مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكشذور

توقير الصحابه و برهم وجه من وجوه توقيرالنبي عليه الصلاة والسلام و بره

 

          قال القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى:

         “من توقيره و بره صلى الله عليه و سلم ـ توقير أصحابه و برهم و معرفة حقهم، و الاقتداء بهم، و حسن الثناء عليهم ، و الاستغفار لهم، و الإمساك لهم، و الإمساك عما شجر بينهم، و معاداة من عاداهم ، و الإضراب عن أخبار المؤرخين، و جهلة الرواة، و ضلال الشيعة و المبتدعين القادحة في أحد منهم، و أن يلتمس لهم فيما نقل عنهم من مثل ذلك فيما كان بينهم من الفتن أحسن التأويلات، و يخرج لهم أصواب المخارج : إذ هم أهل ذلك، و لا يذكر أحد منهم بسوء، و لا يغمص عليه أمر، بل تذكر حسناتهم و فضائلهم، و حميد سيرتهم، و يسكت عما وراء ذلك ، كما قال صلى الله عليه و سلم : إذا ذكر أصحابي فأمسكوا.
قال الله تعالى :” محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما”[سورة الفتح29].
و قال : (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين

فيها أبدا ذلك الفوز العظيم) [ سورة التوبة 100 ] .
و قال الله تعالى : ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) [سورة الفتح الآية: 18] .
و قال : (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) [ سورة الأحزاب الآية : 23 ] .
حدثنا القاضي أبو علي ، حدثنا أبو الحسين ، و أبو الفضل، قالا : حدثنا أبو يعلى، حدثنا أبو علي السنجي ، حدثنا محمد بن محبوب، حدثنا الترمذي، حدثنا الحسن بن الصباح ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن زائدة ، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : “اقتدوا باللذين من بعدي : أبي بكر ، و عمر”.
و قال : “أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم”.
و عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: “مثل أصحابي كمثل الملح في الطعام ، لا يصلح الطعام إلا به “.
و قال: ” الله لله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضاً بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، و من أبغضهم فببغضي أبغضهم، و من آذاهم فقد آذاني ، و من آذاني فقد آذى الله، و من آذى الله يوشك أن يأخذه”. و قال: “لا تسبوا أصحابي ، فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه” .
و قال: “من سب أصحابي فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً و لا عدلا” .
و قال: “إذا ذكر أصحابي فأمسكوا” .
وقال في حديث جابر: “إن الله اختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين، واختار لي منهم أربعة: أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلياً، فجعلهم خير أصحابي ، وفي أصحابهم كلهم خير” .
وقال : “من أحب عمر فقد أحبني ، ومن أبغض عمر فقد أبغضني”.
وقال مالك بن أنس ، وغيره: من أبغض الصحابة و سبهم فليس له في فيء المسلمين حق ، و نزع بآية الحشر: (وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير، ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب) إلى قوله تعالى: (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) [ سورة الحشرالآيات: 5 ، 10] .
وقال : من غاظه أصحاب محمد فهو كافر ، قال الله تعالى : (ليغيظ بهم الكفار) [سورة الفتح ، الآية : 29] .
وقال عبد الله بن المبارك: خصلتان من كانتا فيه نجا: الصدق، وحب أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم.
قال أيوب السختياني: من أحب أبا بكر فقد أقام الدين، و من أحب عمر فقد أوضح السبيل، و من أحب عثمان فقد استضاء بنور الله، و من أحب علياً فقد أخذ بالعروة الوثقى، و من أحسن الثناء على أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم فقد برئ من النفاق، و من انتقض أحداً منهم فهو مبتدع مخالف للسنة والسلف الصالح، وأخاف ألا يصعد له عمل إلى السماء حتى يحبهم جميعاً ، ويكون قلبه سليماً .
و في حديث خالد بن سعيد أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: “أيها الناس، إني راض عن أبي بكر فاعرفوا له ذلك. أيها الناس، إني راض عن عمر، و عن علي، و عن عثمان، و طلحة، و الزبير، و سعد، و سعيد، و عبد الرحمن بن عوف، فاعرفوا لهم ذلك. أيها الناس، إن الله غفر لأهل بدر و الحديبية، أيها الناس، احفظوني في أصحابي وأصهاري وأختاني، لا يطالبنكم أحد منهم بمظلمة، فإنها مظلمة لا توهب في القيامة غداً”.
وقال رجل للمعافى بن عمران: أين عمر بن عبد العزيز من معاوية ؟ فغضب و قال: لا يقاسب أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم أحد، معاوية صاحبه وصهره، وكاتبه وأمينه على وحي الله .
وأتي النبي صلى الله عليه و سلم بجنازة رجل فلم يصل عليه ، وقال : كان يبغض عثمان، فأبغضه الله.
وقال صلى الله عليه و سلم في الأنصار: “اعفوا عن مسيئهم ، و اقبلوا من محسنهم” .
و قال : “احفظوني في أصحابي و أصهاري، فإنه من حفظني فيهم حفظه الله في الدنيا و الآخرة، و من لم يحفظني فيهم تخلى الله منه، و من تخلى الله منه يوشك أن يأخذه”.
و عنه صلى الله عليه و سلم: “من حفظني في أصحابي كنت له حافظاً يوم القيامة”.
و قال: “من حفظني في أصحابي و رد علي الحوض، و من لم يحفظني في أصحابي لم يرد علي الحوض، و لم يرني إلا من بعيد”.
قال مالك رحمه الله : “هذا النبي مؤدب الخلق الذي هدانا الله به، و جعله رحمة للعالمين، يخرج في جوف الليل إلى البقيع فيدعوا لهم و يستغفر كالمودع لهم، وبذلك أمره الله، و أمر النبي بحبهم، و موالاتهم، و معاداة من عاداهم”.
و روى عن كعب: “ليس أحد من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم إلا له شفاعة يوم القيامة”.
و طلب من المغيرة بن نوفل أن يشفع له يوم القيامة.
قال سهل بن عبد الله التسترى : لم يؤمن بالرسول من لم يوقر أصحابه، و لم يعز أوامره”.

“الشـفـا بتعـريف حقـوق المصطـفى”

تحقـيق وتقـديم عـامر الجزار

طبعة 1425 هـ – 2004م

دار الحديث القاهرة

2/296

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق