الرابطة المحمدية للعلماء

تطور تكنولوجي غير مسبوق في تشخيص مرض “الزهايمر”

التشخيص عبر الكومبيوتر سيسهم في اكتشاف علاج أنجع لمرضى “الزهايمر”

أصبح لجهاز الكومبيوتر المُزَوّد ببرامج معلوماتية متخصّصة قدرة تفوق  قدرة الأطباء في تشخيص “الزهايمر” بسرعة ودقة كبيرتين، وفي تقديم جميع المعلومات ذات الصلة بهذا المرض وتصنيف مختلف أنواعه، وذلك عبر إجراء اختبار طبي يعتمد على الاهتزازات المغناطيسية. كما يستطيع هذا الحاسوب الكشف عن حجم الإصابات الدماغية التي تتسبب بمرض “الزهايمر” “بنسبة عالية من الصحة تصل إلى 96%.

هذا ما أكدته دراسة حديثة صدرت عن «المعهد الطبي» في جامعة لندن أعدها باحثون بريطانيون متخصصون في معالجة مرض «ألزهايمر» Alzheimer المعروف أيضاً باسم “خرف الشيخوخة” الذي يصيب عادة الأشخاص في سن ما فوق 60 سنة.

 وبمقتضى هذا الإنجاز العلمي التكنولوجي فإن تشخيص هذا المرض أصبح أكثر دقة، دونما حاجة للجوء إلى التصوير الطبقي بأشعة إكس أو بالرنين المغناطيسي، كما هو مُتّبع حالياً. فضلا عن كون العلاج بالكومبيوتر أقل كلفة، كما أن نتائجه أسرع، وبالنظر إلى صعوبة التمييز بين مرض “الزهايمر” والاختلالات العقلية المشابهة، يأمل هؤلاء الباحثون البريطانيون بأن تسهم هذه النتائج المشجعة في اكتشاف علاج أفضل لمرضى “الزهايمر” الذين يناهز عددهم  حوالي 24 مليوناً وفقا لتقديرات “منظمة الصحة العالمية” التي تؤكد أن معدل انتشاره بين النساء أكثر من الرجال، كاشفة أن هذا العدد سيتضاعف بحلول العام 2020، خاصة وأن معدل الإصابات السنوية يصل إلى قرابة 7000 حالة..

 وجدير بالذكر أن الدول المتقدمة تعد من أبرز ضحاياه نظراً لارتفاع نسبة المسنين فيها. حيث يصل عدد المصابين في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 4 ملايين، ويتوقع أن يرتفع إلى زهاء 14 مليوناً عام 2050، بينما يلاقي قرابة 100 ألف شخص حتفهم سنوياً من جراء هذا المرض. أما في فرنسا فيبلغ عدد المصابين قرابة 350 ألفاً يتوفى منهم سنوياً حوالي 14 ألفاً.

ومن المعلوم أن مرض “الزهايمر” اكتشف للمرة الأولى عام 1906 على يد طبيب أعصاب ألماني يدعى “لويس الزهايمر”. وقد سبق لدراسة أنجزها”المعهد الأميركي لعلوم الصحة” ونشرتها مجلة “اتجاهات علوم الأعصاب” أن أشارت إلى اختلاف الباحثين في تحديد أسباب هذا المرض؛ فبينما ذهب فريق إلى  أنه ينتج عن حالة مرضية تتعرض فيها خلايا الدماغ العصبية  بشكل مضطرد، وعلى مدى سنوات قبل ظهور العوارض الأولى، إلى خلل في أداء وظائفها الطبيعية نتيجة “تلاصقات” من نوع خاص من البروتينات، تسفر عن تشكل صفائح تحمل اسم “بلاك اميلويد” Plaques Amyloides. أرجعه فريق آخر إلى  تراكم عناصر من قبيل الزئبق والرصاص والألمنيوم على أعصاب المخ، ما يعرقل عملها في توصيل الإشارات العصبية إلى مراكز التذكر والتعلم، ويؤدي ذلك لاحقاً إلى تآكل الخلايا العصبية وتقلّص حجم المخ وتلافيفه. في حين رجح فريق ثالث أن “الزهايمر”يعود إلى عوامل وراثية، فتنقله الجينات العائلية من جيل إلى جيل. كما ربطه فريق رابع بسوء نظام التغذية الذي يؤثر سلبياً في الأداء الوظيفي للدماغ.

وبغض النظر عن هذا الاختلاف، فإن الأطباء المتخصصين في تشخيص “الزهايمر”  يتفقون على وجود نوعين أساسيين منه؛ أحدهما قابل للعلاج خاصة إذا ما تم تشخيصه ومعالجته في مرحلة مبكرة من العمر (بين 23و50 سنة)، الأمر الذي يؤدي إلى تفادي ظهور عوارض النسيان، والارتباك في التذكر، والتصرفات غير العادية، والخمول وعدم القدرة على ممارسة الحياة اليومية في شكل طبيعي.
أما ثانيهما الذي يعد أكثر خطورة فلا علاج له ولا شفاء منه، ويعاني منه كبار السن ممن تجاوزوا الستين من العمر. حيث يصاب هؤلاء بالهذيان والنسيان المطبق والإعاقة النفسية والجسدية بشكل لا يستطيعون معه تحضير طعامهم أو قيادة السيارة أو اجتياز الشارع بمفردهم، ولا يقدرون على تدبير الحسابات المالية والمصرفية وغيرها. كما يتعرضون لضعف شديد في البصر ولنوبات عصبية، إلى جانب عجزهم عن تذكر أسمائهم أو أرقام هواتفهم أو أماكن إقامتهم أو أحد أفراد عائلتهم أو أصدقائهم، الأمر الذي  يجعل حياتهم عرضة للكثير من الأخطار إذا ما تركوا دونما مراقبة أو مساعدة، علماً أن معاناتهم مع “الزهايمر” قد تمتد فترة تراوح بين 8 و20 سنة.

 وتشير مجلة “اتجاهات علوم الأعصاب” الأميركية إلى أن مجموعة من الأمراض الأخرى كالسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وارتفاع نسبة الكولستيرول، تساهم في تنامي خطورة “الزهايمر”.          

وفي إطار الوقاية، يذكر أن «مركز سانت لوك الطبي» الأميركي يعالج المراحل الأولى من مرض «ألزهايمر»، بالوقاية والإرشادات والتوصيات والنصائح أكثر من الأدوية التي لم يفلح أي منها في شفاء المصابين به. ويشدّد ذلك المركز على تناول الزيوت غير المُهَدْرَجة الموجودة في الخضراوات، وعلى اللبن والموز والتمر وعصير الفاكهة واللحوم الحمر والزيوت النباتية والفواكه الطازجة، إضافة إلى الحرص على تناول وجبتين من الأسماك مرة أو مرتين في الأسبوع، ومزاولة رياضة المشي وممارسة الأعمال اليدوية في البيت أو الحديقة أو العزف على بعض الآلات الموسيقية أو غير ذلك مما ينشط الجسم والدورة الدموية للدماغ.

كما يوصي المركز بالتعامل مع المصابين بمرض “الزهايمر” بطريقة إنسانية وإحاطتهم بالعطف والرعاية والاهتمام وتشجيعهم على الحركة ومراقبتهم داخل المنازل وخارجها..
(عن الحياة اللندنية 19/10/08 بتصرف)

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق