مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثشذور

الشباب والدين

قال العلاّمة عبد الله كنون رحمه الله في كتابه: «جولات في الفكر الإسلامي» في معرض حديثه عن «الشباب والدين» (ص: 52-53):

«وعُرف الشباب من قديم برقّة الدين، واحتُمل ذلك منه؛ علماً بأنه سوف يُراجع بصيرته ويُصلح حاله حين يبلغ أَشُدّه ويستكمل رجولته.

ألا ترى الحديث الشريف كيف عَدّ الشاب الذي نشأ في عبادة الله من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله؟

وما ذلك إلا لنُدرة هذا الشاب في الشباب وخروجه على المعتاد من جنسه.

وجاء في حديث آخر: «عجب ربك من شاب ليس له صبوة، وهو حديث يؤكد المعنى الذي أشرنا إليه من أن الشباب يغلب عليه اتباع الهوى، ولا يسلك سبيل الرشد إلا بعد حين.

نعم هذا هو حال الشباب من زمان، وموقفه من التدين في الماضي، فلسنا نطمع أن يكون أحسن حالا ولا أكثر تدينا في الوقت الحاضر، وقد هاجمته هذه الأفكار والمذاهب الإلحادية من كل جهة، وحاصرته داخل المعهد والكلية باسم العلم والبحث الحر، وجاءت التقنية الحديثة بعجائبها ومكتشفاتها، فكانت ضِغْثاً على إِبّـالة، زعزعزت عقيدته وغيّـرت مفاهيمه، ولم تُورثه غير قلق النفس وبلبلة الفكر وخواء الروح.

إنها ظاهرة جديدة وغير طبيعية، فإذا كان ما وصفناه من حاله في السابق ضربة لازب لجموح الهوى به في فورة النضج، حتى إن الشرع ليعذره في بعض الأحيان، فالأمر بخلاف ذلك في هذه الظاهرة التي تعتبر مرضاً نفسياً وداءً اجتماعياً، تفشّى في أوساط الشباب بالإهمال وعدم العلاج.

نحن إذن أمام مسؤولية عظيمة يتحمل كبرها رجال التربية والتعليم الذين يجب أن يخططوا لتكوين الشخصية الإسلامية في ظلال العلم والحضارة. ولا يصح مطلقا أن نلوم الشباب وحده، ونتحامل عليه لمروقه من الدين قبل أن نقوم بواجبنا نحوه، فعلينا أن نأخذ الكتاب بقوة قبل أن يفلت الزمام من يدنا».

كتاب عبد الله كنون: «جولات في الفكر الإسلامي»، (1400ﻫ-1980م)، نشر: مطبعة الشويخ «يسبريس» تطوان، المغرب.

 انتقاء: ذة.نادية بومعيزة.

Science

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق