مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةدراسات عامة

البيهسية: من فرق الخوارج

     أصحاب أبي بيهس الهيصم بن جابر وهو أحد بني سعد بن ضبيعة وقد كان الحجاج طلبه أيام الوليد فهرب إلى المدينة فطلبه فيها عثمان بن حيان المزني فظفر به وحبسه وكان يسامره إلى أن ورد كتاب الوليد بأن يقطع يديه ورجليه ثم يقتله ففعل به ذلك‏.‏
     وكفر أبو بهس‏:‏ إبراهيم وميمون في اختلافهما في بيع الأمة وكذلك كفر الواقفية‏.‏
     وزعم‏:‏ أنه لا يسلم أحد حتى يقر بمعرفة الله تعالى ومعرفة رسله ومعرفة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم والولاية لأولياء الله تعالى والبراءة من أعداء الله‏.‏
      فمن جملة ما ورد به الشرع وحكم به‏:‏ ما حرم الله وجاء به الوعيد فلا يسعه إلا‏:‏ معرفته بعينه وتفسيره والاحتراز عنه‏.‏
     ومنه ما ينبغي أن يعرف باسمه ولا يضره ألا يعرفه بتفسيره حتى يبتلي ويجب أن يقف عندما لا يعلم ولا يأتي بشيء إلا بعلم‏.‏
     وبرئ أبو بهس عن الواقفية لقولهم‏:‏ إنا نقف فيمن واقف الحرام وهو لا يعلم أحلالاً واقع أم حراماً قال‏:‏ كان من حقه أن يعلم ذلك والإيمان‏:‏ هو أن يعلم كل حق وباطل وإن الإيمان هو العلم بالقلب دون القول والعمل‏.‏
     ويحكى عنه أنه قال‏:‏ الإيمان‏:‏ هو الإقرار والعلم وليس هو أحد الأمرين دون الآخر‏.‏
وعامة البيهسية على أن العلم والإقرار والعمل كله إيمان وذهب قوم منهم إلى أنه لا يحرم سوى ما ورد في قوله تعالى‏:‏ ‏”‏ قل لا أجد فيما أوحى إلى محرماً على طاعم يطعمه‏.‏الآية ‏”‏ وما سوى ذلك ومن البيهسية قوم يقال لهم‏:‏ العونية وهم فرقتان‏:‏ فرقة تقول‏:‏ من رجع من دار الهجرة إلى القعود برئنا منه وفرقة تقول‏:‏ بل نتولاهم لأنهم رجعوا إلى أمر كان حلالاً لهم‏.‏
     والفرقتان اجتمعتا على أن الإمام إذا كفر كفرت الرعية‏:‏ الغائب منهم والشاهد‏.‏
      ومن البيهسية صنف يقال لهم‏:‏ أصحاب التفسير زعموا‏:‏ أن من شهد من المسلمين شهادة أخذ‏:‏ بتفسيرها وكيفيتها‏.‏
      وصنف يقال لهم‏:‏ أصحاب السؤال‏:‏ قالوا‏:‏ إن الرجل يكون مسلماً‏:‏ إذا شهد الشهادتين وتبرأ وتولى وآمن بما جاء من عند الله جملة وإن لم يعم فيسأل ما افترض الله عليه ولا يضره أن لا يعلم حتى يبتلي به فيسأل وإن واقع حراماً لم يعلم تحريمه فقد كفر وقالوا في الأطفال بقول الثعلبية‏:‏ إن أطفال المؤمنين مؤمنون وأطفال الكافرين كافرون‏.‏
      ووافقوا القدرية في القدر وقالوا‏:‏ إن الله تعالى فوض إلى العباد فليس لله في أعمال العباد مشيئة‏.‏
فبرئت منهم عامة البيهسية‏.‏
     وقال بعض البيهسية‏:‏ إن واقع الرجل حراما لم يحكم بكفره حتى يرفع أمره إلى الإمام الوالي ويحده وكل ما ليس فيه حد فهو مغفور‏.‏
     وقال بعضهم‏:‏ إن السكر إذا كان من شراب حلال فلا يؤاخذ صاحبه بما قال فيه وفعل‏.‏
وقالت العونية‏:‏ السكر كفر ولا يشهدون أنه كفر ما لم ينضم إليه كبيرة أخرى‏:‏ من ترك الصلاة أو قذف المحصن‏.‏

المصدر: الملل والنحل للشهرستاني. ص:81. الطبعة الأولى: 1426 هـ- 2005م .

دار  ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع لبنان .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق