وحدة المملكة المغربية علم وعمرانمعالم

السوق السْباط أو سوق السَّاباط

 

 

هشام قلوبي

باحث بوحدة العلم والعمران

 

ما هي التسمية الحقيقية  للسوق المجاور للجامع الأعظم بالرباط؟ السوق السباط أو سوق الساباط؟

نستهل جوابنا بتعريفات لغوية لكلمة ساباط ثم نذكر بعض المقتطفات من الكتب التاريخية  المغربية الأندلسية التي ذكرت فيها :

والسّاباطُ: سقيفة بين دارين تحتها طريق[1]، وكذلك هي سقيفَة بين حائطيْنِ تحتها طريق،والجمعُ: سوابيطُ وساباطات، وفي المثلِ: أفارَغُ من حجام ساباطَ[2]، وساباط على وزن فاعال وهو قليل في الأسماء[3]، وترجمتها بالفرنسية : arcade.

 

إن الاسم الذي يجري على ألسنة العامة هو سوق السباط لشهرة المكان بوجود دكاكين بيع الأحذية والنعال المصنوعة من الجلد، غير أن الاسم الحقيقي هو سوق الساباط، والساباط هو الممر المسقوف بين جدارين وهذا يوجد بالفعل، لأن   الممر المحاذي للجامع الأعظم مسقوف بالقصب.

وقد كان بالمسجد الجامع بمراكش المعروف بالكتبية ساباطا يطلق عليه الصباط، حيث ذكر المؤرخ المصري عبد الله عنان أن عبد المؤمن أمر  بإنشاء المسجد الجامع بمراكش، وبدىء بإنشائه في أوائل ربيع الآخر سنة 553 هـ، وأنشأ له ” ساباطاً ” يوصل إليه من القصر مباشرة(ليتردد بينهما دون حاجة إلى قطع الشارع والتضييق على الناس[4])، وزوده بمنبر فخم أمر بصنعه في الأندلس، من خشب العود والصندل، المغطى بصفائح الذهب والفضة، وصنع له مقصورة من الخشبذات ستة أضلاع، تفتح أبوابها دفعة واحدة بطريقة آلية، وكذا المنبر لا يفتح إلا عند صعود الخطيب، بطريقة آلية كذلك. وكان الذي قام على صنع المنبر والمقصورة على هذا النحو المبتكر، رجل فنان من أهل مالقة هو الحاج يعيش المالقي، وهو الذي قام فيما بعد على تخطيط مدينة جبل طارق، وصنع منارة الجامع بإشبيلية، في عهد الخليفة يعقوب المنصور، حفيد عبد المؤمن. وكمل بناء المسجد الجامع في نحو أربعة أشهر، في منتصف شعبان من نفس السنة، وبذلت في بنائه وتجميله وزخرفته جهود عظيمة وأموال جمة[5].

كما أن بجامع قرطبة عن يمين المحراب والمنبر باب يفضى إلى القصر بين حائطى الجامع في ساباط متصل، وفي هذا الساباط ثمانية أبواب: منها أربعة تنغلق من جهة القصر، وأربعة تنغلق من جهة الجامع[6]، وقصر مدينة قرطبة بغربيها متصل بسورها القبلي والغربي؛ وجامعها بإزاء القصر من جهة الشرق، وقد وصل بينهما بساباط يسلك الناس تحته من المحجة العظمى التي بين الجامع والقصر إلى باب القنطرة[7]، ويقول المؤرخ المصري عبد الله عنان: “قام الأمير عبد الله الفياض بإنشاء ” الساباط ” الموصل بين القصر والمسجد الجامع، وهو عبارة عن ممر مسقوف مبني فوق عقد كبير يفضي من القصر إلى الجامع، ويتصل به على مقربة من المحراب”[8]، وقال كذلك:” وكان لقرطبة يومئذ (في عهد الناصر)سبعة أبواب: باب القنطرة، وباب اليهود، وباب عامر، وباب العطارين، وباب طليطلة، وباب عبد الجبار، وباب الجوند. وكان للقصر الأموي ستة أبواب: باب السُّدة، وباب الجنان، وباب العدل، وباب الصناعة، وباب الملك، وباب الساباط، وهو في المسجد الجامع”[9].وأن بجامع القصبة بإشبيلبة ساباطا يمتد رأسيا من جدار القبة إلى القصر[10].



[1] المحيط في اللغة، للصاحب بن عباد، ج2/ص 249.

[2] العباب الزاخر واللباب الفاخر، للحسن بن الصغاني المتوفّى 650 هـ، ج1/ص 260.

[3] المزهر في علوم اللغة وأنواعها، لجلال الدين السيوطي، دار الكتب العلمية  – بيروت، الطبعة الأولى، 1998، تحقيق : فؤاد علي منصور.

 [4] تاريخ المساجد الشهيرة، لعبدالله سالم نجيب، ص 130.

[5] دولة الإسلام في الأندلس، مكتبة الخانجي، القاهرة، ج3/343.

[6] صفة جزيرة الأندلس للحميري، ص 54.

[7] صفة جزيرة الأندلس للحميري، ص 54.

[8] دولة الإسلام في الأندلس، مكتبة الخانجي، القاهرة، ج1/352.

[9] دولة الإسلام في الأندلس، مكتبة الخانجي، القاهرة، ج1/448.

[10] بعض المصطلحات للعمارة الأندلسية المغربية لعبد العزيز السالم، صحيفة معهد الدراسات الإسلامية بمدريد، المجلد الخامس، 1377هـ/1957م، ص 249.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق