مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثقراءة في كتاب

المقدمات الممهدات لأبي الوليد ابن رشد تـ520هـ

المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة

من الأحكام الشرعيات والتحصيلات المحكمات لأمهات مسائلها المشكلات

يُعَدُّ كتاب :«المقدمات الـمُمَهِّمدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة من الأحكام الشرعيات والتحصيلات المحكمات لأمهات مسائلها المشكلات»، لأبي الوليد محمد بن أحمد ابن رشد القرطبي (ت520هـ)، من أهم الشروح الفقهية التي اعتنت  على وجه الخصوص بشرح  ما انغلق أو أُشْكِل من فواتح كتب المدونة، ألّفه استجابةً لرغبة بعض أصحابه الذين طلبوا منه أن يجمع لهم ما كان يُلقيه عليهم أثناء مجالس تدريس المدونة التي كان يعقدها.

والكتاب في أصله يتكون من تمهيد تحدث فيه عن سبب تأليفه للكتاب، تعقبه مقدمات في أصول الديانات، وأصول الفقه في الأحكام الشرعيات، بعدها شرع في شرح ما أشكل من كتب المدونة بدءا من أولها إلى مُنْتَهاها، بأسلوب سَلِس جزل حباه الله به، خال من التعقيد والحشو، يبرز للعيان مدى تبحر صاحبه في اللغة العربية، وامتلاكه لأدواتها بدون مدافع، كما يشهد له بذلك حسن انتقائه للعبارات الموصلة للمعنى المقصود، بدون تلغيز أو تكليف، ومما زاد هذا الكتاب جمالا وبهاءً، دقة تنظيم فصوله، وبراعة تقسيمها. دون أن ننسى طريقة الإقناع عند أبي الوليد في عرض مادة كتابه التي بناها على قوة الدليل والحجة الدامغة من الكتاب والسنة أولا، ثم أقوال فطاحل علماء المذهب وآراء المذاهب الأخرى ثانيا، مع مناقشة بعضها ومقارعة أصحابها بالدليل الساطع الذي لا غبار عليه، بل نجده أيضا يعترض على أعلام مذهبه ويخالفهم مع تعليل على ذلك بما يُشفي الغليل.

أما موارد أبي الوليد في كتابه فهي في الغالب من دواوين المذهب – وإن كان لا يصرح بأكثرها – ، إضافة إلى أقوال من سبقه من الفقهاء، كما جرت عادته في بعض المسائل تدليلها بأقوال المذاهب الأخرى مثل: أبي حنيفة والشافعي والإمام أحمد رحمة الله على الجميع.

ونظرا لما لقيه هذا الكتاب من الشهرة والحظوة، فقد تكاثرت النقول منه لدى من جاء بعده، يأتي على رأسهم حفيدُه أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد (595هـ) في بداية المجتهد، وأبو العباس أحمد بن إدريس القرافي (ت684هـ)، في الذخيرة، وأبو عبد الله محمد بن يوسف المواق (ت897هت) في التاج والإكليل، وأبو عبد الله محمد بن محمد المعروف بالحطاب (ت954هـ)، في مواهب الجليل.

طبع الكتاب أول مرة ناقصا؛ إذ طبع منه القسم الأول الذي ينتهي بكتاب كراء الدور، في طبعتين، الأولى: بمطبعة السعادة بمصر سنة 1325هـ، ثم أعادت طبعه دار صادر في بيروت بالأوفيست بدون تاريخ. والطبعة الثانية بالبلد والسنة نفسهما بالمطبعة الخيرية على هامش المدونة، ثم أعيدت هذه الطبعة – هي الأخرى – بدار الفكر (1406هـ /1986م)،  غير أن هذه الأخيرة مبتورة الأول، وطبع كتاب الجامع من الكتاب بتحقيق المختار بن الطاهر التليلي بدار الفرقان الأردنية سنة (1405هـ / 1985م)، ثم طبع الكتاب أخيرا بكامله بتحقيق محمد حجي وسعيد أعراب رحمهما الله، وصدر عن دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى (1408هـ – 1988م). وهي أجود هذه الطبعات وأحسنها على الإطلاق.

الكتاب: المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة من الأحكام الشرعيات والتحصيلات المحكمات لأمهات مسائلها المشكلات.

المؤلف: أبو الوليد محمد بن أحمد ابن رشد القرطبي (ت 520هـ).

مصادر ترجمته: الغنية للقاضي عياض (54-57)، والصلة لابن بشكوال (2/546 – 547)، الديباج المذهب لابن فرحون (2/229).

دار النشر: دار الغرب الإسلامي، تحقيق محمد حجي وسعيد أعراب رحمهما الله، الطبعة الأولى (1408هـ – 1988م).

الثناء على الكتاب: قال ابن القاضي في جذوة الاقتباس (1/255)«… ألف كتبا لم يسبق إليها، منها كتاب البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل، وكتاب المقدمات لأوائل كتاب المدونة، وليس لمالك مثلهما».

إنجاز: ذ.رشيد قباظ.

Science

الدكتور رشيد قباظ

باحث مؤهل بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء بالرباط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق