هو أبو القاسم وأبو زيد عبد الرحمن بن الخطيب أبي محمد عبد الله بن الخطيب أبي عمر أحمد بن أبي الحسن أصبغ بن حسين بن سعدون بن رضوان بن فتوح، الخَثْعَمي السُّهَيْلي، الإمام المشهور المالكي والأندلسي والمراكشي، والمؤرخ والمحدث والحافظ والنحوي واللغوي والمقرئ والأديب.
ولد الإمام السهيلي سنة ثمان وخمسمائة بمدينة مالقة، وكفَّ بصره وهو ابن سبع عشرة سنة، والخثعمي نسبة إلى خثعم بن أنمار؛ وهي قبيلة كبيرة، وفيه اختلاف، والسهيلي نسبة إلى سهيل؛ وهي قرية بالقرب من مالقة، سميت باسم الكوكب لأنه لا يرى في جميع بلاد الأندلس إلا من جبل مطلٍ عليها.
قال ابن خلكان: كان ببلده يتسوغ بالعفاف ويتبلغ بالكفاف، حتى نمى خبره إلى صاحب مراكش فطلبه إليها وأحسن إليه، وأقبل بوجه الإقبال عليه، وأقام بها نحو ثلاثة أعوام.
أخذ الإمام السهيلي القراءات عن سليمان بن يحيى، وبعضها عن أبي علي منصور بن الخير، وسمع أبا عبد الله المعمر، وأبا بكر بن العربي، وأبا عبد الله بن مكي، وأبا عبد الله بن نجاح الذهبي، وجماعة، وأجاز له أبو عبد الله ابن أخت غانم وغيره، وناظر على أبي الحسين ابن الطراوة في "كتاب سيبويه"، وسمع منه كثيرا من كتب اللغة والآداب.
وكان السهيلي إماما في لسان العرب، واسع المعرفة، غزير العلم، نحويا متقدما لغويا، عالما بالتفسير، وصناعة الحديث، عارفا بالرّجال وبالتاريخ، ذكيا نبيها، صاحب استنباطات، تصدر للإقراء والتدريس والحديث وبعد صيته وجل قدره جمع بين الرواية والدراية، واستدعي إلى مراكش وحظي بها وولي قضاء الجماعة وحسنت سيرته.
وهو صاحب الأبيات التي مطلعها:
يامن يرى ما في الضمير **** ويسمع أنت المعدّ لكل ما يتوقع
ومن كتبه: "الروض الأنف" في شرح السيرة النبويّة لابن هشام، و"تفسير سورة يوسف"، و"التعريف والإعلام في ما أبهم في القرآن من الأسماء والإعلام"، و"الإيضاح والتبيين لما أبهم من تفسير الكتاب المبين"، و"نتائج الفكر" وغيرها.
وتوفي السهيلي بحضرة مراكش يوم الخميس ودفن وقت الظهر، وهو السادس والعشرون من شعبان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، رحمه الله تعالى، وقبره يوجد عند مخرج باب الرب أحد أبواب مدينة مراكش.
مصادر ترجمته:
- وفيات الأعيان لابن خلكان (3/ 143- 144).
- الوافي بالوفيات للصفدي (18/ 101).
- طبقات المفسرين الأدنه وي (1/ 197).
- الأعلام للزركلي (3/ 313).
- معجم المؤلفين لكحالة الدمشق (5/ 147).
- تاريخ الإسلام للذهبي (12/ 731).
- شذرات الذهب في أخبار من ذهب لأبي الفلاح (1/ 46).