الرابطة المحمدية للعلماء

المجامع الفقهية.. وتطورات العالم المعاصر!

المجامع الفقهية.. وتطورات العالم المعاصر!

د. أحمد الخمليشي: فتاوى وقرارات المجامع الفقهية لا تكتسب أي قوة إلزامية.

 

قال د. أحمد الخمليشي، مدير دار الحديث الحسنية، إن المجامع الفقهية بشكلها الحالي لا يمكن أن تستوعب جميع المشاكل المستحدثة، بل حتى القليل منها؛ نظرا لأن فتاويها ليست لها الصفة الملزمة. ودعا الخبير القانوني في حوار حي مع موقع الرابطة المحمدية للعلماء، إلى ضرورة البحث عن حل للمشاكل المستحدثة عن طريق إسنادها إلى المؤسسة التي يعترف لها الدستور بصلاحية إصدار القرارات الملزمة.

وقد تطرق الخمليشي في هذا الحوار الحي الذي يجريه الموقع كل أسبوع، إلى مجموعة من المشاكل التي تعترض عمل هذه المجامع، منها:

– المشكل الأول المتعلق بتصور مهام المجامع في الظروف والملابسات التي يعيشها المسلمون في مختلف أنحاء العالم. وفي هذا السياق قال الخمليشي إن “أقطار العالم الإسلامي تأخذ بأنظمة دستورية في تشريع القوانين التي تنظم بها نفسها وتحدد بها حقوق والتزامات مواطنيها”، وبالتالي كان “ينبغي أن يؤخذ هذا الواقع عند التفكير في إنشاء المجامع الفقهية حتى لا تبقى على الهامش، ولا تساهم في تحليل وقائع الحياة واقتراح حلول لها”.

– المشكل الثاني يتمثل في عدم التحديد الدقيق لمجال عمل هذا المجامع… والمجامع التي أحدثت، يقول الخمليشي، ليس لها مركز دستوري يحدد مصير ما يصدر عنها من قرارات وفتاوى، علما بأن كل ما أصدرته لحد الآن يتعلق بأحكام جزئية ولم تواجه المشكل العام للتشريع الذي تحتاجه المجتمعات الإسلامية؛ فمثلا -والكلام للخمليشي- الأنظمة الحديثة كأنظمة الضرائب والانتخابات والعلاقات الدولية لم تصدر من هذه المجامع رؤى تساعد على الصياغة التشريعية الإسلامية في هذه المجالات.

– المشكل الثالث يتعلق بموقع المجامع من النظام التشريعي الذي تسير عليه كل الدول الإسلامية، الأمر الذي يجعل فتاويها وقراراتها لا تكتسب أي قوة إلزامية؛ وذلك لعدم وجود المقتضيات الدستورية أو القانونية المقررة لهذا الإلزام، هذا إذا تعلقت بأحكام المعاملات أو العلاقات الاجتماعية، أما إذا تعلقت بالعبادات أو بالحلال والحرام، يقول الخمليشي، فالالتزام بها راجع إلى كل فرد حسب تقديره الشخصي؛ فالمقتنع به هو الذي عليه اتباعه ومن لم يقتنع به لا يلزمه به أحد.

وبناء على هذه المشاكل اقترح الخمليشي جملة من المداخل/المعالم التي قد تساهم في ترشيد عمل المجامع الفقهية، منها:

الأول: البحث عن تصور لهذه المجامع يضفي عليها صفة العضو المشارك في صناعة حياة المجتمع ضمن باقي مؤسساته الدستورية والقانونية والمتعاونة في العمل وإنتاج الأفكار البناءة، والتفكير في كيفية تنظيم الاجتهاد في ظل تصور الدولة كما نعيشها وبتوافق مع النظام الدستوري الذي نطبقه لكي يكون المجمع الفقهي آلة ضمن المحرك الذي تسير به الدولة، ومؤسسة من مؤسساتها المندمجة.

الثاني: تنظيم المجامع بالشكل الذي يجعلها مندمجة في المؤسسات المعرفية والتشريعية للمجتمع.

الثالث: تعميق النقاش في مسألة “رأي الفقيه أو المتخصص: هل هو حكم ملزم أم مجرد رأي يحتاج الإلزام به إلى تقريره من المؤسسات الدستورية المعنية.” وهذا ما ينبغي -يقول الخمليشي- أن نأخذ به بالنسبة للأحكام المتعلقة بعلاقات الحياة التي يعبر عنها فقهاء بالمعاملات.

الرابع: ينبغي أن يبقى عمل المجامع الفقهية مرتبطا بصلاحية التخصص. أما ما يتعلق بالقضايا التي تخرج عن دائرة اختصاصه كالقضايا السياسية.. فينبغي أن تُترك لأصحابها؛ لأنه “عندما تختلط الاختصاصات ويتداخل أصحابها بقراراتهم فإن ذلك علامة الفوضى وليس البناء”.

من ناحية أخرى، وحول سؤال يتعلق بأسباب عدم وجود مجامع فقهية بالمغرب قال الخمليشي: إن المغرب يتوفر على ما يوازي مثل هذه المجامع، من مؤسسات تعنى بالفتوى وبالشأن الديني فهنالك المجلس العلمي الأعلى، والرابطة المحمدية للعلماء. كما أشار إلى أنه قبل أن نطلب تأسيس مجمع فقهي فيجب تحديد “وظيفة هذا المجمع، وطريقة تكوينه واختصاصاته في ظل النظام الدستوري الذي يسير عليه المغرب تفاديا لبقاء المجمع غائبا عن الواقع وعن الحياة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق