الرابطة المحمدية للعلماءأخبار

الرابطة المحمدية للعلماء ترفض كل مزايدة على المملكة المغربية من وكالة أنباء إيرانية أو غيرها.

وانتشار البيدوفيليا والسلوكيات الخطرة يستوجب العمل المشترك لمواجهته بدل التراشق.

في معرض جوابه على سؤال لأحد زوار موقع الرابطة حول ما نشرته وكالة الأنباء الإيرانية، وكذا جريدة “التغريد” الإيرانية الذي جاء فيه أن المغرب أصبح واجهة للشذوذ الجنسي والبيدوفيليا، وأن المثلية الجنسية في المغرب أصبحت واقعا على غرار الدول الغربية، مما سوف يعرضه حسب قول الوكالة نفسها إلى عذاب مثل “عذاب سودوم”.

قال الدكتور أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء:” تسلّلُ ُبعض قاصدي المتعة الجنسية خارج ضوابطها الشرعية والإنسانية، وحتى الطبية تحت سربال السياحة، أمر ليس يخص المملكة المغربية وحدها. وإنما هي بلوى تعم كثيرا من بلدان العالم بما فيها إيران.ومن ثم فلا يصح موضوعيا نعت المغرب بأنه أصبح وِجْهَة مخصوصة لمثل هذه الممارسات. ومقاومة البيدوفيليا وغيرها من السلوكيات الخطرة وَجب أن يكون مجال تعاون بين الجميع، وليس مجال تراشق”

وأكد د.عبادي في حوار مباشر على موقع الرابطة المحمدية للعلماء أمس الاثنين 16 مارس 2009 أن الله عز وجل أكرم هذا المملكة المغربية بعروة إمارة المومنين الحامية لحمى الملة والدين، كما منّ سبحانه بنعمة إلهام مولانا أمير المومنين أيده الله، اختيار نهج الشفافية وتدارس كل القضايا التي لها وجود في مجتمعنا، في وضوح تحت أنوار الشرع والعقل؛ فمعرفة الواقع شرط ضروري في التعامل الراشد معه، ومعالجتِه بحكمة واستبصار.وإذ نَرنُو بدعاء ورجاء إلى تجانف أبنائنا وبناتنا عن ممارسة ما لا يَحِلّ، فضلا عن محاولة ترسيمه، فإننا نعتز بنهج مولانا الإمام القويم، المجمع عليه، الذي لا يَترك، بفضل الله، مجالا لمزايدة وكالة أنباء إيرانية ولا غيرها بهذا الخصوص”.

وفي السياق نفسه أوضح الدكتور عبادي “أن المملكة المغربية إذا كانت تتميز باختيارها درب الحوار الشفاف وحرية الصحافة والتعبير، فإن ذلك أقرب إلى الوقوف على معالم واقعنا وتمثُّل تغيراته، مما يُيسر الوقوف على جَلِيَّتها، ومن ثَمّ التعامل معها بشكل أرشد؛ فقد ثبت أن عدم تداول المجتمعات فيما يَعتلِج داخلها من قضايا وظواهر أشبه بمن لا يعرض نفسه للأشعة والتحاليل التي تكشف ما يقتضي داخل ذاته العلاج.

وقد توافق هذا الخبر مع خرجات إعلامية للمنسق العام لجمعية المثليين المغاربة. وهو ما دفع أحد زوار الموقع إلى التساؤل حول موقف الرابطة من التطورات التي عرفها هذا الملف في المغرب؟ خاصة عندما صرح هذا الشخص للصحافة المغربية بقوله: “نحن أناس عاديون مثل كل المغاربة نصلي ونصوم، لكن الفرق بيننا هو أن شريكنا في الفراش هو من بني جنسنا، هذا فقط هو الفرق بيننا وبينكم”. كما صرح أنه قد تم مؤخرا لقاء في مراكش في جو عائلي ناقشوا فيه عدة مشاكل، داعيا الآباء إلى تقبل مثلية أبنائهم وبناتهم؟؟

وفي معرض جوابه عن هذا السؤال أكد الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء “أن المثلية في الغرب عبرت جملة من المراحل عبر بوثقات تطارحية عدة، في سجال بين مختلف مكوناته الثقافية والفكرية والهوياتية، فجرى الحوار أولاً عن الجنس، وهل الهدف منه الذرية أم المتعة؟ فكان التوجه الأعمّ نحو الإجابة بأنه المتعة؛ لانعدام النصوص المرجعية الحاسمة المجمع عليها في سياقهم بهذا الصدد. في حين أن المرجعية القرآنية فيها عدد من مواطن الإحكام بهذا الخصوص؛ حيث قوله تعالى:(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها. وجعل بينكم مودة ورحمة)[الروم 21]، وقوله تعالى بيانا للجمع بين المتعة وطلب الذرية:(نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم)[البقرة 223] إشارة إلى جواز الإتيان الحلال في القُبُل في كل الوضعيات المُمْكنة، وقوله تعالى:(فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم)[البقرة 187] في إشارة أيضا إلى الجمع بين المتعة وطلب الذرية.

ثم كانت في الغرب المرحلة الثانية؛ حيث جرت مطارحات حول حدود تحقيق المتعة بعد أن تم تبني أنها هي المقصودة، وهل هذا التحقيق منحصر بين الجنسين، أم أنه منفتح على المثلية أيضا؟ فاختار البعض كونه أيضا منفتحا على المثلية”.

والنصوص الإسلامية ـ يضيف عبادي ـ بهذا الصدد كذلك فيها إحكام ووضوح من حيث عدم إجازة الإتيان في الدبر حتى بين الزوج وزوجته، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة، الذي أخرجه الإمام أحمد وأبو داود:”ملعون من أتى امرأة في دبرها”، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يأتي امرأته في دبرها:”هي اللّوطية الصغرى” رواه أحمد، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”لا ينظر الله إلى رجل يأتي امرأته في دبرها” رواه الترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان وابن راهويه. قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري عن هذه الأحاديث:”طرقها كثيرة، ومجموعها صالح للاحتجاج به” فتح الباري 8/241.

كما يثبت عدم جواز ذلك في كتاب الله تعالى في معرض الحديث عن نبي الله لوط عليه السلام، في قوله سبحانه:(أتاتون الذكران من العالمين. وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم. بل انتم قوم عادون)[الشعراء 165ـ 166] إلى قوله تعالى:(إن في ذلك لآية. وما كان أكثرهم مومنين) [الشعراء 174]، وقد استنبط العلماء من قوله تعالى:(وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم) أن المتعة الجنسية منحصرة في ممارستها بين الزوجين في حدود الفطرة التي فطر وخلق بني آدم عليها. كما نجد القرآن الكريم في سياق حكاية ترجيح لوط عليه السلام الحرِج القاهر بين إصرار قومه على إتيان ضيوفه من الذكور، وحِفظِهم منهم، أنه عليه السلام عرَض مُكرهًا بناتِه عليهم، وذلك في قوله تعالى:( وجاءه قومه يهرعون إليه. ومن قبل كانوا يعملون السيئات. قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم. فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي. أليس منكم رجل رشيد)[هود 78].

مما يثبت معه ـ حسب الدكتور عبادي ـ بما لا يترك مجالا للشك، أنه بمقتضى ديننا الحنيف وجب شفع الصلاة والصيام؛ واللذان هما من أزكى الطاعات، بأنوار الامتناع عن ما حرم الله، حتى يستقيم الإسلام، ويَكمُل الخير.

وفي جوابه عن سؤال آخر لأحد زوار الموقع حول سبل مقاومة الفكر الشيعي الذي بدأ ينتشر، وهل للرابطة المحمدية برنامج لمقاومة هذا الفكر؟

أوضح الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أن المملكة المغربية اختارت، بفضل الله وتوفيقه، منذ قرون عدة ثوابتها الدينية، وأجمع عليها أهلها، علماء ومتعلمين، مما تيسر معه وحدة واستقرار واستمرار، بحيث شكل المذهب الأشعري اعتقادا، بوسطيته وجمعه المتزن والمتشرِّع والمنسجم بين المعقول والمنقول، جُنَّةً دون أضرب الارتباك التي قد تَنجُم بسبب الافتقار إلى بصيرة بهذا الصدد.

ويزيد د. عبادي “أن المذهب المالكي كان فقها حصنا لأهل هذا البلد لانبنائه على الميراث النبوي؛ إذ كانت المدينة المنورة له منشأً ومحتدًا ومُنطلقا؛ مما جمع له كثيرا مما تفرق في غيره من الهدي العملي للنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، ولصحابته الكرام.

وتأكيدا منه على الثوابت والخصوصيات الدينية للمملكة المغربية، أشار الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء إلى أن “الفقه المالكي فقه ضارب بأصوله في صحيح النصوص ومتواتر الفعل والتقرير النبويين، كما أنه منفتح بمقاصديته على متنوِّع مستأنفات الأحوال بقابلية استيعابية متزنة متفردة؛ فإنه كان حائلا دون الاختلاطات والتنازعات الفقهية والتشريعية في هذا البلد الكريم. كما شكل التصوف السني الجامع لأهل هذا البلد بين تطلبات الأشباح وأشواق الأرواح حماية دون كل مزايدة بهذا الصدد”.

وبيّن الأمين العام للرابطة أن كل هذه الثوابت قد اندمجت في هوية أهل هذا البلد المسلم، وانداحت في كل مكوناتها في احترام للفهوم وللاختيارات المذهبية الأخرى ما لم تنفك عن راسخ أصول الديانة ومحكم صحيح نصوصها، أو تتجانف عن ثوابت مأثور التشريع والهدي النبويين. وإن التأكد من توضيح وبيان هذه الثوابت لبني وبنات أمتنا لهو خير مقاومة لكل أضرب الاختراق كيفما كان نوعه أو لونه، شيعيا أو غيره.

وفي ختام جوابه أكد الدكتور أحمد عبادي أن الرابطة المحمدية للعلماء لا تألو جهدا في هذا التوضيح وذاك البيان، مع استحضار الوعي بطبيعة وتركيب الواقع التواصلي الراهن الذي بات ناطقا بلسان حاله بقول القائل: “فزاحم بالذكاء لتفضُلا”؛ فالذي يكون اليوم بيانه بليغا بيّنا جذّابا في عالمنا لا شك أنه سوف تكون له مغناطيسية استقطابية أكبر، مما يستلزم التوجيه والتخطيط والتشمير والتكوين والإنفاق من قِبَلنا حتى نحقق الميلَ الفكري والحضاري اللذان يحصل معهما العطاء والنقل انطلاقا، والتلقي والتقبل انتقاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق