اللغة العربية في مواجهة تحديات العولمة
لا أمل للمجتمعات العربية الإسلامية في أية نهضة حضارية إلا بتطوير لغتها والارتقاء بها
اختتم مجمع اللغة العربية بالقاهرة الاثنين الماضي مؤتمره السنوي في دورته
74 تحت عنوان:"اللغة العربية وتحديات العصر"،
وقد ناقش الباحثون أكثر من ثلاثين بحثا على مدى أسبوعين انتظمتها
ستة محاور شملت؛ قضايا العلم والتكنولوجيا، والعولمة، والتغريب في اللغة والثقافة، والتعريب، والهوية والانتماء الفكري اللغوي الجديد، والترجمة.
وقد استعرض أمينه
العام الشاعر فاروق شوشة أهم إنجازات وأعمال المجمع على امتداد دورتيه الأخيرتين. كما
صرح بأن تعديل قانون المجمع يخوله صلاحيات
مهمة فيما يتصل بتنفيذ قراراته عن طريق رفعها إلي وزير التعليم العالي، لتصدر بشأنها قرارات إدارية تنشر في الجريدة الرسمية، لتصبح،
بذلك، واجبة التنفيذ في سائر المؤسسات والهيئات
المعنية بتداول واستعمال اللغة العربية، مثل أجهزة التعليم والإعلام وغيرها. بحيث إن من لم يلتزم بتنفيذ هذه القرارات يتعرض للمساءلة
القانونية؛ من منطلق أن تعمد الإساءة إلى اللغة العربية أو الموقف السلبي
منها،
يستوجب المساءلة التأديبية، وتقوم بهذه المساءلة جهة العمل التي يعمل
بها. وفي هذا الإطار سيشكل المجمع إدارة
جديدة لتلقي الشكاوي عن كل التجاوزات التي ترتكب ضد اللغة
العربية ليضمنها تقريره السنوي.
ونظرا للأهمية
الخاصة لهذا التعديل القانوني، فقد أوصى المجتمعون، من مختلف الدول العربية بما فيها
المغرب، بأن تعمل مجامع اللغة العربية الأخرى، أو ما يوازيها، على تعديل
قوانينها في اتجاه ضمان الحماية القانونية لاحترام اللغة العربية من كل مظاهر
التجاوز والاختراق والتهميش. كما نبهوا إلى خطورة هيمنة التعليم الأجنبي. وناشدوا
أجهزة الإعلام عدم الإمعان في استعمال العامية، وأوصوا وزارات التربية والتعليم في
الدول العربية باعتماد اللغة الفصحى في تدريس المواد والمقررات في المدارس الخاصة
والأجنبية، وكذلك في الجامعات الخاصة معتبرين أن التعليم باللغات الأجنبية على
حساب اللغة العربية يشكل"حربا على الدين والهوية والقومية والمواطنة"، كما
حثوا وزارات الخارجية على تكليف ممثليها في منظمات الأمم المتحدة وغيرها من
المحافل الدولية بمراعاة التمسك باللغة العربية في الحديث وتقديم الأوراق. مؤكدين أن مسألة تمكين اللغة العربية مسألة حضارية
تستوجب قرارا سياسيا من جميع الدول العربية لجعل اللغة العربية الفصحى لغة البحث
العلمي والتدريس والإعلام كشرط لكسب رهان التقدم في زمن العولمة، وذلك في انفتاح
عقلاني ووظيفي على مختلف اللغات الحية..
و للإشارة فقد شارك في المؤتمر أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة
المؤتمر الإسلامي، وعبد الهادي التازي من المغرب، وأحمد شفيق الخطيب من فلسطين،
وعبد الكريم خليفة من الأردن، وعمار الطالبي من الجزائر، إلى جانب أعضاء المجمع وخبرائه داخل مصر وخارجها، فضلا عن الأعضاء
المراسلين بما فيهم المستشرقين من أكثر من
ثلاثين دولة.