الرابطة المحمدية للعلماء

“الإسلام رمز الأمل… القيم الأخلاقية المشتركة للأديان”

“هانس كينغ”: لا سلام بين الأمم دون سلام بين الأديان، ولا سلام بين الأديان من دون حوار بين أتباع الأديان

في سياق بحثه عن القيم الأخلاقية المشتركة بين الأديان لم تعوز اللاهوتي السويسري “هانس كينغ” الشجاعة العلمية والأدبية لكي يعلن، في ظل سيادة “الاسلاموفوبيا البغيضة”،  أن “الإسلام رمز الأمل” للبشرية جمعاء. وأنه لا يتعارض من حيث ثوابته مع القيم الديمقراطية، ولا مع الحداثة بقدر ما يؤكد على ضرورة التمسك بوجهها الإنساني. كما أكد أن التطرف لا يقتصر على ديانة أو إيديولوجية أو ثقافة بذاتها، وأنه وليد شروط موضوعية وذاتية مادية ورمزية كلما تضافرت إلا وانفجرت في أي مجتمع وفي أي سياق حضاري بغض النظر عن ثقافة معتنقيه وعقائدهم..

ولعل في كتابه الموسوم :” الإسلام تاريخا حاضرا ومستقبلا” الصادر سنة 2005 غير دليل على نزاهته واستقلاليته وصدقيته الفكرية؛ حيث خلص فيه إلى أن الإسلام يعبر عن منظومة قيم تاريخية متجذرة في الحاضر وتتطلع للقيام بدور على الأصعدة الأخلاقية والاجتماعية والسياسية، معتبرا أن هذا الدور المتنامي يطرح على الغرب مسؤولية الحسم في مسألة الحوار الديني.   

ومن القناعات الكبرى التي توصل إليها من خلال أبحاثه ودراساته المتصلة بالتفاعل بين الثقافات أنه لا سلام بين الأمم دون سلام بين الأديان، ولا سلام بين الأديان من دون حوار بين أتباع الأديان. وهي القناعة التي جعلته يعمل على بلورة مشروع فكري متميز سماه “الأخلاق العالمية”. وهو محاولة أصيلة لطرح ما يمكن أن تجتمع عليه الأديان بعيدا عن الأفكار النمطية الجاهزة، من خلال العمل على صوغ الحد الأدنى من القوانين السلوكية المقبولة من الجميع، وهي القوانين التي صاغها في شكل “إعلان مبدئي” وقع عليه قادة وزعماء دينيون وروحيون وفلاسفة وعلماء من جميع أنحاء العالم في ما سمي وقتئذ بـ “برلمان الأديان العالمي” الذي عقد في ولاية شيكاغو الأميركية في العام 1993.

   ومع أن مواقف كينغ النقدية الصريحة وميوله الإصلاحية وجدت رفضاً كاثوليكياً صريحا أدى ثمنه بحرمانه من التدريس في الجامعات الكاثوليكية، وكذا حرمانه من زيارة الفاتيكان رسميا طوال حبرية البابا يوحنا بولس الثاني وهي القطيعة التي سوف لن تنتهي إلا سنة 2005 بمناسبة التقائه بالبابا الحالي بنديكتوس السادس عشر مع أن الحوار بينهما لم يتطرق إلى القضايا العقائدية الخلافية بقدر ما انصب على موضوعات الأخلاق العالمية التي يوليها كينغ أهمية فائقة.. مع ذلك فقد لقيت مواقفه بوجه خاص لدى الجهات والبلدان الانغلوساكسونية والجرمانية صدى وترحيباً كبيرين الأمر الذي مكنه من أن يغدو أحد مستشاري الأمم المتحدة في الشؤون الدينية فما يتصل بالحوار بين الأديان السماوية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق