الرابطة المحمدية للعلماء

دراسة ترصد قضايا الطفل وصورته في الصحافة المكتوبة

وتعتمد على تحليل مضمون الصحافة المكتوبة في تناولها لموضوع الطفل من كل الجوانب

قدم محمد عواد، مدير المكتب الدراسات “اكس ايتيد” يوم أول أمس الثلاثاء، بحضور نزهة الصقلي وزيرة التنمية الاجتماعية نتائج دراسة متعلقة بالطفل والصحافة المكتوبة أنجزها هذا المكتب. واستندت هذه الدراسة إلى منهجية لتجميع المعطيات، اعتمادا على تحليل مضمون الصحافة المكتوبة في تناولها لموضوع الطفل من كل الجوانب، كما قامت هذه الدراسة، حسب عواد، إلى إجراء بحث مع الصحافيين ومقابلات مع مديري وسائل الإعلام والفاعلين المؤسساتيين.

وحسب هذه الدراسة، التي نشرتها الجريدة الأولى بعرض عبد الحليم لعريبي، فقد تم تحليل مضمون ما مجموعه 680 مقالا، كتبت خلال سنة 2007، منها 180 مقالا باللغة الفرنسية و500 مقال بالعربية في مختلف الصحف اليومية والمجلات والأسبوعيات الأكثر انتشارا، كما غطى هذا البحث الميداني 15 في المائة من الصحافيين المهنيين وتم استجواب حوالي 12 شخصية من ميدان الصحافة المكتوبة والنسيج الجمعوي.

وكشفت هذه الدراسة في تحليل مضمون المقالات الصحفية خلال 2007، تم تسجيل في الصحافة الناطقة بالفرنسية طغيان المقالات ذات الصبغة المؤسساتية.

ففي 82 مقالا من أصل 180 باللغة الفرنسية تم إحصاؤها بنسبة 45 بالمائة تشكل فيها الأطفال أو الفتيات التي يقمن بعمل منزلي، وتشكل حقوق الطفل في علاقتها بالاستغلال الاقتصادي بـ20 بالمائة، بينما يشكل استغلال الأطفال جنسيا موضوع ما يناهز 18 بالمائة من المقالات.

أما في الصحافة الناطقة بالعربية يشكل موضوع سوء المعاملة والاستغلال الجنسي في مقدمة المواضيع بنسبة 37.8 بالمائة، أما المقالات التي تتناول موضوع حقوق الطفل 28.4 بالمائة.

وفيما يخص تحليل الخطاب والاختيارات في التناول، كشفت هذه الدراسة أن الصحافة الفرنسية وبصرف النظر عن نوعية الموضوع المتناول تطغى الجمل الاسمية في الخطاب السائد في المقالات الإخبارية، وتكشف هذه الملاحظة في الصحافة الفرنسية إلى عمل المكتب على حساب العمل الميداني. أما في الصحافة الناطقة بالعربية فيجنح مقال من بين اثنين جزئيا إلى الأسلوب المباشر.

وفي هذا السياق، قال مدير مكتب الدراسات محمد عواد، إن الصحافة الناطقة بالعربية تولي اهتماما بالغا للشهادة الوحيدة وتستند أحيانا إلى شكوى ضد مجهول لتجعل منه محور الخبر ولا تعمل على فرز الخبر مسبقا في غياب التحقق من مصادر أخرى.

من جهة أخرى، أكد عواد أن موضوع الخبر بنسبة 85 بالمائة من المقالات التي يتم تحليلها بينما هدف التحسيس يبقى ثانويا، مشيرا إلى أن صحافيي الجرائد الناطقة بالعربية يتمتعون بثقافة قانونية محترمة. وفيما يخص مصادر الخبر المتعلقة بالأطفال، كشفت الدراسة أن السمة الأبرز في الصحافة العربية تفتقر إلى مصدر الخبر، حيث يعمل بعض الصحافيين على تملك الخبر دون الإشارة إلى مصدره، وفي بعض الحالات يطلب من المصدر عدم كشف هويته، وسجلت هذه الدراسة ضعف مصادر الخبر لدى المنظمات غير الحكومية والدولة باعتبارها مصادر للمعلومات.

أما الصحافة الناطقة بالفرنسية يشكل غياب المصدر أيضا فيها مؤشرا على هشاشة الموضوع وضعف وفرة المعلومات المتسمة بالشفافية.

وعن أهمية موضوع الطفل في الصحافة، سجلت هذه الدراسة أن 26 بالمائة من المواضيع التي أحصتها تتعلق بالمنشور أو الإعلان عنه في الصفحة الأولى للصحف، مع اختلاف في أهمية المواضيع كالإساءة الجنسية بنسبة 50 بالمائة من الصفحات الأولى، والمدرسة بنسبة ضعيفة جدا0.1 بالمائة.

وذكرت هذه الدراسة أن الموضوع الثاني من حيث درجة الأهمية في المقالات المنشورة بالصفحة الأولى يتعلق بالأحداث الراهنة المتصلة بالميل الجنسي إلى الأطفال بنسبة 29 بالمائة من الحالات، وحقوق الطفل بنسبة 25 بالمائة، والمقالات ذات الطابع المؤسساتي بنسبة 17بالمائة، وسجلت هذه الدراسة ملاحظتين: أولها الهاجس التجاري الذي يتحكم المقال في الصفحة الأولى وليس توعية المعالجة، وتأتي التحقيقات والبحوث في صدارة التقنيات المعتمدة في الصفحة الأولى. أما بالنسبة للصورة، ففي مجموع المقالات التي تم إحصاؤها تنطوي الصورة بنسبة 10 بالمائة من الحالات وتهم تجاوزات كعرض صور الأطفال الضحايا بشكل مفرط أو صور تعرض سوء المعاملة.

وفيما يخص الاعتبارات الأخلاقية في التعاطي لموضوع الطفل، سجلت هذه الدراسة، أن مجموعه من 223 بنسبة 33 بالمائة، يمثل إخلالا بالقواعد الأخلاقية و75 بالمائة لعدم الإشارة إلى المصدر، و11 بالمائة لعدم التحقق من الخبر من مصادر أخرى، و9 بالمائة بسبب ذكر أسماء الأطفال قد تتسبب في عمل انتقامي ضدهم، و5 بالمائة من جراء اللجوء إلى أطفال كشهود من دون الحصول على إذن الآباء.

وأشارت الدراسة إلى أن هناك غموضا بالنسبة للصحافيين المستجوبين، حيث يحددون أغلبهم سن الطفل في 15 سنة، ويعتبرون الطفل قاصرا أو غير مسؤول أو يكون غير متهم ويتم الحكم عليه كأي فرد آخر. في المقابل، قال عواد إن الصحافيين ملمون بالقواعد الأخلاقية لممارسة مهنة الصحافة ويجمعون على حق الطفل في حماية صورته في وسائل الإعلام.

فيما يقول الصحافيون في هذه الدراسة “إن الأهمية التي توليها الصحافة المغربية المكتوبة للمواضيع المتصلة بالطفل غير منتظمة أو مناسباتية حيث تتعلق بالأحداث المرتبطة بالدخول المدرسي”.

كما يشكل الاختيار الشخصي في المقام الأول الدافع الأساسي في الكتابة، بينما يتناول بعضهم الموضوع انطلاقا من الواجب المهني، وتتصل مواضيع الطفل التي يفضل الصحافيون تناولها بالاستغلال الاقتصادي للطفل أو بإساءة المعاملة المرتبطة غالبا بالأطفال ضحايا الاعتداء الجنسي، وكذا بالوضعية الراهنة لأطفال الشارع والخادمات.

وحسب الدراسة، فإن الخبر المنشور حول موضوع الطفل يستمد مادته بالأساس من التحقيقات والروبورتاجات. وانطلاقا من هذه الدراسة، التي تم تحليلها سجل الصحافيون ثمة تصورا سلبيا للعمل التي تنجزه الصحافة، وكذا عدم الرضى الذي يتقاسمه المهنيون وصناع القرار كما تختلف الحلول المقترحة.

وانطلاق من هذه الدراسة، تم إصدار بعض التوصيات كرصد وتتبع المقالات الصحافية التي تتناول موضوع الطفل وما يضطلع به المرصد الوطني لحقوق الطفل، إضافة إلى تنظيم وهيكلة وتوحيد المعلومات فيما يتعلق بحقوق الطفل في تناول وسائل الإعلام، وكذا إعداد استراتيجية للتواصل، وتكوين الصحافيين ومجموع ممثلي المهنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق