مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةدراسات عامة

تأملات منهجية في تدريس النحو العربي 5

 

وأما الجهة الثانية: 
فهي جهة المنهج، سواء أكان منهج تدريسه أم تأليفه، إذ الغرض منه هو البيان وتقريب المادة المعرفية إلى المتلقي بما يناسب أهليته وكفاءته، وكل معرفة تتحكم فيها طرق أدائها وسبل إبلاغها، ورب معرفة سهلة المتناول قريبة المأخذ جنى عليها سوء التدبير، وصعوبة المنهج، والعي في التبليغ. 
ونظرة عجلى في المؤلفات النحوية، تقف بالناظر على الكم الهائل من هذه المؤلفات، وهي على تنوعها وكثرتها ترجع إلى ضروب من التأليف تتأسس على وعي المؤلفين بضرورة تنويع المنهج في عرض المادة النحوية، فالاختصار والنظم، لتسهيل الحفظ، والتطويل والإسهاب لبسط الاحتجاج، والتعليق والحواشي، لبيان النكت والتقريرات. وكل هذه مناهج في التأليف.  
وقد كان الوعي بصعوبة مباحث النحو على الناشئة، مدعاة إلى مراعاة ضروب من التيسير في التأليف في النحو، قال خلف الأحمر في المقدمة التي تنسب إليه: “لما رأيت النحويين وأصحاب العربية أجمعين قد استعملوا التطويل وكثرة العلل وأغفلوا ما يحتاج إليه المتعلم المتبلغ في النحو من المختصر والطرق العربية والمأخذ الذي يخف على المبتدئ حفظه ويعمل في عقله ويحيط به فهمه فأمعنت النظر والفكر في كتاب أؤلفه وأجمع في الأصول والأدوات والعوامل على أصول المبتدئين ليستغني به المتعلم عن التطويل”.1
ومثله قول ابن هشام في مقدمة شرحه للألفية: وقد أسعفت طالبيه، بمختصر يُدانيه، وتوضيح يسايره ويباريه، أحل به ألفاظه وأوضح معانيه، وأحلل به تراكيبه، وأنقح مبانيه، وأعذب به موارده، وأعقل به شوارده، ولا أخلي منه مسألة شاهد أو تمثيل، وربما أشير فيه إلى خلاف أو نقد أو تعليل، ولم آل جهدًا في توضيحه وتهذيبه، وربما خالفته في تفصيله وترتيبه وسميته:”أوضح المسالك، إلى ألفية ابن مالك”.2
ومقدمات كتب النحو عامة، تشير إلى هذه المعاني، وتنبه إلى هذه المقاصد، وهي تعكس وعيهم بأهمية معالجة المادة النحوية، معالجة تأخذ في حسبانها لغة البيان والشرح، ووحدة 

وأما الجهة الثانية:

 فهي جهة المنهج، سواء أكان منهج تدريسه أم تأليفه، إذ الغرض منه هو البيان وتقريب المادة المعرفية إلى المتلقي بما يناسب أهليته وكفاءته، وكل معرفة تتحكم فيها طرق أدائها وسبل إبلاغها، ورب معرفة سهلة المتناول قريبة المأخذ جنى عليها سوء التدبير، وصعوبة المنهج، والعي في التبليغ. 

ونظرة عجلى في المؤلفات النحوية، تقف بالناظر على الكم الهائل من هذه المؤلفات، وهي على تنوعها وكثرتها ترجع إلى ضروب من التأليف تتأسس على وعي المؤلفين بضرورة تنويع المنهج في عرض المادة النحوية، فالاختصار والنظم، لتسهيل الحفظ، والتطويل والإسهاب لبسط الاحتجاج، والتعليق والحواشي، لبيان النكت والتقريرات. وكل هذه مناهج في التأليف.

 وقد كان الوعي بصعوبة مباحث النحو على الناشئة، مدعاة إلى مراعاة ضروب من التيسير في التأليف في النحو، قال خلف الأحمر في المقدمة التي تنسب إليه: “لما رأيت النحويين وأصحاب العربية أجمعين قد استعملوا التطويل وكثرة العلل وأغفلوا ما يحتاج إليه المتعلم المتبلغ في النحو من المختصر والطرق العربية والمأخذ الذي يخف على المبتدئ حفظه ويعمل في عقله ويحيط به فهمه فأمعنت النظر والفكر في كتاب أؤلفه وأجمع في الأصول والأدوات والعوامل على أصول المبتدئين ليستغني به المتعلم عن التطويل”.1

ومثله قول ابن هشام في مقدمة شرحه للألفية: وقد أسعفت طالبيه، بمختصر يُدانيه، وتوضيح يسايره ويباريه، أحل به ألفاظه وأوضح معانيه، وأحلل به تراكيبه، وأنقح مبانيه، وأعذب به موارده، وأعقل به شوارده، ولا أخلي منه مسألة شاهد أو تمثيل، وربما أشير فيه إلى خلاف أو نقد أو تعليل، ولم آل جهدًا في توضيحه وتهذيبه، وربما خالفته في تفصيله وترتيبه وسميته:”أوضح المسالك، إلى ألفية ابن مالك”.2

ومقدمات كتب النحو عامة، تشير إلى هذه المعاني، وتنبه إلى هذه المقاصد، وهي تعكس وعيهم بأهمية معالجة المادة النحوية، معالجة تأخذ في حسبانها لغة البيان والشرح، ووحدة المصطلحات الموظفة، وتنسيق الأبواب وترتيبها، وحذف الفضول والحشو، إذ كانت هذه جهات تقتضي استصعاب النحو، لذلك كانت محل نظر واعتبار من قبل المؤلفين في النحو. 

ولا يعدم الناظر أن يجد بعض الجهود في تأليف النحو تأليفا يراعي شروط التيسير، فمثلا نجد أن أسعد بن المهذب بن زكريا بن مماتي القاضي الرئيس أبا المكارم المصري، الكاتب، الشاعر، اختصر «اللمع» في النحو لابن جني في ورقة واحدة مجدولة.3

قال ابن خلدون: وبالجملة فالتآليف في هذا الفن أكثر من أن تحصى أو يحاط بها، وطرق التعليم فيها مختلفة، فطريقة المتقدمين مغايرة لطريقة المتأخرين. والكوفيون والبصريون والبغداديون والأندلسيون مختلفة طرقهم كذلك.

ـــــــــــــــ

1) مقدمة في النحو لخلف الأحمر ص33/34

2) أوضح المسالك لابن هشام 1/31

3) تاريخ الإسلام 43 للحافظ الذهبي/202

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق