مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكأعلام

ابـن أبـي زيـد الـقـيـروانـي “مـالك الـصغـيـر”

د.أمينة مزيغة

باحثة بمركز دراس بن إسماعيل

ابـن أبـي زيـد الـقـيـروانـي

“مـالك الـصغـيـر”

 

عجباً أيـدري الـحـامـلـون لـنعشـه       كيف اسـتطاعت حـمل بحـر متـرع

عـلماً وحكـمـاً كـامـلاً وبــراعـة       و تُقـى وحـسـن سكـيـنـة وتـورع                

وسعَـتْ فـجاج الأرض سـعياً حـولـه       مـن راغب في سعـيــه مـتـبـرع                       

يـبـكـونـه ولكـل بـاك مـنـهــم        ذلُّ الأسـيـرَ وحرقــةُ المـتـوجـعِ[1]

                                        

          بهذه الأبيات وغيرها رُثي ابن أبي زيد القيرواني بعد وفاته ولا عجب في ذلك، فهو إمام المالكية في زمانه وقدوتهم، جامع مذهب مالك، وشارح أقواله، ذابًا عن مذهب الإمام مالك، قائمًا بالحجة عليه، لخصه وضم كسره، حتى اشتهر بمالك الصغير. 

          ولد عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمان أبو محمد النَّفْزِي القيرواني، الفقيه الإمام، النظار، الحافظ، الحجة، سنة عشر وثلاث مائة بالقيروان، كان رحمه الله واسع العلم، كثير الحفظ والرواية، فصيح القلم، ذا بيان ومعرفة بما يقوله، ينظم الشعر ويُجيده، ويجمع إلى ذلك صلاحا تاما وورعا وعفة، وكان مع عظمته في العلم والعمل ذا بر و إيثار وإحسان، وإنفاق على الطلبة.

          قال حافظ المغرب أبو الحسن بن عبد الله القطان: ما قلدته حتى رأيت النسائي يقلده، وقال أبو عبد الله الميورقي: اجتمع فيه العلم، والورع، والفضل، والعقل.

         سمع من شيوخ كثر كدرّاس بن إسماعيل، ومحمد بن مسرور العسال، وعبد الله بن مسرور بن الحجام، والقطان، و الإبياني، وزياد بن موسى، و سعدون الخولاني، وأحمد بن أبي سعيد، وحبيب مولى بن أبي سليمان، والأبهري، والمروزي، وغيرهم كثير.

         وتفقه عنه جماعة جلة: من أصحابه القرويين: أبو بكر بن عبد الرحمن، وأبو القاسم البرادعي، و اللبيدي، وابنا الأجدابي، وأبو عبد الله الخواص، وأبو محمد مكي المقري. ومن أهل الأندلس: أبو بكر بن موهب المقبري، وابن عابد، وأبو عبد الله ابن الحذاء، وأبو مروان القنازعي، ومن أهل سبته: أبو عبد الله ابن العجوز، وأبو محمد بن غالب، وخلف بن ناصر، ومن أهل المغرب: السجلماسي.

           له تآليف كثيرة وقيمة: منها “النوادر والزيادات على المدونة”، و”مختصر المدونة”، وعلى كتابيه هذين المعول في المذهب، وكتاب “تهذيب العتبية”، و”الاقتداء بأهل المدينة”، و”الذب على مذهب مالك”، و”الرسالة”، و”التنبيه على القول في أولاد المرتدين”، و”الحبس على أولاد الأعيان”، و”تفسير أوقات الصلوات”، و”الثقة بالله والتوكل عليه”، و”المعرفة واليقين”، و”المضمون من الرزق”، و”كتاب المناسك”، ورسالة “فيمن تأخذه على تلاوة القرآن والذكر حركة”، ورسالة في “الرد على القدرية”، ورسالة في”أصول التوحيد” وغير ذلك مما هو كثير، وكل تآليفه مفيدة بديعة.

          كانت وفاته رحمه الله سنة ست وثمانين وثلاثمائة ودفن بداره بالقيروان، ورثاه كثير من أدباء القيروان، بمراثٍ مشجية.

 

         ترتيب المدارك 3/ 247، رقم:1042.

          جمهرة تراجم الفقهاء المالكية 2/ 709، رقم:645.

          الديباج المذهب 1/ 376، رقم:270.

          شجرة النور الزكية 1/143، رقم:265

          سير أعلام النبلاء 12/490، رقم:3629.

          الفكر السامي 2/469، رقم:422.

 


[1] – من رثاء ابن الخواص الكفيف، انظر ترتيب المدارك 3/252.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق