مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

الإرشاد إلى تقريب الاعتقاد

إعداد:

الدكتور عبد الله معصر، رئيس مركز دراس بن إسماعيل

الدكتور مولاي إدريس غازي، باحث بمركز دراس بن إسماعيل. 

تنبيهات  أخر:

 أحدها، الأصح كما في جمع الجوامع أن المؤمن يجوز بل يترجح كما روي عن ابن مسعود أن يقول أنا مؤمن إن شاء الله، فيعلق بالمشيئة خوفا من سوء الخاتمة لا شكا في الحال، ومنع أبو حنيفة وغيره ذلك، لإيهامه الشك في الحال في الإيمان.

 الثاني، الإيمان مخلوق لله تعالى كما نص عليه أبو حنيفة وغيره، ولا معنى لما نقل عن بعض الحنفية أنه غير مخلوق، لأن أفعال العباد وأحوالهم كلها مخلوقة لله تعالى.

الثالث، الإيمان أربع مراتب، إيمان المنافقين بألسنتهم دون قلوبهم، وإنما ينفعهم في الدنيا لحقن دمائهم وصون أموالهم، وهم في الآخرة كما قال تعالى: (إن المنافقين في الدرك  الأسفل من النار)، وإيمان عامة المؤمنين بقلوبهم وألسنتهم، لكن لم يتخلقوا بمقتضاه، ولم تظهر عليهم ثمرات اليقين، فيدبرون مع الله، ويرجون ويخافون غيره، ويتجرؤون على مخالفة أمره ونهيه، وإيمان المقربين وهم الذين غلب عليهم استحضار عقائد الإيمان، فانصبغت بذلك بواطنهم، وصارت بصائرهم تشاهد الأشياء كلها صادرة من عين القدرة الأزلية، فظهرت عليهم ثمرات ذلك، فلا يعولون على شيء سوى الله، فلا يخافون ولا يرجون غيره، لأن الخلق لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا، ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا، ولا يحبون غيره، لأنه لا محسن سواه، ولهذا قال الشيخ أبو الحسن: (وهب لنا حقيقة الإيمان بك حتى لا نخاف غيرك، ولا نرجو غيرك، ولا نحب غيرك، ولا نعبد شيئا سواك)، ولا يعترضون شيئا من أفعاله وأحكامه، لأنه الحكيم: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكمونك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)، ورأوا الآخرة محل القرار فسعوا لها سعيا.

 في الحِكم: لو أشرق نور اليقين لرأيت الآخرة أقرب من أن ترحل إليها، ولرأيت محاسن الدنيا وقد ظهرت كسفة الفناء عليها، وإيمان أهل الفناء في التوحيد المستغرقين في المشاهدة كما قال مولانا عبد السلام: (وأغرقني في عين بحر الوحدة)، وقال: (واجمع بيني وبينك، وحل بيني وبين غيرك). وهذا المقام يحصل وينقطع، ومنه قول ابن عمر لعروة لما كلمه في أمر وهُمَا في الطواف فلم يجبه: (إنا كنا نتراءى الله بين أعيننا)، وقول   علي فيما قيل:          

نظرت ربي بعين قلبي                             فقلت لا شك أنت أنت

وقول الشيخ أبي الحسن: إنا لننظر الله ببصر الإيقان والإيمان، فأغنانا ذلك عن إقامة الدليل والبرهان، ونستدل به على الخلق، هل في الوجود شيء سوى الملك الحق، فلا نراهم، وإن كان ولا بد فنراهم كالهباء في الهواء، إن فتشتهم لم تجدهم شيئا، وفي ذلك يقول قائلهم :

كبر العيان علي حتى أنه                              صار اليقين من العيان توهما

ويقول آخر:

مذ عرفت الإله لـــم أر غيرا                 وكذا الغير عندنا ممنوع

مذ تجمعت ما خشيت افتراقا                  فأنا اليوم واصل مجموع


شرح العالم العلامة البحر الفهامة شيخ الشيوخ سيدي محمد الطيب بن عبد المجيد المدعو ابن كيران المولود سنة 1172هـ المتوفى بمدينة فاس 17 محرم سنة 1227 على توحيد العالم الماهر سيدي عبد الواحد بن عاشر قدس الله سرهما آمين، ص: 125- 126.

(طبع على نفقة الحاج عبد الهادي بن المكي التازي التاجر بالفحامين)

مطبعة التوفيق الأدبية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق