العلامة سيدي محمد بن يحيى بلامينو الرباطي (ت1333ھ-1914م):
حورية بن قادة:
باحثة مساعدة بمركز الإمام الجُنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة.
فريد عصره، وأعجوبة دهره، المبرز على جميع أقرانه في زمنه، ذي الأدب والمعارف، الفقيه الدراكة، العلامة سيدي محمد بن يحيى الرباطي، أديب شاعر، فقيه، تجاني الطريقة،تلقى تعليمه على يد المؤدب محمد بن علي البطاوري والشيخ العربي بن السائح وغيرهما...[1]
شيوخه:
أخذعن العربي بن السايح، وكان من أخص تلاميذه، ويكفيه فخرا أن شيخه المذكور مدحهبقوله في كناشه: "دخلت على سيدنا الولي الصالح سيدي العربي بن السايح- رضي الله عنه- عام 1299ھ، فقال لي بعد كلام نفيس: كنت قلت لك قديما إما في اليقظة أو في النوم أنت الأمين، أو قلت لك أنت أميني وكنت ذكرت لك ذلك فهل غفلت أم لا، فسكت عني ثم ناولني أبياتا تتضمن ذلك وتشير إلى إشارات وغرر عجيبة، ونص مطلع القصيدة: [البسيط]:
أنت الأمين على السر المصون وهل ينســى الأمين لـدى أكارم الناس
وفي سنة 1290ھ،أذن له أبو المواهب في قراءة مختصر الشيخ خليل، وكان المترجم يسرد في بعض الأحيان "الترغيب والترهيب" للحافظ المنذري بالزاوية التجانية أو غيرها، وكان- رحمه الله تعالى- يصدع بالحق ولا يخشى صولة ظالم، وكان يحب متابعة السنة ويحرص عليها، ويتجنب البدع ويكره الميل إليها...[2]
كما كان من شيوخه العلامة سيدي محمد بن علي البطاوري وغيرهم...
شعره:
كانت لمترجمنا عناية خاصة بالشعر والأدب، حيث يستحضر من قصصه وأخباره ولطائفه ما يقصر عنه أدباء الوقت، فكان ما لقي طالبا أو أديبا إلا وأنشده من محفوظه ما له مناسبة ماسة بالحال، ولا غرابة في ذلك ما دام له محفوظ واسع في الأدب وفنونه يخوله قول الشعر وقرضه، من ذلك قوله متشوقا للربيع مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ذاكرا صفر كمهاد ومقدمة، قال:
بدا هلال صفر الخير على أفق الورى مكبــرا مهللا
الله أكبر فيا ســـعداه قد فاق ما سـواه يا بشراه
خبران جـاره على الأثر مولد زين الخلق سيد البشر
صلى عليه ربـنا وسلما ما لاح نجم في السماء وسما[3]
|
وله في رثاء شيخه أبي المواهب الشرقي، وقد أجاد في كناياته وتشبيهاته، قال:[4]
سكب الدموع على الأطلال أضناكا أو حر نــار الأسى والبين أفناكا
أم أنت صب موله فلســت ترى صبرا على من بنور العطف حلاكا
ومن دعاك بسعد الديـن مذ زمن وتارة بـــــأمين الدين سماكا
وقال من أول الرعيل أنــت فمل لله ميلا فــــــإن الله أعطاكا
أم قد فقدت بروح الـقدس سارية كانت تهـــــب سحيرة بمغناكا
أم قد فقدت من الأنـــوار بارقة سرت بحــــسك للعليا ومعناكا
أم قد فقدت سراج القلب إذ سطعت أنوار أســـــراره على محياكا
إلى أن قال:
ذلك الإمام الذي حاز الكمال ومن قرت به فـي حجال الأنس عيناكا
فيض الإله وروح الكون مركـزه وقطبه خــير من تهوى ويهواكا
حصن الحنيفية السمحاء صارمها غيث الندى من ببشر الوجه يلقاكا
وبحر المعارف والعلم الذي بهرت أنواره فاقتـــبس منها لمسعاكا
وفاته:
توفي- رحمه الله- في 4 جمادى الأولى عام 1333ھ/ 1914م، ودفن بمسجد سيدي محمد الضاوي.[5]
الهوامش:
[1]- معلمة المغرب، من إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، 1326/4.[2]- علماء الطريقة التجانية بالمغرب الأقصى، أحمد بن عبد العزيز بنعبد الله، د.ط، ص: 71.[3]- من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا، عبد الله الجراري، د.ط، 231/2.[4]- المصدر السابق، 231/2.[5]- معلمة المغرب، 1326/4.