مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

القول المشهـور2

د/مولاي ادريس غازي

 باحث بمركز دراس بن اسماعيل.

 

وبهذا الملحظ أمكن تعريف المشهور بأنه القول الفقهي الذي كثر قائله أكثرية حقيقية أو حكمية.[1] قال الدكتور محمد رياض:

“فظهر أن المشهور في المذهب له متعلقان:

الأول: متعلق بالكثرة العددية الحقيقية، التي تنطلق من تشهير فرد لقول من الأقوال في المذهب، فيتبعه ما يفوق ثلاثة أفراد.

الثاني: متعلق بالكثرة الحكمية أو المعنوية التي تتحقق في فرد واحد كالإمام مالك، وتلميذه عبد الرحمن بن القاسم، فأما الإمام مالك فلكونه إمام المذهب وحجته، وقوله في أسمى مراتب الأقوال عند من يقلدها، وعبد الرحمن بن القاسم في المرتبة الثانية بعد الإمام مالك لما اتصف به من ملازمة للإمام، وعلم و ورع، فمقام الإمام مالك وعبد الرحمن بن القاسم له من الكثرة الحكمية ما يعادل الكثرة العددية في الحكم”[2].

وعليه يتحصل في المشهور تعريفان اثنان لا ثالث لهما، ما دام التعريف الثاني آيلا عند التحقيق إلى التعريف الأول ومندرجا في عمومه، ولذلك حصر العلامة حسن المشاط الاختلاف المذكور في تعريف المشهور في قولين فقط عند قوله: “وقد اختلف في المشهور على قولين: أحدهما أنه ما قوي دليله، والآخر ما كثر قائله”[3].

أما التعريف الثالث فقد اعتبر قوة الدليل المعنى الذي يتعين ملاحظته في مشهورية القول، إذ لا اعتبار بالكثرة العددية، وممن نص على صحته العلامة أبو الحسن التسولي حيث قال: “ثم إن المشهور ما قوي دليله وقيل ما كثر قائله، والصحيح الأول، ومقابل المشهور شاذ ومقابل الأشهر مشهور دونه في الشهرة”[4]. وكذلك العلامة ابن فرحون.[5] كما نص أبو العباس الونشريسي على مشهوريته حين قال: “فالمشهور اختلفوا فيه، فقيل ما قوي دليله وهو المشهور في المشهور”[6].

ويعزى هذا التعريف إلى أبي عبد الله محمد بن خويز منداد المالكي، قال ابن فرحون: “قال ابن خويز منداد في كتابه الجامع لأصول الفقه: مسائل المذهب تدل على أن المشهور ما قوي دليله، وأن مالكا رحمه الله كان يراعي من الخلاف ما قوي دليله لا ما كثر قائله، فقد أجاز الصلاة على جلود السباع إذا ذكيت وأكثرهم على خلافه، وأباح بيع ما فيه حق توفية من غير الطعام قبل قبضه، وأجاز أكل الصيد إذا أكل منه الكلب، ولم يراع في ذلك خلاف الجمهور”[7].

 


[1] – انظر رفع العتاب والملام للقادري ص18.

[2] – أصول الفتوى والقضاء لمحمد رياض ص503، وانظر كذلك منار السالك للرجراجي ص44.

[3] – الجواهر الثمينة في بيان أدلة عالم المدينة للفقيه حسن بن محمد المشاط ص288، دراسة وتحقيق الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان، الطبعة الثانية 1990، دار الغرب الإسلامي بيروت لبنان.

[4] – البهجة في شرح التحفة 1/44.

[5] – كشف النقاب الحاجب ص 62.

[6] – المعيار 12/37.

[7] – كشف النقاب الحاجب ص63، والمعيار 12/37 والبهجة في شرح التحفة 1/44، ومنار أصول الفتوى وقواعد الإفتاء بالأقوى لإبراهيم اللقاني ص270.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق