الخُلَاصَةُ الفقهية على مذهب السَّادة المالكية
تأليف : العلامة محمد العربي القروي الأندلسي، رحمه الله
تنوَّعَت أنْماط التأليف عند السّادة المالكية وتعدَّدت أشكالها، ما بين مطوَّل ومختصَر، وبين كتب شاملة لأبواب الفقه، وبين أُخرى مقْتصرة على جانب من أبوابها، ومن الأخير الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية، للعلامة محمد العربي القروي الأندلسي، إذ قد احتوت على أبواب العِبادات فقط، وذلك منه رحمه الله تعالى لحاجة النّاس عامة، والطلبةِ المبتدئين خاصّة لمثل هذا النَّمط من التَّأليف، لكنَّه زاده روْنقاً أن جاء على صيغة السّؤال والجواب، وهي طريقة لم تكن مأْلوفة من قبل في كتب السّادة المالكية، بل لم تظهر بوضُوح إلا في العصور الأخيرة؛ حيث رأى المعْتنون بحقْل التَّعليم ضرورة إضْفاء صيغَة جديدة على كتب الفقه تحبب النشأ في تعلمه والتنقيب فيه عن أسراره وكنوزه.
لهذا وغيره نالت الخلاصة الفقهية إعجابَ كثيرٍ من طلاَّب العلْم وغيرهم، ممن استهْوتهم طريقته في العرض؛ فالسؤال يبعث في النَّفس انْدفاعاً للبحْث عن الجواب، بل يحرك كَوامِن العقْل للتَّفْكير، وبهذا الأسلوب الشَّيِّق يكْتسب الطَّالب الجرأة على البحْث، والتعمق فيه.
وقد بدأ كتابه رحمه الله تعالى بباب: الطاهر والنجس، مراعاة منه للطَّهارة السابقة الإقدامَ على الصّلاة، ثم أتبع بالأركان الباقيَة، وأضاف إليها أحْكام الأضْحية، والعَقِيقة، والخِتان، والذَّكاة، نظراً لحاجة النّاس إليْها في حياتِهم.
وطريقته ـ رحمه الله تعالى ـ في عرض المادَّة شيقةٌ وبديعَة؛ حيْث يتدرَّج في الباب تدرُّجاً لا يلبث قارئه أن يستجْمع أطرافه كلِّه، مما يجعله كذلك قادراً على استيعاب كل ما ورد في الباب من جزئيات وتفاصيل، كل ذلك بعبارة سهلة مرنة، ليس فيها تعقيد لُغة الفقه، ولا تشْقيقاته، و لا تفْريعاته، ولا احْتمالاته؛ لأنّ أصل وضعه على ذلك، لكن قد يطيل حسب ما يقتضيه القول في المسْألة إذا دعت الضَّرورة إلى ذلك.
ولم يكتف العلاَّمة محمد العربي ـ رحمه الله تعالى ـ بهذا، بل جعَل يختم كلَّ باب بما سمَّاه: الخلاصة، فيقول مثلا: >خلاصة الصلاة<، >خلاصة الزكاة<، >خلاصة الصّوم<، >خلاصة الأضْحية<، وهذا كلُّه منه ـ رحمه الله تعالى ـ ليجمع للطالب أو القارئ رُؤوس مسائل الأبْواب، فيستطيع استحْضار ما شاء منها متى ما شاء.
وبما أن الكتاب قُصد به الاقْتصار والاخْتصار على الضَّروري من العبادات، فإن الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ لم يذكر مصدراً واحداً من مصادره، لا كتباً ولا أعلاماً؛ وذلك لأنه استقاه وصفَّاه من مصادر المذْهب المالكي، ويظْهر من اختياراته أنّه اعتمد مصادر متأخري السادة المالكية ـ رحمهم الله تعالى ـ، وتبنى المشهور في المذهب، وقليلاً ما يعرج على غيره، وذلك جعله من باب حكاية الخلاف في المذهب، خاصة إذا ساق الخلاف في المسألة تبييناً للخلاف في المسألة، ومواطن هذا قليلة جدّاً في الْكتَاب؛ إذْ إنما محَّصه للفقْه المالِكي.
والكتاب رغْم صغر حجمه فإنه نافع في بابه، لا يستغني عنه الطّالب المبتدئ، ولا من أراد أن يُقرِّب الفقه من العامة.
اسم الكتاب: الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية
المؤلف: الشيخ محمد العربي القروي الأندلسي.
تحقيق: د. يحيى مراد.
الطبعةالأولى، سنة: 1430هـ، 2009م.
الناشر: مؤسسة المختار للنشر والتوزيع.
إنجاز: د. سعيد بلعزي.