مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةشذور

العَقِيدَةُ المنورة فِي مُعْتَقَدِ السَّادَاتِ الأَشْعَرِيَّةِ

 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحَمْدُ ِللهِ الذِي دَلَّتْ عَلَى وُجُوبِ وُجُودِهِ مَخْلُوقَاتُهُ، وَتَقَدَّسَتْ عَنِ النَّقْصِ ذَاتُهُ وَصِفَاتُهُ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى مَنْ نَطَقَتْ بِصِدْقِهِ مُعْجِزَاتُهُ، وَعَلَى آلِهَ وَأَصْحَابِهِ نَصَرَةُ الدِّينِ وَحُمَاتُهُ. 
وَبَعْدُ؛ 
فَأَقْسَامُ الحُكْمِ العَقْلِيِّ ثَلاَثَةٌ: وَاجِبٌ، وَمُسْتَحِيلٌ، وَجَائِزٌ. 
فَالوَاجِبُ: مَا لاَ يُمْكِنُ فِي العَقْلِ نَفْيُهُ. 
وَالمُسْتَحِيلُ: مَا لاَ يُمْكِنُ فِي العَقْلِ ثُبُوتُهُ. 
وَالجَائِزُ:  مَا يَصُحُّ فِي العَقْلِ نَفْيُهُ وَثُبُوتُهُ. 
وَيَجِبُ ِللهِ جَلَّ وَعَزَّ كُلُّ كَمَالٍ لاَئِقٍ بِهِ. وَيَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِ مَعْرِفَةُ مَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى تَعْيِينِهِ، وَهْوَ عِشْرُونَ صِفَةً، وَهْيَ: 
الوُجُودُ. 
وَبُرْهَانُ ثُبَوتِهِ لَهُ تَعَالَى أَنَّ العَالَمَ – وَهُوَ كُلُّ مَا سِوَى اللهِ تَعَالَى – حَادِثٌ؛ لِمُلاَزَمَتِهِ مَا شُوهِدَ حُدُوثُهُ كَالحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ. 
وَأَيْضًا، فَإِنِّكَ تَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّكَ لَمْ تَكُنْ ثُمَّ وُجِدْتَ، وَكُلُّ حَادِثٍ لاَ بُدَّ لُهُ مِنْ مُحْدِثٍ مَوْجُودٍ؛ ِلاسْتِحَالَةِ الانْتِقَالِ مِنَ العَدَمِ إِلَى الوُجُودِ بِلاَ فَاعِلٍ. فَالعَالَمُ إِذًا لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ مَوْجُودٍ، وَهوَ اللهُ تَعَالَى. 
وَالقِدَمُ: أَيْ لاَ أَوَّلِيَّةَ لِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ. 
وَبُرْهَانُ وُجُوبِهِ لَهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى عَنْهُ القِدَمُ لَثَبَتَ لَهُ الحُدُوثُ، فيَفْتَقِرُ إِلَى مُحدِثٍ، وَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ فَيُؤَدِّي إِلَى فَرَاغِ مَا لاَ نِهَايَةَ لَهُ، أَوْ الدَّوْرُ فَيُؤَدِّي إِلَى تَقَدُّمِ الشَّيءِ عَلَى نَفْسِهَ. وَكِلاَهُمَا مُسْتَحِيلٌ. 
وَالبَقَاءُ: أَيْ لاَ آخِرِيَّةَ لِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ. 
وَبُرْهَانُ وُجُوبِهِ لَهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ لَهُ البَقَاُءُ لَكَانَ قَابِلاً لِلْوُجُودِ وَالعَدَمِ، فَيَحْتَاجُ فِي تَرْجِيحِ وُجُودِهِ إِلَى مُخَصِّصٍ، فَيَكُونُ حَادِثًا. وَقَدْ سَبَقَ بُرْهَانُ وُجُوبِ قِدَمِهِ.
 وَالمُخَالَفَةُ لِلْحَوَادِثِ: أَيْ نَفْيُ الجِرْمِيَّةِ وَالعَرَضِيَّةِ وَلَوَازِمِهِمَا كَالمَقَادِيرِ وَالحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ وَالجِهَاتِ وَالقُرْبِ وَالبُعْدِ بِالمَسَافَةِ. 
وَبُرْهَانُ وُجُوبِهَا لَهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ مَاثَلَ الحَوَادِثَ لَكَانَ حَادِثًا، وَقَدْ مَرَّ بُرْهَانُ وُجُوبِ قِدَمِهِ. 
وَالقِيَامُ بِالنَّفْسِ: أَيْ ذَاتٌ مَوْصُوفَةٌ بِالصِّفَاتِ العَلِيَّةِ، غَنِيّةٌ عَنِ الفَاعِلِ.
 وَبُرْهَانُ وُجُوبِهِ لَهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَاتًا لَكَانَ صِفَةً، فَيَسْتَحِيلُ اتِّصَافُهُ بِصِفَاتِ المَعَانِي وَالمَعْنَوِيَّةِ، وَقَدْ قَامَ البُرْهَانُ عَلَى وُجُوبِ اتَّصَافِهِ تَعَالَى بِهِمَا. وَلَوْ احْتَاجَ لِلْفَاعِلِ لَكَانَ حَادِثًا، وَتَقَدَّمَ بُرْهَانُ نَفْيِهِ. 
وَالوَحْدَاِنيَّةُ فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالأَفْعَالِ: أَيْ لَيْسَتْ ذَاتُهُ مُرَكَّبَةً وَإِلاَّ لَكَانَ جِسْمًا، وَلاَ تَقْبَلُ صِغَرًا وَلاَ كِبَرًا َلأَنَّهُمَا مِنْ عَوارِضِ الأَجْرَامِ. وَلاَ ذَاتَ كَذَاتِهِ، وَلاَ صِفَةً كَصِفَاتِهِ، وَلاَ تَأْثِيرَ لِكُلِّ مَا سِوَاهُ البَتَّةَ. 
وَبُرْهَانُ وُجُوبِهَا لَهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعُهُ ثَانٍ لَمْ تُوجَدِ الحَوَادِثُ؛ لِلُزُومِ عَجْزِهِمَا عِنْدَ الاتِّفَاقِ، وَأَحْرَى عِنْدَ الاخْتِلاَفِ. 
وَالحَيَاةُ وَهْيَ لاَ تَعَلُّقَ لَهَا. 
وَالعِلْمُ المُنْكَشِفُ لَهُ تَعَالَى بِهِ كُلُّ وَاجِبٍ وَمُسْتَحِيلٍ وَجَائِزٍ. 
وَالإِرَادَةُ التِّي يُخَصِّصُ تَعَالَى بِهَا المُمْكِنَ بِمَا شَاءَ. 
وَالقُدْرَةُ التِّي يُثْبِتُ تَعَالَى بِهَا أَوْ يُعْدِمُ مَا أَرَادَ مِنْ الممْكِنَاتِ. 
وَبُرْهَانُ وُجُوبِ اتِّصَافِهِ تَعَالَى بِهِذِهِ الصِّفَاتِ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى شَيْءٌ مِنْهَا لَمْ تُوجَدِ الحَوَادِثُ. 
وَالسَّمْعُ وَالبَصَرُ المُنْكَشِفُ لَهُ تَعَالَى بِهِمَا جَمِيعُ المَوْجُودَاتِ. 
وَالكَلاَمُ المُنَزَّهُ عَنِ الحَرْفِ، وَالصَّوْتِ، وَالتَّقْدِيمِ، وَالتَّأْخِيرِ، وَالسُّكُوتِ؛ لاِسْتِلْزَامِ جَمِيعِ ذَلِكَ الحُدُوثَ. وَيَدُلُّ عَلَى جَمِيعِ مَعْلُومَاتِهِ. 
وَدَلِيلُ وُجُوبِ اتِّصَافِهِ  تَعَالَى بِهَا: الكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالإِجْمَاعُ. 
وَكَوْنُهُ تَعَالَى حَيَّا، وَعَالِمًا، وَمُرِيدًا، وَقَادِرًا، وَسَمِيعًا، وَبَصِيرًا وَمُتَكَلِّمًا. 
وَيَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى كُلُّ مَا يُنَافِي صِفَاتِ الجَلاَلِ وَالكَمَالِ. وَذَلِكَ المُنَافِي كَالعَدَمِ، وَالحُدُوثِ، وَالفَنَاءِ، وَالمُمَاثَلَةِ لِلْحَوَادَثِ، وَالافْتِقَارِ لِلذَّاتِ أَوْ الفَاعِلِ، وَالتَّعَدُّدِ فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ، أَوْ وُجُودِ الشَّرِيكِ فِي الأَفْعَالِ، وَالمَوْتِ، وَالجَهْلِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَوُقُوعِ مُمْكِنٍ بِدُونِ إِرَادَتِهِ تَعَالَى، وَالعَجْزِ، وَالصَّمَمِ، وَالعَمَى، وَالْبَكَمِ. وَأَضْدَادُ الصِّفَاتِ المَعْنَوِيِّةِ مَعْلُومَةٌ مِمَّا تَقَدَّمَ. 
وَيَجُوزُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى: الفِعْلُ وَالتَّرْكُ لِكُلِّ مَا يَحْكُمُ الْعَقْلُ بِجَوَازِهِ وَإِمْكَانِهِ.
وَبُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَمَا كَانَ فَاعِلاً بِالاخْتِيَارِ. 
وَمِنَ الجَائِزَاتِ بِعْثَةُ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ. 
وَيَجِبُ لَهُمْ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: الصِّدْقُ. 
وَيَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِمْ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِمْ ضِدُّهُ، وَهْوَ الكَذِبُ.
وَبُرْهَانُ وُجُوبِهِ لَهُمْ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَصْدُقُوا لَلِزَمَ كَذِبُ مُصَدِّقِهِمْ بِالْمُعْجِزَةِ النَّازِلَةِ مَنْزِلَةَ التَّصْدِيقِ بِالْكَلاَمِ، وَالْكَذِبُ عَلَى اللهِ مُحَالٌ؛ ِلأَنَّ خَبَرَهُ مُوَافِقٌ لِعِلْمِهِ، وَعِلْمُهُ لاَ يَنْتَقِضُ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ. 
وَالعِصْمَةُ مِنْ كُلِّ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَلَوْ خِلاَفَ الأَوْلَى، أَوْ فِعْلِ المُبَاحِ لِمُجَرَّدِ الشَّهْوَةِ. وَيَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِمْ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ ضِدُّهَا، وَهْوَ فِعْلُ المَنْهِيِّ عَنْهُ.
وَدَلِيلُ وُجُوبِهَا لَهُمْ: الإِجْمَاعُ. 
وَأَيْضًا لَوْ وَقَعَ مِنْهُمْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ َلأُمِرَ أُمَمُهُمْ بِفِعْلِهِ؛ ِلأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِاتِّبَاعِهِمْ، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى الجَمْعِ بَيْنَ الأَمْرِ بِالشَّيْءِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ. 
وَتَبْلِيغُ كُلَّ مَا أَمَرَهُمُ اللهُ بِتَبْلِيغِهِ. 
وَيَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِمْ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أَنْ يَتْرُكُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا؛ أَمَّا عَمْدًا فِلِمَا تَقَدَّمَ فِي دَلِيلِ وُجُوبِ العِصْمَةِ، وَأَمَّا نِسْيَانًا فَالإِجْمَاعِ. 
وَيَجُوزُ فِي حَقِّهِمْ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ مَا هُوَ مِنَ الأَعْرَاضِ البَشَرِيَّةِ التِي لاَ تُنَافِي عَظِيمَ شَرَفِهِمْ وَعُلُوَّ قَدْرِهِمْ، كَالجُوعِ وَنَحْوِهِ. 
وَبُرْهَانُ جَوَازِ ذَلِكَ مُشَاهَدَتُهُ فِيهِمْ. 
وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الكَرِيمِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمً
إعداد: الباحثة حفصة البقالي.
مصدر العقيدة :العقيدة المنورة في معتقد السادات الأشاعرة، تحقيق وتعليق نزار حمادي، دار الإمام بن عرفة – تونس-.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 

الحَمْدُ ِللهِ الذِي دَلَّتْ عَلَى وُجُوبِ وُجُودِهِ مَخْلُوقَاتُهُ، وَتَقَدَّسَتْ عَنِ النَّقْصِ ذَاتُهُ وَصِفَاتُهُ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى مَنْ نَطَقَتْ بِصِدْقِهِ مُعْجِزَاتُهُ، وَعَلَى آلِهَ وَأَصْحَابِهِ نَصَرَةُ الدِّينِ وَحُمَاتُهُ. 

وَبَعْدُ؛ 

فَأَقْسَامُ الحُكْمِ العَقْلِيِّ ثَلاَثَةٌ: وَاجِبٌ، وَمُسْتَحِيلٌ، وَجَائِزٌ. 

فَالوَاجِبُ: مَا لاَ يُمْكِنُ فِي العَقْلِ نَفْيُهُ. 

وَالمُسْتَحِيلُ: مَا لاَ يُمْكِنُ فِي العَقْلِ ثُبُوتُهُ. 

وَالجَائِزُ:  مَا يَصُحُّ فِي العَقْلِ نَفْيُهُ وَثُبُوتُهُ. 

وَيَجِبُ ِللهِ جَلَّ وَعَزَّ كُلُّ كَمَالٍ لاَئِقٍ بِهِ. وَيَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِ مَعْرِفَةُ مَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى تَعْيِينِهِ، وَهْوَ عِشْرُونَ صِفَةً، وَهْيَ: 

الوُجُودُ. 

وَبُرْهَانُ ثُبَوتِهِ لَهُ تَعَالَى أَنَّ العَالَمَ – وَهُوَ كُلُّ مَا سِوَى اللهِ تَعَالَى – حَادِثٌ؛ لِمُلاَزَمَتِهِ مَا شُوهِدَ حُدُوثُهُ كَالحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ. 

وَأَيْضًا، فَإِنِّكَ تَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّكَ لَمْ تَكُنْ ثُمَّ وُجِدْتَ، وَكُلُّ حَادِثٍ لاَ بُدَّ لُهُ مِنْ مُحْدِثٍ مَوْجُودٍ؛ ِلاسْتِحَالَةِ الانْتِقَالِ مِنَ العَدَمِ إِلَى الوُجُودِ بِلاَ فَاعِلٍ. فَالعَالَمُ إِذًا لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ مُحْدِثٍ مَوْجُودٍ، وَهوَ اللهُ تَعَالَى. 

وَالقِدَمُ: أَيْ لاَ أَوَّلِيَّةَ لِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ. 

وَبُرْهَانُ وُجُوبِهِ لَهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى عَنْهُ القِدَمُ لَثَبَتَ لَهُ الحُدُوثُ، فيَفْتَقِرُ إِلَى مُحدِثٍ، وَيَلْزَمُ التَّسَلْسُلُ فَيُؤَدِّي إِلَى فَرَاغِ مَا لاَ نِهَايَةَ لَهُ، أَوْ الدَّوْرُ فَيُؤَدِّي إِلَى تَقَدُّمِ الشَّيءِ عَلَى نَفْسِهَ. وَكِلاَهُمَا مُسْتَحِيلٌ. 

وَالبَقَاءُ: أَيْ لاَ آخِرِيَّةَ لِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ. 

وَبُرْهَانُ وُجُوبِهِ لَهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ لَهُ البَقَاُءُ لَكَانَ قَابِلاً لِلْوُجُودِ وَالعَدَمِ، فَيَحْتَاجُ فِي تَرْجِيحِ وُجُودِهِ إِلَى مُخَصِّصٍ، فَيَكُونُ حَادِثًا. وَقَدْ سَبَقَ بُرْهَانُ وُجُوبِ قِدَمِهِ.

 

 وَالمُخَالَفَةُ لِلْحَوَادِثِ: أَيْ نَفْيُ الجِرْمِيَّةِ وَالعَرَضِيَّةِ وَلَوَازِمِهِمَا كَالمَقَادِيرِ وَالحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ وَالجِهَاتِ وَالقُرْبِ وَالبُعْدِ بِالمَسَافَةِ. 

وَبُرْهَانُ وُجُوبِهَا لَهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ مَاثَلَ الحَوَادِثَ لَكَانَ حَادِثًا، وَقَدْ مَرَّ بُرْهَانُ وُجُوبِ قِدَمِهِ. 

وَالقِيَامُ بِالنَّفْسِ: أَيْ ذَاتٌ مَوْصُوفَةٌ بِالصِّفَاتِ العَلِيَّةِ، غَنِيّةٌ عَنِ الفَاعِلِ.

 وَبُرْهَانُ وُجُوبِهِ لَهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَاتًا لَكَانَ صِفَةً، فَيَسْتَحِيلُ اتِّصَافُهُ بِصِفَاتِ المَعَانِي وَالمَعْنَوِيَّةِ، وَقَدْ قَامَ البُرْهَانُ عَلَى وُجُوبِ اتَّصَافِهِ تَعَالَى بِهِمَا. وَلَوْ احْتَاجَ لِلْفَاعِلِ لَكَانَ حَادِثًا، وَتَقَدَّمَ بُرْهَانُ نَفْيِهِ. 

وَالوَحْدَاِنيَّةُ فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالأَفْعَالِ: أَيْ لَيْسَتْ ذَاتُهُ مُرَكَّبَةً وَإِلاَّ لَكَانَ جِسْمًا، وَلاَ تَقْبَلُ صِغَرًا وَلاَ كِبَرًا َلأَنَّهُمَا مِنْ عَوارِضِ الأَجْرَامِ. وَلاَ ذَاتَ كَذَاتِهِ، وَلاَ صِفَةً كَصِفَاتِهِ، وَلاَ تَأْثِيرَ لِكُلِّ مَا سِوَاهُ البَتَّةَ. 

وَبُرْهَانُ وُجُوبِهَا لَهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعُهُ ثَانٍ لَمْ تُوجَدِ الحَوَادِثُ؛ لِلُزُومِ عَجْزِهِمَا عِنْدَ الاتِّفَاقِ، وَأَحْرَى عِنْدَ الاخْتِلاَفِ. 

وَالحَيَاةُ وَهْيَ لاَ تَعَلُّقَ لَهَا. 

وَالعِلْمُ المُنْكَشِفُ لَهُ تَعَالَى بِهِ كُلُّ وَاجِبٍ وَمُسْتَحِيلٍ وَجَائِزٍ. 

وَالإِرَادَةُ التِّي يُخَصِّصُ تَعَالَى بِهَا المُمْكِنَ بِمَا شَاءَ. 

وَالقُدْرَةُ التِّي يُثْبِتُ تَعَالَى بِهَا أَوْ يُعْدِمُ مَا أَرَادَ مِنْ الممْكِنَاتِ. 

وَبُرْهَانُ وُجُوبِ اتِّصَافِهِ تَعَالَى بِهِذِهِ الصِّفَاتِ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى شَيْءٌ مِنْهَا لَمْ تُوجَدِ الحَوَادِثُ. 

وَالسَّمْعُ وَالبَصَرُ المُنْكَشِفُ لَهُ تَعَالَى بِهِمَا جَمِيعُ المَوْجُودَاتِ. 

وَالكَلاَمُ المُنَزَّهُ عَنِ الحَرْفِ، وَالصَّوْتِ، وَالتَّقْدِيمِ، وَالتَّأْخِيرِ، وَالسُّكُوتِ؛ لاِسْتِلْزَامِ جَمِيعِ ذَلِكَ الحُدُوثَ. وَيَدُلُّ عَلَى جَمِيعِ مَعْلُومَاتِهِ. 

وَدَلِيلُ وُجُوبِ اتِّصَافِهِ  تَعَالَى بِهَا: الكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالإِجْمَاعُ. 

وَكَوْنُهُ تَعَالَى حَيَّا، وَعَالِمًا، وَمُرِيدًا، وَقَادِرًا، وَسَمِيعًا، وَبَصِيرًا وَمُتَكَلِّمًا. 

وَيَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى كُلُّ مَا يُنَافِي صِفَاتِ الجَلاَلِ وَالكَمَالِ. وَذَلِكَ المُنَافِي كَالعَدَمِ، وَالحُدُوثِ، وَالفَنَاءِ، وَالمُمَاثَلَةِ لِلْحَوَادَثِ، وَالافْتِقَارِ لِلذَّاتِ أَوْ الفَاعِلِ، وَالتَّعَدُّدِ فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ، أَوْ وُجُودِ الشَّرِيكِ فِي الأَفْعَالِ، وَالمَوْتِ، وَالجَهْلِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، وَوُقُوعِ مُمْكِنٍ بِدُونِ إِرَادَتِهِ تَعَالَى، وَالعَجْزِ، وَالصَّمَمِ، وَالعَمَى، وَالْبَكَمِ. وَأَضْدَادُ الصِّفَاتِ المَعْنَوِيِّةِ مَعْلُومَةٌ مِمَّا تَقَدَّمَ. 

وَيَجُوزُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى: الفِعْلُ وَالتَّرْكُ لِكُلِّ مَا يَحْكُمُ الْعَقْلُ بِجَوَازِهِ وَإِمْكَانِهِ.

وَبُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَمَا كَانَ فَاعِلاً بِالاخْتِيَارِ. 

وَمِنَ الجَائِزَاتِ بِعْثَةُ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ. 

وَيَجِبُ لَهُمْ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: الصِّدْقُ. 

وَيَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِمْ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِمْ ضِدُّهُ، وَهْوَ الكَذِبُ.

وَبُرْهَانُ وُجُوبِهِ لَهُمْ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَصْدُقُوا لَلِزَمَ كَذِبُ مُصَدِّقِهِمْ بِالْمُعْجِزَةِ النَّازِلَةِ مَنْزِلَةَ التَّصْدِيقِ بِالْكَلاَمِ، وَالْكَذِبُ عَلَى اللهِ مُحَالٌ؛ ِلأَنَّ خَبَرَهُ مُوَافِقٌ لِعِلْمِهِ، وَعِلْمُهُ لاَ يَنْتَقِضُ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ. 

وَالعِصْمَةُ مِنْ كُلِّ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَلَوْ خِلاَفَ الأَوْلَى، أَوْ فِعْلِ المُبَاحِ لِمُجَرَّدِ الشَّهْوَةِ. وَيَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِمْ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ ضِدُّهَا، وَهْوَ فِعْلُ المَنْهِيِّ عَنْهُ.

وَدَلِيلُ وُجُوبِهَا لَهُمْ: الإِجْمَاعُ. 

وَأَيْضًا لَوْ وَقَعَ مِنْهُمْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ َلأُمِرَ أُمَمُهُمْ بِفِعْلِهِ؛ ِلأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِاتِّبَاعِهِمْ، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى الجَمْعِ بَيْنَ الأَمْرِ بِالشَّيْءِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ. 

وَتَبْلِيغُ كُلَّ مَا أَمَرَهُمُ اللهُ بِتَبْلِيغِهِ. 

وَيَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِمْ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أَنْ يَتْرُكُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا؛ أَمَّا عَمْدًا فِلِمَا تَقَدَّمَ فِي دَلِيلِ وُجُوبِ العِصْمَةِ، وَأَمَّا نِسْيَانًا فَالإِجْمَاعِ. 

وَيَجُوزُ فِي حَقِّهِمْ عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ مَا هُوَ مِنَ الأَعْرَاضِ البَشَرِيَّةِ التِي لاَ تُنَافِي عَظِيمَ شَرَفِهِمْ وَعُلُوَّ قَدْرِهِمْ، كَالجُوعِ وَنَحْوِهِ. 

وَبُرْهَانُ جَوَازِ ذَلِكَ مُشَاهَدَتُهُ فِيهِمْ. 

وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الكَرِيمِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمً

 

                                           إعداد: الباحثة حفصة البقالي.

 

مصدر العقيدة :العقيدة المنورة في معتقد السادات الأشاعرة، تحقيق وتعليق نزار حمادي، دار الإمام بن عرفة – تونس-.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق