مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةمفاهيم

التوحيد

–  سئل الجنيد عن التوحيد فقال: “إفراد الموحد بتحقيق وحدانيته بكمال أحديته بأنه الواحد، الذي لم يلد ولم يولد، بنفي الأضداد والأنداد والأشباه وما عبد من دونه، بلا تشبيه ولا تكييف ولا تصوير ولا تمثيل، إلها واحدا صمدا فردا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير”. [1]

– “التوحيد علمك وإقرارك بأن الله فرد في أزليته، لا ثاني معه، ولا شيء يفعل فعله”. [2]

–  وحكي عن تاج العارفين أنه قال: “أشرف كلمة في التوحيد ما قاله أبو بكر الصديق رضي الله عنه: سبحان من لم يجعل لخلقه سبيلا إلى معرفته، إلا العجز عن معرفته، وقال الأستاذ أبو القاسم الجنيد: ليس يريد الصديق رضي الله عنه أنه لا يعرف، لأن عند المحققين العجز عجز عن الموجود دون المعدوم، كالمقعد عاجز عن قعوده إذ ليس بكسب له ولا فعل والقعود موجود فيه، وكذلك العارف عاجز عن معرفته، والمعرفة موجودة فيه لأنها ضرورية، وعند هذه الطائفة: المعرفة به سبحانه في الانتهاء ضرورية، فالمعرفة الكسبية في الابتداء، وإن كانت معرفة على التحقيق، فلم يعدّها الصديق رضي الله عنه شيئا بالإضافة إلى المعرفة الضرورية، كالسراج عند طلوع الشمس وانبساط شعاعها عليه”. [3]

–  “إن أول ما يحتاج إليه من عقد الحكمة تعريف المصنوع صانعه، والمُحدث كيف كان أحدثه، وكيف كان أوله، وكيف أحدثه بعد موته، فيعرف صفة الخالق من المخلوق، وصفة القديم من المحدث، فيعرف المربوب ربه، والمصنوع صانعه، والعبد الضعيف سيده، فيعبده ويوحده، ويعظمه ويدل لدعوته، ويعترف بوجوب طاعته، فإن من لم يعرف مالكه لم يعترف بالملك لمن استوجبه، ولم يضف الخلق في تدبيره إلى وليه. والتوحيد علمك وإقرارك بأن الله فرد في أوليته وأزليته، لا ثاني معه ولا شيء يفعل فعله، وأفعاله التي أخلصها لنفسه؛ أن يعلم أن ليس شيء يضر ولا ينفع، ولا يعطي ولا يمنع، ولا يسقم ولا يبري، ولا يرفع ولا يضع، ولا يخلق ولا يرزق، ولا يميت ولا يحيي، ولا يسكن ولا يحرك غيره جل جلاله”. [4]

– “إذا تناهت عقول العقلاء في التوحيد تناهت إلى الحيرة. وسئل الجنيد عن التوحيد فقال: معنى تضمحل فيه الرسوم، وتندرج فيه العلوم، ويكون الله تعالى كما لم يزل”. [5]

–  قال الجنيد: “التوحيد الذي انفرد به الصوفية هو إفراد القدم عن الحدث، والخروج عن الأوطان، وقطع المحاب، وترك ما عُلم وجُهل، وأن يكون الحق سبحانه مكان الجميع”. [6]

 

–  قال الجنيد في صفة الموحِّد: “اعلم أن الناس ثلاثة: طالب قاصد، ووارد واقف، أو داخل قائم. أما الطالب لله عز وجل فإنه قاصد نحوه، باسترشاد دلائل علم الظاهر، معامل لله عز وجل بجد ظاهره. أو وارد للباب واقف عليه، مُتبيّن لمواضع تقريبه إياه، بدلائل تصفية باطنه، وإدرار الفوائد عليه، معامل لله عز وجل في باطنه.أو داخل بهمه، قائم بين يديه، منتف عن رؤية ما سواه؛ ملاحظا لإشارته إليه، مبادرا فيما يأمره مولاه، فهذه صفة الموحد لله عز وجل”. [7]

 

–  وقال الجنيد: “علم التوحيد مباين لوجوده، ووجوده مفارق لعلمه. وقال أيضا: علم التوحيد طوي بساطه منذ عشرين سنة، والناس يتكلمون في حواشيه”. [8]

الهوامش

[1] –   اللمع، أبو نصر السراج الطوسي (ت378هـ)، تحقيق: عبد الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور، مكتبة الثقافة الدينية، مصر، د.ط، 1423هـ/2002م، ص: 49.

[2] –   تاج العارفين، الجنيد البغدادي، الأعمال الكاملة، دراسة وجمع وتحقيق: سعاد الحكيم، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط3، 2007م، ص: 212.

[3] –   الرسالة القشيرية في علم التصوف، عبد الكريم بن هوازن القشيري (465ھ)، تحقيق: معروف مصطفى زريق، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، د.ط، 1426ھ/2005م، ص: 300.

[4] –   حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني الشافعي (ت430ھ)، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط3، 1427ھ/2007م، 10/275.

[5] –   الرسالة القشيرية، ص: 299.

[6] –   المصدر السابق، 300.

[7] –   تاج العارفين، ص ص: 259-260.

[8] –    الرسالة القشيرية، ص: 301.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق