مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

التعريف بمراحل تطور المذهب المالكي ومدارسه ومصادره الفقهية وأصوله[13]

الدكتور عبدالله معصر

رئيس مركز دراس بن إسماعيل


سابعا:النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني

وهو من أشهر كتب المالكية، جمع فيه ابن أبي زيد القيرواني ما في الأمهات من المسائل والخلاف والأقوال، فاشتمل على جميع أقوال المذاهب وفروع الأمهات كلها[1].

وكتاب النوادر والزيادات أكبر موسوعة في فقه المالكية استوفى فيه ابن أبي زيد النقول عن الإمام مالك، وفقهاء المذهب من أعلام تلامذة الإمام مالك، من المصادر الأصلية للمذهب التي ذهب الزمان بها إلا قليلا مما لم يرد في المدونة[2]،  يقول ابن أبي زيد: (أما بعد، يسرنا الله وإياكم لرعاية حقوقه، وهدانا إلى توفيقه، فقد انتهى إلي ما رغبت فيه من جمع النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات، من مسائل مالك وأصحابه، وذكرت ما كثر عليك من دواوينهم مع رغبتك في نوادرها وفوائدها، وشرح مشكل في بعضها، واختلاف من الأقاويل يشتمل عليه كثير منها، وهي مع ذلك فأكثرها بعضها من بعض، يتكرر في بسطها، ويبسط على كثرة التبيين فيها…وذكرت- وفقنا الله وإياك إلى محابه- ما كثر من الكتب مع ما قل من الحرص والرغبة وضعف الطلب والعناية، والحاجة إلى ما افترق في كثرة الكتب من شرح وتفسير، وزيادة معنى شديدة، ورغبت في أن نستثير العزيمة ونفتح بابا إلى شدة الرغبة بما رغبت فيه، من اختصارها ما افترق من ذلك في أمهات الدواوين من تآليف المتعقبين، وذكرت أن ما في كتاب محمد بن إبراهيم المواز، والكتاب المستخرج من الأسمعة استخراج العتبي، والكتب المسماة الواضحة، والسماع المضاف إليها المنسوبة إلى ابن حبيب، والكتب المسماة المجموعة المنسوبة إلى ابن عبدوس، والكتب الفقهية من تأليف محمد ابن سحنون، أن هذه الدواوين تشتمل على أكثر ما رغبت فيه من النوادر والزيادات، ورغبت في استخراج ذلك منها وجمعه، باختصار اللفظ في طلب المعنى، وتقصي ذلك وإن انبسط بعض البسط، والقناعة بما يذكر في أحدها عن تكراره، والزيادة إليه ما زاد في غيره، ليكون ذلك كتابا جامعا لما افترق في هذه الدواوين من الفوائد، وغرائب المسائل، وزيادات المعاني، على ما في المدونة، وليكون لمن جمعه مع المدونة، أو مع مختصرها مقنع بهما، وغني بالاقتصار عليهما، لتجتمع بذلك رغبته، وتستجم همته، وتعظم مع قلة العناية بالجمع فائدته….واعلم أن أسعد الناس بهذا الكتاب، من تقدمت له عناية، واتسعت له رواية، لأنه يشتمل على كثير من اختلاف علماء المالكيين.)[3].

فالكتاب يمثل ذروة علم المالكية في القرن الرابع الهجري،وهو يفوق المدونة حجما، كما أنه يتناول جميع المسائل الفقهية مستندا على أساس من المراجع أوسع من المدونة، فهو يضم الأقوال الفقهية، والفقه المقارن داخل المذهب، وشذرات من الأخبار والسير[4].

والخلاصة أن الكتاب (من أعظم الكتب الفقهية، وأعونها على تكوين الملكة الفقهية، والتخريج على حسن الفهم ودقة التنزيل، وبراعة التعليل، فقد جمع فيه صور الحوادث التي لم تنص أحكامها في المدونة)[5].

 

الهوامش: 


[1]– مقدمة ابن خلدون ص245 .

 [2]-انظر مقدمة محقق النوادر والزيادات ج1ص37 .

 [3]-النوادر والزيادات ج1ص(9-12) .

[4] -دراسات في مصادر الفقه المالكي: ميكلوش موراني ص18- ومقدمة أبي الأجفان لكتاب الجامع ص44 .

 [5]-أعلام الفكر الإسلامي ص48 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق