النظر، وأنه بعد ذلك يقدم الأسطورة للعالم، بإيقاظ الطاقة البربرية من رقادها”[3].

وقال عنه مراسل جريدة “نيويورك تايمز الأمريكية”: “إن كثيرا ممن يجهلون الحقيقة عن شخصية ابن عبد الكريم يبخسونه حقه ولا يقدرونه التقدير اللائق بالمقام الذي ناله ببلده وجهده، وأكسبه براعة وكفاءة، فهو أحد الذين يبث الله فيهم روح الزعامة، ويمنحهم القوة والشجاعة ليتولوا قيادة شعوبهم وأبناء عشيرتهم، في طريق الاستقلال والحرية، وتحقيق الأماني القومية، وهذا علاوة على أنه مصلح كبير وعسكري قدير، وله في بلاد الريف تأثير لا يضارعه تأثير”.[4]

وقالت عنه جريدة “الطان الفرنسية”: “… ليس في ابن عبد الكريم وثورته ما يبعث على الدهشة والاستغراب، فقد اعتادت بلاد المغرب أن تنجب من وقت لآخر رجلا ثائرا”.[5]

ووصفه الأمير شكيب أرسلان بأنه بطل الإسلام، وأسده الضرغام، والعلم المفرد الذي سار بذكره القاصي والداني والخاص والعام.[6]

أما ما كان معروفا به لدى رفاقه في الجهاد، فالرجل كما وصفه كثير منهم، وطني مخلص شهم، له مبادئ قارة في جميع أطوار حياته. لم تفتنه بهاريج الدنيا وملذاتها، ولا خطر بباله قط أن يضع شارات تميزه عن إخوانه، ولا استعلى عنهم في مكان مأموريته. وكان إذا جن عليه الليل بات مع أصحابه في دارة واحدة، وإذا حضر وقت الصلاة خرج إلى العراء ليؤم المجاهدين في سبيل الله، ثم يعقد معهم جلسة عمل ليحدثهم فيها عن فضائل الجهاد، وعن المآسي التي تنتظرهم إن لم يفعلوا ما في وسعهم لطرد العدو الغازي، ويحثهم على النبل في معاملة العدو عندما يسقط أسيرا في أيديهم، وعند التغلب عليه في المعارك والمواجهات[7].

 

دراسات فاسية، للدكتور سعيد المغناوي، ص17 وما يليها، الطبعة الأولى 1424هـ-2003م. مطبعة آنفو – برينت. فاس.

 

 


[1]  ـ نقلا عن كتاب (حرب الريف التحريرية للبوعياشي)، 1/14.

[2]  ـ نفسه، 1/15.

[3]  ـ نقلا عن كتاب (حرب الريف التحريرية) للبوعياشي 1/16.

[4] – نفسه، 1/17.

[5] – نفسه، 1/17.

[6] – نفسه، 1/17.

[7]  ـ البوعياشي: حرب الريف التحريرية، 1/17ـ18.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق