مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثأعلام

درَّاس بن إسماعيل الفاسي تـ357هـ

هو الفقيه الحافظ، الصالح العابد، أبو ميمونة درّاس بن إسماعيل الفاسي، لم تتحدث المصادر عن تاريخ ولادته، ولا عن أسرته، ولم تذكر اسمه الحقيقي، وكل ما ذكرت أنه سمي دَرَّاسا لكثرة دراسته للعلم، حتى غلب عليه هذا اللقب، وبه عُرِف واشتهر، والله أعلم.

بدأ طلبه للعلم بالأخذ عن شيوخ بلده، ورحل فدخل إفريقية فأخذ عن أبي بكر بن اللَّبَّاد (ت333هـ)، وغيره، وبالإسكندرية عن علي بن أبي مطر المعافري (ت339هـ)، سمع عليه كتاب ابن المواز، وحدث به بالقيروان، سمعه منه أبو محمد بن أبي زيد القيرواني(ت386هـ)، وأبو الحسن علي بن محمد القَابِسي(ت403هـ)، ودخل أيضا الأندلس مجاهدا وطالبا، فسمع منه أبو الفرج عبدوس بن خلف الطليطلي(ت390هـ)، وأبو القاسم خلف بن أحمد القرطبي المعروف بابن أبي جعفر(ت393هـ)، وغير واحد، وقال القاضي عياض:«وأراه رحل لبلدنا» أي سبتة، ثم ذكر بعض من أخذ عنه من أهلها كأبي عبد الله محمد بن علي، المعروف بابن الشيخ السبتي المتوفى في حدود (400هـ)، وأخيه حسن بن علي، وعمر بن ميمون بن أبي بكر القيسي، وحمود بن غالب الهمداني وغيرهم.

بلغ المترجم شأوا كبيرا في الفقه المالكي، ومعرفة مسائله وقضاياه؛ وذاع بين الناس مخالفته لشيخه أبي بكر بن اللّبَّاد في حديث في الموطأ، ومناقشته له حتى سلم لرأيه واعترف بفضله وحفظه، كما ارتبط اسم درَّاس بن إسماعيل بالجهود التي بذلها في نشر المذهب المالكي بالمغرب، وقد كانوا قبله على مذهب أبي حنيفة، وفي هذا السياق اعتبر غير واحد من مترجميه أنه أول من أدخل مدونة سحنون مدينةَ فاس، وكان له مسجد بحي يسمى مصمودة من عدوة الأندلس؛ يتجمع فيه الطلبة لقراءة الفقه، ويقال: إن قبلته أقوم قبلة بفاس، ونقل القاضي عياض في «ترتيب المدارك» عن أبي بكر المالكي أنه قال: «كان أبو ميمونة من الحفاظ المعدودين، والأئمة المبرزين من أهل الفضل والدين، ولما طرأ إلى القيروان اطلع الناس من حفظه على أمر عظيم حتى كان يقال: ليس في وقته أحفظ منه»، وقال ابن الفرضي:«كان فقيها حافظا للرأي على مذهب مالك».

وإلى جانب مبلغه في العلم والفقه، فقد اشتهر بالزهد والعبادة، والدين المتين، والتورع عما في أيدي الناس.

وتنسب لأبي ميمونة رسالة في الدفاع عن الأشعرية حيث يحكى عنه أنه كان متحمسا للمذهب الأشعري، وتوفي رحمه الله في ذي الحجة سنة (357هـ) على المشهور من الأقوال، وذكر بعضهم أنه توفي سنة (358هـ)، وقيل غيرها، ودفن بفاس خارج باب الفتوح، وقد جدد السلطان أبو عنان المريني قبره سنة (754هـ)، ووضع عليه مربعة رخام منقوشة باسمه، وتاريخ وفاته، واعتبر من أولياء مدينة فاس.

مصادر الترجمة: تاريخ ابن الفرضي (2/173)، بغية الملتمس (ص292)، ترتيب المدارك (6/81)، تاريخ الإسلام (8/115)، جذوة الاقتباس (1/194)، نيل الابتهاج (ص175)، الروض العاطر الأنفاس (ص49)، سلوة الأنفاس (2/197)، معلمة المغرب (12/3987).

إعداد: ذ.جمال القديم.

Science

الدكتور جمال القديم

باحث مؤهل بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء،

ومساعد رئيس مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بملحقة الدار البيضاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق