- سئل الجنيد عن التوبة فقال: "هو أن تنسى ذنبك". قال أبو نصر السّراج: "أشار الجنيد إلى توبة المحققين، فإنهم لا يذكرون ذنوبهم بما غلب على قلوبهم، من عظمة الله تعالى، ودوام ذكره".[1]
- قال الجنيد: "دخلت يوما على سري السقطي، فرأيت عليه همّا، فقلت: أيها الشيخ أرى عليك هما، فقال: الساعة دقّ عليّ داق الباب، فقلت: ادخل. فدخل عليّ شاب في حدود الإرادة، فسألني عن معنى التوبة، فأخبرته، وسألني عن شرط التوبة، فأنبأته. فقال: هذا معنى التوبة، وهذا شرطها، فما حقيقتها؟ فقلت: حقيقة التوبة عندكم أن لا تنسى ما من أجله كانت التوبة. فقال: ليس هو كذلك عندنا. فقلت له: فما حقيقة التوبة عندكم؟ فقال: حقيقة التوبة ألاّ تذكر ما من أجله كانت التوبة. وأنا أفكر في كلامه. قال الجنيد: فقلت: ما أحسن ما قال. قال فقال لي: يا جنيد، وما معنى هذا الكلام؟ فقال: يا أستاذ، إذا كنت معك في حال الجفاء، ونقلتني من حال الجفاء إلى حال الصفاء، فذكري للجفاء في حال الصفاء غفلة".[2]
- قال الجنيد - رحمه الله- في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ﴿استغفروا الله وتوبوا إليه، فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة﴾ أو كما قال؛ قالوا: كان حال النبي صلى الله عليه وسلم مع الله تعالى: زيادة في كل نفَس وطرفة عين، فكان إذا رقى به إلى زيادة حال أشرف من زيادته على حالته في النّفس الماضي، استغفر الله من ذلك وتاب إليه".[3]
- يقول الجنيد: "التوبة على ثلاثة معان: أولها الندم، وثانيها العزم على ترك المعاودة إلى ما نهى الله عنه، وثالثها السعي في أداء المظالم".[4]
الهوامش
[1]- اللمع، أبو نصر السراج الطوسي (ت378هـ)، تحقيق: عبد الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، د.ط، 1423هـ/2002م، ص: 68.
[2]- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني الشافعي (ت430هـ)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط3، 2007م، 10/292.
[3]- اللمع، ص: 161.
[4]- الرسالة القشيرية في علم التصوف، أبو القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري النيسابوري (ت465هـ-1703م)، تحقيق: معروف مصطفى زريق، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، د.ط، ص: 95.