مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةأعلام

ترجمة الشيخ أحمد بن موسى السملالي

د.مصطفى بوزغيبة

باحث بمركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة

نسبه:

     هو الشيخ أحمد بن موسى[1] بن عيسى بن عمر بن أبي بكر بن سعيد بن محمد بن عبد الله بن يوسف بن صالح بن طلحة بن أبي جمعة بن علي بن عيسى بن الفضل بن عبد الله بن جندوز بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن حسان بن إسماعيل بن جعفر بن عبد الله ابن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، السملالي الجزولي، نزيل تازروالت.

حياته:

    بدأت قصة اتصاله بأولياء الله الصالحين لما كان صبيا، بحيث فتح الله عليه ببركة مساعدته لشيخ كبير على حمل قفة، يقول الشيخ سيدي احمد بن موسى عن بداية أمره وسلوك طريق التصوف: “كنا نلعب الكرة، إذ طلع علينا شيخ كبير على رأسه قفة تين، فقال لنا: معشر الأحداث، من يرفع عني هذه القفة رفع الله مقامه فوق المقامات، وسلك به في البلاد مسالك لم يسلكها نبي ولا ولي، فألهمني الله فأخذتها منه وأوصلتها للموضع الذي قصده، فرجعت لأصحابي فرحا، فسقطت العصا من يدي، وغشي علي ثلاثة أيام، فلما أفقت تجهزت لقطب زمانه وشيخ الطائفة في وقته الولي الشهير عبد العزيز بن عبد الحق الحرار الفاسي، المعروف بالتباع، وارث سر أبي عبد الله الجزولي صاحب دلائل الخيرات. فلما وصلته وسلمت عليه قال: مرحبا بك يا ولي الله…”[2]

     أخذ الشيخ سيدي أحمد بن موسى عن خلق كثير من أهل الولاية والعرفان، حتى ذكر تلميذه العالم أبو العباس أحمد بن محمد الدرعي المعروف بأذفال نقلا عن شيخه سيدي أحمد بن موسى أن له ثلاثمائة شيخ أو أكثر. وعن بعض أولاد الشيخ سيدي أحمد بن موسى قال: قال: لي والدي: لي ثلاثمائة شيخ ونيف وستون شيخا من أهل العرفان الكمل.

فضله وأقوال العلماء والصالحين فيه:

     هو باتفاق أهل العلم والصلاح شيخ الطريقة والتربية، بلغ شأوا عظيما في التربية وتعظيم حرمات الشرع، قال الحضيكي: “وقد أجمع علماء وقته وأولياء عصره على تقدمه، واعترفوا أنهم ما بلغوا موضع قدمه، ولا شقوا له غبارا، وكراماته ومناقبه مشهورة لا يحيط بأقلها ديوان، وتربى على يده وصلح ووصل من الأولياء خلق لا يحصون عدا، وبركته وصيته عمت أقطار الأرض”.[3]

     كان فكر الشيخ سيدي أحمد بن موسى مبنيا على الحب والتقدير والتعظيم لمخلوقات الله، دأبه دأب الصوفية الكبار الذين حاولوا بناء المجتمع على قيم التسامح والاعتدال، ونبذ كل أشكال التطرف والغلو، يتبين لنا ذلك من خلال ما جاء في مناقب البعقيلي، حين الحديث عن الشيخ الفقيه الولي الصالح العام العامل سيدي محمد بن إبراهيم من موضع ( تيزكي بني عقيلة) تضرب له الرحلة و جرت لنا معه حكاية (أي مع سيدي محمد بن إبراهيم) وهو انه يصر لبعض الطلبة في باب الصلاة، وتداولنا معه في الكلام فيه حتى ذكرنا تاركي الصلاة على صحة الأبدان، فقال لنا لا تسلموا عليهم إذا لقيتموهم، فقلنا له: يا سيدي كيف لا نسلم عليهم و هم من المسلمين، فقال اعمل ما قلت لكم، وكان في قلبي من ذلك تحير وقلق كثير ثم ورد عليه ركب من الأشياخ الكبار الفضلاء من بلادنا لزيارة الشيخ سيدي احمد بن موسى نفعنا الله به بعد الحكاية المذكورة بنحو شهرين، و الله اعلم، فرحب بهم، فخرجنا معهم قاصدين للزيارة بجميع طلبه حتى و صلنا مكان الشيخ بالماتن به عرف وهو في تلك المدة لا يتحرك فيه شيء من البنيات إلا عريش بني بالتبن. فنادى شيخنا المذكور تلميذه سيدي يحيا بن إبراهيم نسيب الشيخ المتقدم الذكر، أن يعلم الشيخ سيدي احمد بن موسى بقدومه مع الناس إليه، فأعلمه فأمر لنا بالدخول في العريش المذكور، فاصطف الناس فيه مرتبين في مجلسهم، ثم بعد ساعة زمانية، دخل علينا الشيخ من باب أخر، فبادره الناس بالسلام، واحدا بعد واحد، حتى التقى معه شيخنا المذكور بالسلام، فتقابضا بأيديهما، يقبلانهما، كل واحد منهما يقبل يد صاحبه، حتى ليقبلان بذراعيهما للشوق منهما، مع إرسال الدموع من أعينهما، وداما ساعة زمانية طويلة. حتى تمنينا أن ينفصلا. فلما انفصلا رجع شيخنا إلى مجلسه الذي قام منه إليه، وجلس سيدي احمد بن موسى في مكان وحده. فوقف الناس بقليل ، وسكت الناس، وسكت الشيخ ساعة طويلة فقلت في نفسي سبحان الله. ما سبب هذا السكوت الطويل. فما أتممت ذلك الخاطر حتى كلم الشيخ قائلا: السلام عليكم، السلام عليكم. من هنا الى جنة رب العالمين فجميع من لقيتموه فسلموا عليه. كان من المصلين أو غيرهم فارتفاع ذلك التحير والقلق الذي ذكرت من قلبي ببركة كلام الشيخ و مكاشفته علينا، والحمد لله.

     كما أن الشيخ سيدي أحمد بن موسى كان معظما لشعائر الله ولحرمات الله، لا يخاف في الله لومة لائم، على عكس يا يدعيه البعض من تساهل الصوفية في مسائل الشرع، واهتمامهم بالانحلال من التكاليف الشرعية، يتجلى تعظيم حرمات الله في قصة تلميذه الشيخ الصالح أبي القاسم بن عبد الرزاق الدرعي، الذي قال: “كنت اطلب شيخا، وعاهدت نفسي أن لا أشيخ إلا من يردني عن المعصية، فجعلت كلما اتخذت شيخا وأتيت معصية لا يردني عنها، حتى أتيت سيدي احمد بن موسى، فذهبت أجربه على عادتي، فلما أجمعت على ذلك، وقف علي وصفعني صفعة دار بها شخصي فانتهرني وقال أتعصى الله تعالى؟ فعلمت أني ظفرت بحاجتي وغاية أملي”.[4] 

وفاته:

     توفي رضي اله عنه ليلة الاثنين أول ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وتسعمائة، وغسله تلميذه الصالح سيدي إبراهيم بن عبد الله العدي. ودفن بتازروالت وقبره مشهور معروف ما زالت الملوك تتعهده بالرعاية إلى يومنا الحالي.

هوامـش

 

[1] ينظر ترجمته في: مناقب البعقيلي، 8، الفوائد الجمة، التمنارتي (نسخة كلية الآداب الرباط) في مواضع متفرقة، مناقب الشيخ أحمد بن موسى، أحمد بن محمد أذفال (مخطوط خاص للأستاذ أحمد بومزكو)، الدوحة، ابن عسكر، 42-113، بشارة الزائرين، داود الكرامي، 16 (نسخة خزانة تارودانت)، الإكليل، القادري، 147، تحفة أهل الصديقية، 20، (مخطوط الخزانة العامة رقم 76ج)، درة الحجال، ابن القاضي، 165/1، المعسول، المختار السوسي، 12/15-54، رجالات العلم العربي في سوس، 24، إيليغ قديما وحديثا، 18-45، الإعلام المراكشي، 2/233-236.

[2] طبقات الحضيكي، 9/1.

[3] طبقات الحضيكي، 2/1.

[4] طبقات الحضيكي، 3/1.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق