هو أبو القاسم وأبو زيد عبد الرحمان بن الخطيب عبد الله بن الخطيب أبي عمر أحمد، بن أبي الحسن أصبغ، بن حسين، بن سعدون، بن رضوان، بن فتوح السهيلي الّإمام المشهور...[1]. وُلد سنة ثمان وخمسمائة بمدينة مالقة، وتكاد تتفق المصادر على أن بصره قد كف وهو ابن سبع عشرة سنة أو نحوها، وذلك لمرض عضال ألمَّ به...[2]
نشأ السهيلي بمالقة فقيرا معوزا، وكان من أسرة علم ودين وفقه؛ فقد كان والده وجده معدودين من العلماء، لذا قال عنه بعض مترجميه بأنه كان من بيت علم وخطابة؛ واستطاع بذكائه وطموحه أن يتعلم ويكوّن أسرة من عدة أولاد، كما تشهد على ذلك كناه، ويصبح من أعلام اللغة والحديث والفقه في الغرب الإسلامي، ولم يحد من هذا الطموح لا عاهته ولا فقره.[3]
شيوخه:
ذكره الذهبي فقال: العلامة الأندلسي المالقي، الضرير النحوي، الحافظ العَلَم، صاحب التصانيف، أخذ القراءات عن سُليمان بن يحيى، وجماعة. وروى عن ابن العربي القاضي أبي بكر، وغيره من الكبار. وبرع في العربية، واللغة، والأخبار، والأثر، وتصدّر للإفادة، وذِكر الآثار.[4]
كما حفظ السهيلي القرآن وتعلم مبادئ العربية على يد والده، وأخذ باقي العلوم المتداولة في عصره على يد مجموعة من كبار الفقهاء والعلماء من مالقة وغيرها من الحواضر الأندلسية الشهيرة، إذ كانت له رحلات علمية إلى قرطبة وإشبيلية وغرناطة، وأحصى له بعض مترجميه أزيد من ثلاثين شيخا[5]، منهم:
• ابن الأبرش: أخذ عليه النحو واللغة
• ابن الرماك: أخذ عنه النحو بإشبيلية
• ابن سرحان: أجازه في الحديث
• أبو الحسن السبائي: أخذ عنه النحو
• أبو بكر ابن عربي: أخذ عنه الحديث والأصول والتفسير
تلامذته:
تصدر السهيلي للتدريس بمالقة وكان يدرس السيرة والحديث واللغة، وأملى بعض كتبه على طلبته، ويشهد على مستوى هذه الدروس وأهميتها العدد الكبير من الطلبة والعلماء الذين أخذوا عنه، وتخرجوا على يديه، ومنهم:
• الأزدي: أبو الحسن الغرناطي، أخد عنه الموطأ والسيرة والقراءات، وسمع عليه كتابه الروض الأنف وغيره من كتب اللغة والأدب.
• الأموي: القاسم أحمد بن يزيد ابن عبد الرحمان بن بقي بن مخلد، سمع عنه تأليفه الروض الأنف.
• ابن دحية: أبو الخطاب بن دحية الكلبي أكبر طلبة السهيلي، أخد عنه الحديث والسيرة واللغة وسمع عنه كتابه الروض الأنف وغيره.[6]
آثاره:
ﭐشتهر السهيلي باهتماماته النحوية واللغوية، وكتاباته في السيرة والتفسير، فهو تلميذ ابن الطراوة العالم النحوي الأندلسي المشهور، وهو مؤلف الروض الأنف، والتعريف والأعلام، وشارح سور من الذكر الحكيم. وبالرغم من أن شعره قليل لا يتعدى أبياتا في موضوعات مختلفة كالتوسل والغزل ومراسلة بعض الأصدقاء، فإن عينيته:
يا من يرى ما في الضمير ويسمع أنـــــت المعــــــد لكــــل مـــــا يتوقع
قد داع صيتها وعارضها الشعراء وخمسوها وسدسوها... فصارت من النصوص المأثورة لدى الذاكرين والمنشدين.[7]
ومن بين أهم ما خلفه السهيلي من آثار نذكر:
• الروض الأنف، والمشرع الروى.
• نتائج الفكر.
• كتاب الفرائض وشرح آيات الوصية.
• التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام.
• مجموعة من الأمالي والمسائل والمفردات.
كان انتقال السهيلي إلى مراكش حدثا كبيرا أضفى عليه الخليفة (يوسف بن عبد المومن الموحدي) هالة عظيمة حيث أرسل إليه المراكب كما وصف ذلك تلميذه ابن دحية عندما قال: (فأمروا بوصوله إلى حضرتهم وبذلوا له مراكبهم وخيلهم ونعمتهم) وكان ذلك سنة 579هـ/1183م لأن الثابت أنه قضى بها زهاء ثلاث سنوات.[8]
وفاته:
توفي صاحب الترجمة بمراكش يوم الخميس السادس والعشرين من شعبان عام واحد وثمانين وخمسمائة، 22 من نونبر سنة 1185م، ودفن وقت الظهر بروضة باب الرب.
الهوامش:
[1]. إظهار الكمال في تتميم مناقب السبعة رجال، لعباس بن إبراهيم السملالي التعارجي،2 /143، المطبعة والوراقة الوطنية، الطبعة الأولى، سنة 2010م.
[2]. معلمة المغرب، 15/5144.
[3]. نفسه.
[4]. الدّيباج المذهب لإبن فرحون، 1/425، مكتبة الثقافة الدينية، الطبعة الأولى، سنة 2004.
[5]. معلمة المغرب، 15/5144.
[6]. نفسه.
[7]. الآثار الأدبية لصوفية مراكش لدكتور حسن جلاب، ص 62، الطبعة الأولى سنة 1994م.
[8]. معلمة المغرب، 15/5146.