الرابطة المحمدية للعلماء

حتى تُصبِح اللغات الحيّة دعامة من دعامات الفاعلية الحضارية

نادية حليم: الرُّقِي باللغة العربية يمرُّ عبر ابتكار طرق حديثة للتدريس

كان النقاش حول دور اللغات الحية في تحقيق النهضات العلمية للمجتمعات، محور ركن “الحوار الحي” الذي يبثه موقع الرابطة المحمدية للعلماء، في نسخته الأخيرة، زوال يوم الخميس 22 أبريل الجاري، من خلال استضافة الدكتورة نادية حليم، الأستاذة بمؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط، والمتخصصة في موضوع دور اللغات في تيسير الحوار بين الثقافات و الحضارات.

وبداية، كان ضروريا التوقف عند ماهية الحديث عن مفهوم اللغة الحية، واعتبرتها الدكتورة، بمثابة اللغات المستعملة والمتعامل معها، واللغة العربية هي من أهم اللغات الحية حيث تحتل الربتة الرابعة تقريبا بين اللغات الحية بعد الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، ولو أن ترتيب أهم اللغات الحية يأتي كالتالي: اللغة الإنجليزية أولا حيث تستعمل كلغة رسمية في 65 دولة “أنكلو ساكسونية”، ثم اللغة الفرنسية التي تستعمل كلغة رسمية في 51 دولة فرانكفونية، بعد ذلك تأتي اللغة الإسبانية التي يتم التحدث بها رسميا في 23 دولة (في القارة الأمريكية وإسبانيا ) ثم تأتي اللغة العربية في الصف الرابع حيث تستعمل كلغة رسمية في 22 دولة ولكنها مع ذلك تستعمل كلغة ثانية في مجموعة من الدول مثل التشاد.

وعن العدد الحقيقي للغات الحية، فلا توجد هناك إحصاءات دقيقة، ولكن الدكتورة نادية حليم، تؤكد أن هناك أكثر من 6000 لغة حية في العالم حسب تقرير لليونسكو نشر عام 2006، إلا أن معظمها مهدد بالانقراض، ذلك لأن 97 في المائة من سكان العالم يستعملون 4 في المائة فقط من اللغات العالمية الحية بينما يتحدث 3 في المائة من باقي سكان الأرض 96 في المائة من باقي اللغات التي يتهدد معظمها الانقراض بسبب عدم توفرها على شروط القوة والاستمرارية.

وعن موضوع تفضيل بعض المفكرين والأدباء الكتابة بلغة أجنبية عوض اللغة العربية التي تتصف بكل شروط الاستمرارية والديمومة وتتسم بالبعد الديني الإنساني، ترى المتدخلة أن معظم هؤلاء يعتقد أن اللغة العربية لا تتوفر على شروط النهوض العلمي والثقافي ويفضلون استعمال لغات أجنبية هي حسب اعتقادهم تتماشى مع ما يعرفه العصر  من تقدم في مجال العلمي والتقني. وللخروج من هذا المشكل، تضيف نادية حليم، أن أي أمة أرادت النهوض فلن تنهض إلا بلغتها الأم ويمكنها الاستفادة مع ذلك من لغات الأمم المتقدمة عن طريق الترجمة، كما فعل أسلافنا في أوج الحضارة الإسلامية حيث ترجموا عن الحضارات اليونانية والهندية والفارسية (مثلا: ترجمات أرسطو، وكليلة ودمنة والأعمال الفلسفية …) وأخذوا منها، إلا أنهم انطلقوا بعد ذلك إلى الإبداع والابتكار والتجديد وألفوا بلغتهم الأم اللغة العربية.

وبخصوص درجة وعي المسؤولين العرب بأهمية تعليم اللغات العالمية الحية للطلاب، لما لها من تأثير على الجانب التواصلي والعلمي والمعرفي، تدعو الدكتورة نادية حليم، إلى حتمية اجتهاد المؤسسات التعليمية في توفير الوسائل المادية والتقنية لتساعد على تعليم أفضل للغات، مضيفة أنه إلى جانب الوسائل المادية والتقنية، نحتاج إلى طرق حديثة تعتمد على التعليم المهاري والتواصلي ليتمكن طلاب من حسن استعمال هذه اللغات في مجالات حياتهم المختلفة. وأخيرا، تضيف نادية حليم، نحتاج للرقي بتعليم اللغات الأجنبية إلى الرغبة والاهتمام من جانب الطلاب أنفسهم لأنه إذا ضعفت أو انعدمت هذه الرغبة فلن يكون للوسائل التقنية ولا للطرق الحديثة أي دور في هذه العملية.

من الأسئلة التي كانت منتظرة، موضوع الوضع المتدني الذي تعرفه اللغة العربية، ويرجع برأي المتدخلة إلى عدة أسباب، وعلى رأسها أن هذه اللغة هي حبيسة المؤسسات التعليمية وليست لها أي علاقة بالحياة العامة للمواطنين.

كما أن من أسباب هذا الوضع، ضعف وضوح أهداف تعليم اللغة العربية في المؤسسات التعليمية بالإضافة إلى اعتماد مناهج وطرق تقليدية في تدريسها تبتعد عن تركيز المهارات التواصلية. وللرقي باللغة العربية لابد من إعادة التفكير في أهداف تعليمها وتدريسها وابتكار طرق حديثة للتدريس وتحفيز مدرسيها وطلبتها.

إلى جانب ذلك، لابد أن تقوم وسائل الإعلام والقيادات الثقافية في نشر وعي كاف بدور اللغة العربية وأهميتها في الحياة وقدرتها على المساهمة في النهوض الحضاري.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق