مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

الإمام أبو الحسن الأشعري

(260هـ 324هـ)

الدكتور جمال بوشما

باحث بمركز دراس بن إسماعيل

 أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن إسماعيل بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ،فأبو الحسن الأشعري الملقب بناصر الدين ينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل عبد الله بن قيس بن حضار الأشعري اليماني رضي الله عنه.  

اختلف في تاريخ ولا دته فقيل ولد سنة ستين ومائتين،وقيل ولد سنة ست وستين ومائتين وقيل ولد سنة سبعين ومائتين للهجرة.والأرجح الرأي الأول حسب ما ذكره ابن عساكر وغيره وكما يقول ابن عساكر ” والأصح أنه مات سنة أربع وعشرين،وكذلك ذكر أبو بكر بن فورك،فيكون التاريخ سنة ثلاثمائة لرجوعه إلى مذهب أهل السنة ،لا للوقت الذي فيه هلك” تبيين كذب المفتري ص 66. وإذا كان قد قضى في الاعتزال أربعين سنة فإن سنة ولادته هي سنة 260هـ. وقد “مات سنة أربع وعشرين وثلثمائة”.تبيين كذب المفتري ص65.

ولد ونشأ في البصرة وبها تلقّى السنّة عن أعلامها الكبار كالحافظ زكريّاء بن يحيى بن عبد الرحمن الساجي [ت307هـ]،فقد كان أبوه أبو بشر إسماعيل بن إسحاق سنياً جماعياً حديثياً ،أوصى عند وفاته إلى زكريا بن يحيى الساجي  رحمه الله وهو إمام في الفقه والحديث، وله كتب منها كتاب اختلاف الفقهاء وكان يذهب مذهب الشافعي، وقد روى عنه الشيخ أبو الحسن الأشعري في كتاب التفسير أحاديث كثيرة“. تبيين كذب المفتري ص47.

وقد نشأ أبو الحسن في بيت زوج أمه أبي علي الجبائي المعتزلي، فكان ربيبه وتلميذه، إذ تعلم على يده علم الكلام الاعتزالي، الذي استمر عليه ما يقرب من أربعين سنة أو قريبا من ذلك، وهذه المدة الزمنية التي قضاها في المذهب الاعتزالي ساهمت في تكوينه الكلامي، حتى وصل مرتبة الانتقاد لدقائق علم الكلام ولجزئيات المذهب الاعتزالي، وصار يلاحظ على أجوبة مشايخه المعتزلة التي لا تشفي غليله، بل إن أسئلته لمشايخه ومناظرته لأساتذته كانت سببا في تحوله إلى مذهب أهل السنة والجماعة.

وقد تتلمذ أبو الحسن على عدة شيوخ منهم: زكريا بن يحيى الساجي،وأبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي وأبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي،وأبو العباس أحمد بن عمر بن سريج القاضي،وأبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل القفال الشاشي،وأبو الخليفة الجمحي،وسهل بن نوح ،وعبد الرحمان بن خلف الضبي،ومحمد بن يعقوب المقبري.

ويعد أبو الحسن الأشعري إمام أهل السنة والجماعة،قال القاضي عياض:”وصنّف لأهل السنة التصانيف، وأقام الحجج على إثبات السنة، وما نفاه أهل البدع من صفات اللـه تعالى ورؤيته وقِدَمِ كلامه وقدرته وأمور السمع الواردة من الصراط والميزان والشفاعة والحوض وفتنة القبر مما نفت المعتزلة وغير ذلك من مذاهب أهل السنة والحديث، فأقام الحجج الواضحة عليها من الكتاب والسنة والدلائل الواضحة العقلية، ودفع شبه المبتدعة ومن بعدهم من الملحدة والرافضة، وصنف في ذلك التصانيف المبسوطة التي نفع اللـه بها الأمة، وناظر المعتزلة، وكان يقصدهم بنفسه للمناظرة.ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك 2/524.وقال الإمام تاج الدين السبكي:اعلم أن أبا الحسن لم يبدع رأياً، ولم يُنْشِ مذهباً، وإنما هو مُقَرِّرٌ لمذاهب السّلف، مناضل عما كانت عليه أصحاب رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم، فالانتساب إليه إنما هو باعتبار أنه عقد على طريق السلف نطاقاً، وتمسك به وأقام الحجج والبراهين عليه. طبقات الشافعية الكبرى للسبكي:(3/365).

وقال أبو بكر الصيرفي:” كانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى أظهر الله تعالى الأشعري فحجزهم في أقماع السمسم”.تبيين كذب المفتري ص 81

قـال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني: “كنت في جنب الشيخ أبي الحسن الباهلي كقطرة في جنب بحر، وسمعت الباهلي يقول: كنت في جنب الأشعري كقطرة في جنب البحر”.تبيين كذب المفتري ص179.

وذكر ابن عساكر أن من سبب تركه للاعتزال أنه ” كان يورد الأسئلة على أستاذيه في الدرس ولا يجد جواباً شافياً فتحير في ذلك. فحكى عنه أنه قال : وقع في صدري في بعض الليالي شئ مما كنت فيه من العقائد، فقمت وصليت ركعتين وسألت الله تعالى أن يهديني الطريق المستقيم، ونمت ، فرأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المنام فشكوت إليه بعض ما بي من الأمر، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عليك بسنتي ، فانتبهت وعارضت مسائل الكلام بما وجدت في القرآن والأخبار، فأثبته ونبذت ما سواه ورائي ظهرياً “. تببين كذب المفتري ص 50.كما أنه “غاب عن الناس في بيته خمسة عشر يوماً فبعد ذلك خرج إلى الجامع فصعد المنبر وقال : معاشر الناس إني إنما تغيبت عنكم في هذه المدة؛ لأني نظرت فتكافأت عندي الأدلة ولم يترجح عندي حق على باطل ولا باطل على حق، فاستهديت بالله ـ تبارك وتعالى – فهداني إلى اعتقاد ما أودعته كتبي هذه، وانخلعت من جميع ما كنت أعتقده كما انخلعت من ثوبي هذا”. تببين كذب المفتري ص 50.

ومن تلاميذه نذكر: ابن مجاهد، وأبو الحسن الباهلي،وأبو الحسين بندار بن الحسين الشيرازي،وأبو الحسن علي بن مهدي الطبري،وابن خفيف،وأبو سهل الصعلوكي،وأبو زيد المروزي...

وقد صنف أبو الحسن الأشعري عدة مصنفات ومؤلفات اهتم بذكرها كل من ابن فورك في كتابه مجرد مقالات أبي الحسن الأشعري،وابن عساكر في كتابه تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري ومن هذه المصنفات نذكر:

-الفصول في الرد على الملحدين والخارجين عن الملة.

-الموجز.

-العمد.

-اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع.

-النقض على أوائل الأدلة للبلخي.

-مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين.

ومصنفات أخرى منهم من أوصلها إلى أكثر من مائتين وثلثمائة مصنف.

وقد عاش ببغداد حتى وفاته بها عام 324ﻫ. ودفن بها، ونودي على جنازته بناصر الدين.

 

من مصادر ترجمته: تبيين كذب المفتري لابن عساكر 46.ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك للقاضي عياض 2/524. طبقات الشافعية الكبرى للسبكي لتاج الدين السبكي 3/365. الديباج المذهب 2/86.خطط المقريزي 2/539.تاريخ بغداد 11/346.الكامل في التاريخ 8/398.سير أعلام النبلاء 15/85.شذرات الذهب 2/303.وفيات الأعيان 3/284.العبر 2/23.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق