مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثشذور

تآليف العلماء بين الفقه والحديث

قال أبو القاسم بن أحمد البَلَوِي التونسي المعروف بالبُرْزُلي (ت841هـ) في كتابه «جامع مسائل الأحكام لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام» المعروف اختصارا بـ«فتاوى البرزلي»:

قال ابن مُناد: والعلماء في موضوعاتهم الشرعية على ثلاثة مقاصد، منهم من ألف كتابه في الحديث خاصة ضبطا للسنة كمسلم، وابن أبي شيبة في مسنده، وعبد الله بن وهب، وأبي داود، والنسائي، وابن راهويه، والبزار، والآجُرِّي، وابن مَخْلَد، وغيرهم.

ومنهم من جمع بين الحديث والفقه، فيذكر الحديث أول الكتاب ويبني عليه الفقه كحَمَّاد بن سلمة، ومالك بن أنس في موطئه، والشافعي، والحنفي، والبخاري، وأصحاب المصنفات كابن أبي شيبة، في مصنفه، وابن المنذر وغيرهم.

ومنهم من يذكر الفقهَ خاصة مجردا عن الأحاديث كالنووي، والقُدُورِي، وإسماعيل القاضي، وابن عبد الحكم، والقَعْنَبي، وابن أبي زيد، والمُزَني، وابن الجلاَّب، والعُتْبي، وربما قدم بعضهم الحديث، ويذكر أصل الباب، وهو قليل، ولم يروا ذلك غريبا، ولا من غير الشرع، وكلهم على هدى وصراط مستقيم.

قال بعد كلام ذكره عن السلف من حفظ أقوال الصحابة وآرائهم: وقد ألف بعضهم ردا على مسائل الفقه والفروعية في فرضهم المسائل، وقولهم: أرأيت كذا المسألة، ويرى أن هذه الفروع ليست من الشرع، وأنها غير مُخَرَّجَةٍ من الكتاب والسنة، لما تجردت عن الأدلة، أو خفي عليه دليلها أو بعضها، وكلامنا إنما هو مع من له ذوق من العلم ومعرفة شيء من الفقه، فأما من لم يذق فإنما هو جاهل لا يعرج على قوله، ولا يُلتفت إلى رأيه؛ لأنه إذا أخذها مسألة مسألة ما يجد منها شيئا يخرج عن أصل شرعي، وقد لا يظهر في قليل من مسائلها عنده دليل فيكون قد خفِيَ عليه، وهذا معلوم عند أهل الحديث، والعلم، ومن تلاهم من المتأخرين الناظرين نظرهم والتابعين إثرهم.

المصدر: فتاوى البزلي (6/372 ـ 373)، تحقيق د. محمد الحبيب الهيلة، نشر دار الغرب الإسلامي بيروت، ط1/2002م.

Science

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق