مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكمفاهيم

التفسير الصوفي الإشاري من خلال نموذج لطائف الإشارات للقشيري (15)

 

ذ. عبد الرحيم السوني.

باحث بمركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك.      

2ــ طريقته في استعمال بعض أدوات التفسير الظاهري:

ما نلاحظه في تفسير الإمام القشيري، من هذه الناحية، هو قلة استعماله لمثل هذه الأدوات، وهو حتى حينما يستعملها فإنه يضعها في نطاق مغاير لما نجدها عليه في كتب التفسير، ذلك أنه يوردها ليستشهد بما تتضمنه من المعاني الإشارية التي يقوي بها تفسيره الذوقي.

ومن أهم ما يستعمله القشيري من هذه الأدوات: تفسير القرآن بالقرآن، وتفسيره بالحديث، و أسباب النزول، والنسخ، واللغة، وغير ذلك مما سيأتي بيانه.

أ ــ تفسير القرآن بالقرآن:

كثيرا ما يورد القشيري، عند تفسيره لآية ما، الآيات الأخرى التي لها علاقة بها، حتى لو لم تكن موحدة الموضوع من جهة الظاهر، فإنها منسجمة ومتناغمة ومتكاملة من جهة الباطن، وهو ما يعبر عنه القشيري إشارة، وهو عندما يأتي بتفسيرٍ ما، يقويه بآية أخرى تكون مشيرة لنفس المعنى من حيث الإشارة، كما فعل عند تناوله لقوله عز وجل مخاطبا موسى وهارون عليهما السلام: ﴿فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى﴾[1]، إذ أورد قوله سبحانه وتعالى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿وجادلهم بالتي هي أحسن﴾[2]، وقوله تعالى له عليه الصلاة والسلام أيضا: ﴿قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة﴾[3].

فالآيتان الأخيرتان، وإن اختلف موضوعهما عن موضوع الأولى، إلا أنهما تدعوان مثلها إلى ملاينة من تراد هدايتهم إلى دين الله والصبر عليهم.

وقد يستطرد القشيري بذكر تفاصيل أخرى من نفس الموضوع وردت في سورة أخرى كما حدث عند تفسيره للآية الأولى من سورة الإسراء، إذ أورد قوله عر وجل: ﴿ما زاغ البصر وما طغى﴾[4] وفسره وربط بينه وبين آية الإسراء. ومثل هذا كثير في تفسير القشيري.

 

 


[1] ـ سورة طه، الآية: 44.

[2] ـ سورة النحل، الآية: 124.

[3] ـ سورة فاطر، الآية: 46.

[4] ـ سورة النجم، الآية: 17.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق