الرابطة المحمدية للعلماء

الخزانة الزيدانية بالإسكوريال.. عصر تدوين جديد

د. جمال بامي: الخزانة الزيدانية من أشهر وأعظم الخزائن العلمية في تاريخ المغرب

قال الدكتور جمال بامي الباحث والمتخصص في التاريخ والأنتروبولوجيا: ارتبط اسم "الإسكوريال" بمكتبة المخطوطات والكتب العربية الإسلامية بمدريد، وهي وإن لم تكن مكتبة كبيرة الحجم فإن قيمتها تتجلى في بعدها التاريخي والعلمي، إضافة إلى الإطار المعماري الذي يضمّها، وهو قصر الإسكوريال الذي اكتمل بناؤه في عهد الملك الاسباني فيليب الثاني سنة 1584م.

وفي تصريح لموقع الرابطة المحمدية للعلماء أضاف الدكتور بامي: "يوجد في مكتبة الإسكوريال جناح خاص بالمخطوطات العربية التي تم جمعها من مختلف المدن الأندلسية كقرطبة وإشبيلية وغرناطة وبلنسية، كما تحتوي خزانة الإسكوريال على مخطوطات مغربية ذات أهمية علمية بالغة كان قد استولى عليها قراصنة إسبان في عرض مياه المحيط الأطلسي سنة 1612م قبل ضمها إلى خزانة دير الإسكوريال.."

يتعلق الأمر بالخزانة الزيدانية نسبة إلى أبي المعالي زيدان بن أحمد المنصور الذهبي، وهي من أشهر وأعظم الخزائن العلمية في تاريخ المغرب، وتتكون من مكتبة والده أحمد المنصور الذهبي ومما حازه من مكتبتي أخويه المامون وأبي فارس بعد وفاتهما، بالإضافة إلى كتبه الخاصة، وقد كان من محتويات الخزانة الزيدانية مؤلفات باللغة اللاتينية..

وقال أيضا: لقد تعرضت خزانة السلطان زيدان السعدي لنكبة كبيرة بعد ثورة ابن أبي محلي عام 1612م حين اضطر السلطان إلى مغادرة مراكش في اتجاه آسفي ليسافر منها إلى أغادير، واستأجر سفينة فرنسية لحمل نفائسه وخزانة كتبه التي قدرت بأربعة آلاف مخطوط في مختلف فنون العلم والأدب، لكن السفينة أسرت من طرف قراصنة إسبان وتوجهوا  بها إلى إسبانيا، فأمر الملك فيليب الثالث أن توضع المخطوطات في دير الإسكوريال..

في سنة 1671م شب حريق في الإسكوريال أتى على جزء كبير من المخطوطات، ولم يسلم منها إلا حوالي ألفين مخطوط وهي الباقية اليوم من المكتبة الزيدانية في قصر الإسكوريال.

 هكذا تفرق شمل خزانة زيدان السعدي وذهب بعضها ضحية الحريق وبقي ما نجا منها في الإسكوريال، أما الباقي من المكتبة التي كانت في القصر الزيداني بمراكش. فقد استولى على جزء منه أبو زكرياء الحاحي بعد خروجه من مراكش في اتجاه سوس بعدما كان قدم إلى مراكش للدفاع عن السلطان زيدان ضد الثائر ابن أبي محلي...

ثم تشتتت البقية الباقية من الخزانة الزيدانية في ربوع المملكة واستقرت في مختلف الخزانات العامة والخاصة.

لم يفتأ المغرب يطالب بهذه الخزانة منذ العصر السعدي بدءا بزيدان نفسه ثم ابنه الوليد، كما قام السلاطين العلويون من بعدهم بجهود كبيرة من أجل استرجاع الخزانة الزيدانية. وكل السفارات المغربية إلى اسبانيا في العهد العلوي كانت تطالب ليس فقط بإرجاع المخطوطات الزيدانية ولكن بكل المخطوطات العربية والأندلسية بإسبانيا..

من جهة أخرى أكد الدكتور بامي أن العديد من الباحثين قاموا بدراسة وفهرسة مخطوطات الإسكوريال لعل أشهرهم الراهب اللبناني ميشيل كازيري الذي أصدر فهرسا لمخطوطات الإسكوريال في مجلدين بين عامي 1760م و1770م. وقام المستشرق الفرنسي ديرانبورغ بوضع فهرس سنة 1884م بعنوان "مخطوطات الإسكوريال العربية"، وفي سنة 1928م نشر المستشرق الشهير ليفي برفنصال جردا للمخطوطات تحت اسم: "قائمة المخطوطات العربية في الإسكوريال".

وبموجب اتفاقية التعاون العلمي التي تم التوقيع عليها في ديسمبر 2009م بين المكتبة الوطنية بالمغرب ومكتبة الإسكوريال سيتم استنساخ العديد من المخطوطات العربية خصوصا مخطوطات الخزانة الزيدانية وإعداد نسخ منها على الميكرو فيلم خدمة للبحث العلمي..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق