العلامة سيدي أحمد بن موسى السلوي (تـ1328ھ-1910م)
حورية بن قادة: باحثة مساعدة بمركز الإمام الجُنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة
ولادته ونشأته:
هو أحمد بن موسى الحسناوي السلاوي، أصله من بني حسن القبيلة المعروفة بساحل ثغر سلا، ولد عام سبعين ومائتين وألف للهجرة/ موافق لسنة ثلاث وخمسين وثمانمائة وألف للميلاد، نشأ بمدينة سلا وكان من عِلِّية علمائها وأكابر مثقفيها حديثا وفقها ومشاركة...، تولى قضاء آسفي سنة 1315ھ، فكان مثالا للعدالة والنزاهة في أحكامه وسيرته، كما تولى العدالة بمرسى الرباط كصديقه وشيخه ابن خضراء، وقد اقترح توظيفهما بالرباط الأمين عبد السلام التازي ابتغاء القيام بدروس علمية رغبة في نشر الثقافة بالعدوتين...[1]
شيوخه ومكانته العلمية:
أخذ مترجمنا العلم من منطق وفقه عن علماء بلده كالعلامة أبي العباس الناصري صاحب "الاستقصا"، والقاضي عبد الله بن خضراء الذي أخذ عنه النحو والتصريف والبيان والفقه والعقائد، وأخذ النحو كذلك على الفقيه المكي الصبيحي وغيرهم، وأخذ الحديث والتصوف في الطريقة التجانية عن العربي بن السايح، ولازمه في سرد صحيح البخاري كل سنة؛ من أوائل المئة 14 إلى أن مات الشيخ المذكور وخلفه في قراءته كل عام بضريحه، ثم رحل بعد ذلك إلى فاس فدرس بها على عدة شيوخ، كما كان مترجمنا مدرسا قادرا وخطيبا مصقعا فصيحا، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر وكان يملي ختمات عليه من حفظه، وله تقاييد حسنة، فقد كان فقيها نبيها له مشاركة في الآداب والنحو والبيان والحديث، فصيح العبارة، وله عارضة قوية في الحفظ...[2]
وقد ذكر سيدي أحمد جسوس عند ترجمته لأبي المواهب سيدي العربي ابن السائح أنه أجاز سيدي أحمد بن موسى في صحيح البخاري برواية ابن سعادة التي يعتمدها المغاربة، كما روى الصحيح من طريق أبي إسحاق إبراهيم التادلي من رواية المشارقة، والذي يظهر أن السبب في تدريس أحمد بن موسى السلاوي الصحيح بالضريح السائحي هو أنه كان من الملازمين لشيخه سيدي العربي ابن السائح، وأيضا من خلال ما ذكره شيخه عنه من أنه كان متضلعا في علم الحديث حيث يتجلى ذلك من خلال المكانة السامية التي كانت له عند تلاميذ العربي بن السائح أمثال السادة: محمد بلامينو، وعبد الله التادلي، وعبد القادر لوبريس، والطيب عواد، ومحمد بن الحسني، وأحمد جسوس...[3]
تلامذته:
بالنسبة لتلامذة أحمد بن موسى فقد تخرج من مدرسته جماعة من المثقفين في مقدمتهم الشيخ محمد المدني ابن الحسني، وعنه يروي الصحيح وغيره من الكتب، كما كانت له إملاءات مدهشة خاصة في السنة...[4]
وفاته
توفي- رحمه الله تعالى- في واحد وعشرين رمضان عام ثمانية وعشرين وثلاثمائة وألف، ودفن خارج باب معلقة في مقابر الأشراف والعلماء من سلا.[5]
وقد رثاه الفقيه الشاعر أحمد بن قاسم جسوس بهذه القصيدة اللامية، ذكر فيها أوصافه الحقيقية- رحمه الله تعالى- وما كان يكنه له من التقدير والاحترام، حيث تحدث عن غزارة علمه في الحديث النبوي وتمكنه منه، ووراثته الروحية لسيدي العربي بن السائح- رضي الله عنهم أجمعين- قال:[6]
أي طود من المعـارف زالا زلزل الــــدين عنده زلزالا
أي نجم هو فضمـه رمس يملأ الفضل أودعــوه الرمالا
أي فحل وأي علـم وهدى سلب الدهر من سنــاه وغالا
أي هاد ومهتـــد وتـقي ناشئا في الهدى وما عنه مالا
ذلك البطل ابن موسى الذي قد جد جدا فجـــده الأبطـالا
أي رزء وأي فجــع عليه إذ هلا الفضل والعــلا والجلالا
رحم الله ذلك الوجه والنور وذلك الحـــمى وذاك الجمالا
إلى أن قال:
أبا جعفر لقد عيل صــبري ونجيعا دمـــعي لفقدك حالا
غير أني أرضى بما قدر الله وأسأل منــــه صبرا تعالى
أأبا جعفر بكــــيتك حبا وأداء حـــــق يهم الرجالا
لست أنساك مـا حييت بحال فما أهوى فـي ملاك راد ولالا
أأبا جعفر وحــق سجاياك اللواتي بهـــن طلت الطوالا
ما أراني أثـــبت إلا بنزر من رثاك ومـــا وفيتك قالا
إذ دهاني عظيم رزئك فابتز مني القوافي من فكرتي والمقالا
أأبا جعفر لقد فــزت حقا وبلغت من المنـــى الآمالا
رضي الله عنـك مت بخير وانثنى خلفك الــثنا أشكالا
فتفيأ من النعـــيم ظلالا وتهنأ من الــحبيب وصالا
وعليك السـلام غيثا ملثا بثراك مع المـــدى هطالا
بعبير يفــوح مسكا زكيا وسناء يـــبرز يوحا كمالا
من آثاره العلمية:
من مؤلفاته- رحمه الله تعالى-:
- ختم على أبي الحسن على الرسالة.
- تعليق على شرح البوري على أرجوزة الشيخ الطيب ابن كيران في المجاز والاستعارة.
- تقييد في كلام شيخه سيدي العربي بن السائح على آيات قرآنية وأحاديث نبوية وحكم صوفية لم يحظ بجمع فتفرق في أيدي الناس .
- شرح على منظومة العلامة أحمد بابا الشنقيطي في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
- ختمة لجوهرة اللقاني.
- ختمة للألفية تكلم فيها على ثمانية علوم.
- ختمة للشمائل والهمزية.
- وتقييد على قول الأصوليين: "العلة تدور مع المعلول وجودا وعدما"...[7]
الهوامش:
[1] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا، عبد الله الجراري، د.ط،2/73.
[2] الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، العباس بن إبراهيم السملالي المراكشي، المطبعة الملكية، الرباط، ط2، 1414ھ-1993م، 2/462.
[3] علماء الطريقة التجانية، أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله، د.ط، ص: 13.
[4] من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا، عبد الله الجراري، 2/76.
[5] المصدر السابق،2/ 76.
[6] نفسه، 2/76.
[7] علماء الطريقة التجانية، أحمد بن عبد العزيز بن عبد الله، ص: 13.