مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

القول المسـاوي لمقـابلـه 1

د/مولاي ادريس غازي

 باحث بمركز دراس بن اسماعيل.

ويقصد به القول الفقهي الذي يقابله قول فقهي آخر –أو أقوال أخرى– على وجه التعارض، مع تكافئهما باعتبار الأدلة أو القائلين، وعدم ظهور موجب للرجحان. قال الهلالي: “القول المساوي لمقابله حيث لا يوجد في المسألة رجحان”[1].

فالمسألة الفقهية يتجاذبها قولان متعارضان، بحيث يقتضي أحدهما عكس ما يقتضي الآخر، كأن يكون أحدهما حاظرا والآخر مبيحا، ولكل منهما من الأدلة المؤيدة والقائلين بهما من الاعتبار، ما يجعل الناظر تنحسم أمامه جهات الترجيح، فيحكم بتساوي القولين.

والقولان الفقهيان هنا قد يكونان راجحين أو مشهورين أو يجتمع في كل منهما سبب الرجحان والشهرة.

والقاعدة المقررة عند العلماء في هذا الموطن أن لا سبيل للمفتي كيفما كانت رتبته إلى الاختيار أو الترجيح بداعي الهوى وباعث الشهوة، بل يتعين الاستيفاء الكامل للنظر فيهما والموازنة بينهما.

أما المسلك المعتمد في التعامل مع الأقوال المتساوية، فنجد فيه تفصيلا للعلماء حاصله أن المفتي إن كان مجتهدا وعجز عن الترجيح، ففيه قولان للعلماء نص عليهما القرافي بقوله:

“اختلف العلماء فيما إذا تعارضت الأدلة عند المجتهد وتساوت وعجز عن الترجيح هل يتساقطان، أو يختار واحدا منهما يفتي به؟ قولان للعلماء.

فعلى القول بأنه يختار أحدهما يفتي به، له أن يختار أحدهما يحكم به، مع أنه ليس أرجح عنده بطريق الأولى، لأن الفتيا شرع عام على المكلفين إلى قيام الساعة، والحكم يختص بالوقائع الجزئية الخاصة، فتجويز الاختيار في الشرائع العامة أولى أن يجوز في الأمور الجزئية الخاصة، وهذا مقتضى الفقه والقواعد الشرعية.

ومن هذا التقرير يتصور الحكم بالراجح وغير الراجح، وليس ذلك اتباعا للهوى، بل ذلك بعد بذل الجهد والعجز عن الترجيح وحصول التساوي، أما الحكم أو الفتيا بما هو مرجوح فخلاف الإجماع”[2].

أما إن كان مقلدا ففي المسألة قولان هما:

– أن يحمل المفتي مستفتيه على معين من الأقوال المتساوية بناء على اختياره وتعيينه، وبهذا القول جرى العمل كما نص عليه ابن غازي.

– أن يخبر المفتي مستفتيه بالقائلين ويكله إلى نظره واختياره، وبهذا القول جرى العمل أيضا كما نص عليه ابن الفرات.[3]

 


[1] – نور البصر ص121.

[2] – الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام للإمام أبي العباس شهاب الدين القرافي ص92-93 اعتنى به الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، الطبعة الثانية 1416 هـ/ 1995 م، دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت لبنان.

[3] – انظر نور البصر للهلالي ص 121.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق