مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثأعلام

ابن المؤقت المراكشي

الفقيه المصلح محمد بن محمد بن عبد الله بن مبارك المسفيوي المراكشي المعروف بابن المؤقت، وسمي بذلك لكونه تولى مهمة التوقيت بعد والده بالمسجد العتيق جامع ابن يوسف، ويقال أن ولادته كانت سنة (1894م) وقيل قبل ذلك بأربعة عشر سنة.

نشأ العلامة ابن المؤقت في بيت علم ودين تحت رعاية والده الذي كان حينئذ من كبار علماء التوقيت، حيث أخذ عنه علم التوقيت بعد حفظه للقرآن الكريم، وتتلمذ على يد ثلة من الشيوخ الكبار نذكر منهم علامة الرباط فتح الله بناني، كما أجازه جماعة من شيوخه اعترافاً منهم بنباهته وذكائه، وقد كان المترجم وفيا لشيوخه حين جمع أسماءهم وعرف بهم في فهرسته  التي سماها «العناية الربانية في التعريف بشيوخنا من هذه الحضرة المراكشية».

وبالنظر في سيرته رحمه الله نجده أيضاً وفياً لبلده حاضرة مراكش؛ إذ أمضى فيها عمره متردداً بين مسجد ابن يوسف وبيته بالمواسيين، ولم يعلم عنه أنه غادر المغرب إلاّ مرة واحدة في حياته، وذلك لأداء فريضة الحج ضمن وفد رسمي برئاسة الحاج الفاطمي بن سليمان ورفقة الشاعر أحمد بوستة المراكشي وغيرهم، محملاً برسالة من المغفور له جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه إلى ملك الحجاز، وقد دون هذه الرحلة وسماها «تنوير الأذهان».

وإلى جانب وضعه لأسس مشروع الإصلاح الاجتماعي بالمغرب آنذاك، كانت له رحمه الله مكانة بارزة في هيأة علماء مراكش، مع توليه منصب التدريس، وإمامة المصلين في الجمعة، على أنه اشتهر بمهمة التوقيت التي ورثها عن والده بجامع ابن يوسف.

واعتباراً لمنزلته العلمية، وعظيم عطائه في خدمة العلم وأهله، أثنى عليه كبار العلماء وأشادوا بفضله، فهذا المرحوم الأستاذ عبد السلام بن عبد القادر بن سودة يصفه بالفقيه العلامة المشارك المطلع، وبالمؤلف الشهير، وبالكاتب المقتدر المحرر النحرير.

ومما عرف به المترجم عكوفه على المطالعة والتأليف، فكان من ثمرات ذلك مصنفات كثيرة في علوم متنوعة؛ في الفقه، والحديث، والتاريخ، وأحوال الناس، طبع منها نحو الأربعين في حياته، وأربعة منها لا زالت مخطوطة، والباقي مفقود، ومن أشهر مصنفاته المطبوعة: الرحلة المراكشية، الرحلة الأخروية، أصحاب السفينة، الجيوش الجرارة، الكشف والبيان عن حال أهل الزمان، السعادة الأبدية، تقريب الأقصى في تلخيص الاستقصا، الحق المبين شرح نظم المرشد المعين الكبير … وغير ذلك من مؤلفاته.

توفي رحمه الله بمدينة مراكش سنة (1369هـ/1949م)، ودفن بمقبرة باب أغمات في جو من الحسرة، والدعاء له بالمغفرة والثواب.

مصادر ترجمته:
معجم المطبوعات المغربية للقيطوني (339-340)، الأعلام للزركلي (7/84)، سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال -فهرس الشيوخ- لعبد السلام بن عبد القادر بن سودة (139)، إتحاف المطالع (2/521)، موسوعة أعلام المغرب (9/3339-3340)، دليل مؤرخ المغرب الأقصى (1/33)، التأليف ونهضته في المغرب لعبد الله بن العباس الجراري (215-217)، معلمة المغرب (21/7328-7329)، مقدمة كتاب الرحلة المراكشية.

Science

الدكتور محمد فوزار

باحث مؤهل بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء الرباط

منسق مصلحة الطبع والنشر وتنظيم المعارض بالرابطة المحمدية للعلماء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق