الرابطة المحمدية للعلماء

تَشكُّل الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين في المتخيل الغربي

د. أقجوج: مطلوب استراتيجية شاملة لمواجهة آثار الصورة النمطية السلبية عن المسلمين في الغرب

مساهمة في الكشف عن مقدمات تشكّل الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين في المتخيل الغربي ومحدداتها، وطبعا التوقف عند انعكاساتها على الحوار الثقافي والفكري بين الإسلام والغرب، من بين محاور ركن الحوار الحي الذي يبثه موقع الرابطة المحمدية للعلماء، زوال يوم أمس، الأربعاء 16 يونيو، من خلال استضافة الدكتورة ناجية أقجوج عضو مجموعة البحث في مجال تصحيح صورة الإسلام التابع لكلية الشريعة بفاس.

وانطلقت المتدخلة الكريمة بداية، من الإشارة إلى أن ظاهرة الخوف الغربي من الإسلام، تُعتبر من الظواهر المرضية التي نتجت عن الصورة النمطية القروسطية المتجذرة الناتجة عن جذور صراع الشرق والغرب، مضيفة أنها تنامت في العهود الأخيرة بشكل مخيف بسبب مجموعة من العوامل، منها الخوف من تنامي وزيادة عدد المسلمين في الغرب، حيث أصبح الغرب في وضع الخائف من الإسلام، ومن كل ما له صلة بالمسلمين وخائف على مصالحه، وخصوصا إذا علمنا أن ظاهرة الاسلاموفوبيا إنما نتجت أصلا عن ظاهرة الزينوفوبيا أو الخوف من الغرباء ومن كل غريب، فلعل انتشار الإسلام وإقبال العديد من الغربيين على اعتناقه في السنوات الأخيرة هو ما جعل الغرب في وضع الخائف ويحاول نهج سياسة التخويف بكل الوسائل الممكنة والمتاحة من أجل تشويه الإسلام والمسلمين والحد من التعرف عليه واعتناقه.

وعن دور وسائل الاتصال والتواصل ووسائل الإعلام في مأزق تشويه صورة الإسلام والمسلمين، اعتبرت الدكتورة ناجية أقجوج أن هذه الوسائل، أذكت جميع الظواهر المرضية والصورة النمطية، وفي وقت أصبح في الإعلام وسيلة مهمة للتواصل والتعارف، ومع تنوع وسائل الاتصال العالمية واختصار المسافات وجب استثمار تلكم الآليات للتواصل والتعريف بالإسلام ومبادئه السمحة، وتوظيفها للحوار والتحاور وفق المنهج الإسلامي، ثم العمل على تطوير السبل وإيجاد آليات للعمل من الارتقاء بالتعريف بالإسلام بالاعتماد على اللغات الأجنبية والمختصين والمتخصصين، مؤكدة على أن المسؤولية في التعريف بالإسلام وإزالة ما علق به من الصورة النمطية القروسطية التي باتت تشكل حاجزا للتواصل هي مسؤولية مشتركة بين العالم والإعلامي والمتخصصين في اللغات الحية من أجل التبليغ والتفهيم والتواصل بالحكمة والمجادلة بالحسنى.

وعن تأثير ممارسات بعض المسلمين المقيمين في الغرب وأيضا بعض الممارسات التي تصدر عنا في الدول العربية والإسلامية، بخصوص تكريس صورة نمطية اختزالية عن الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام، أكدت المتدخلة الفاضلة، أنه في الوقت الذي نتهم فيه الغرب ومعه إعلامه الضخم في تشويه صورة الإسلام والنبي محمد عليه الصلاة والسلام والمسلمين، فإننا في الجانب المقابل نلقي اللوم على المسلمين في كل مكان في الغرب وفي كل العالم، فالله تعالى يقول: (قل هو من عند أنفسكم) [سورة آل عمران، الآية 165]، معتبرة أن تقصير المسلمين في التعريف بالإسلام أولا ثم عدم التمثل لأخلاقيات الرسول عليه الصلاة والسلام ومبادئ الإسلام باتت تشكل لا تقل عن الوسائل المشكلة للمنظومة العامة المشوهة للإسلام، فالتصرفات غير المسؤولة ممن لم يفقه الإسلام على حقيقته أو ممن عاطفته أقوى وعلمه قليل أو هي السبب في كل ذلك، ولكن، تضيف ناجية أقجوج، ففي الوقت الذي نؤمن بأن السلوكيات لها أثرها في التشويه وفي التصحيح، فعلى الغرب أن يُميز بين الإسلام وبين سلوكيات خاطئة صادرة عن أشخاص معينين وفي حالات خاصة.

وعن أهمية الندوات العلمية التي تنظم بين الفينة والأخرى في موضوع تفكيك هذه الصورة النمطية، ومنها الحلقة الدراسية التي نظمت مؤخرا في فرنسا حول الإعلام والإسلام في أوروبا وظاهرة الإسلاموفوبيا، أشادت المتدخلة بمثل هذه المبادرات، مضيفة أننا نحتاج لإعلام إسلامي كفيل بالدفاع والمواجهة، ولا نريد إعلاما إمعة لكل ما هو غربي وغريب عن الإسلام والمسلمين، خاصة أن الغرب يعمل وفق استراتيجية محكمة ومتناسقة يدعمها كبار الساسة والقيادات والمؤسسات العسكرية وتحركها الآلة الإعلامية الهائلة، ومن هذا المنطلق، ترى المتدخلة أن الأهداف التي من أجلها انعقدت تلكم الحلقة الدراسة عن الإسلام والإعلام هي أهداف نبيلة ومعقولة، راجية أن تجد تطبيقا على الواقع وأن تجد طريقها إلى تحقيق ما توصل إليه المشاركون في الندوة خصوصا وأن العمل يحتاج لتضافر الجهود وانخراط الجميع بما في ذلك أصحاب المال، فالمسؤولية مشتركة والواجب واجب ديني كفائي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق