الرابطة المحمدية للعلماء

إنما يتذكر أولو الألباب

صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى تدعو إلى جعل منع التدخين من أولى الأولويات ومن محاربة السرطان أسبقية وطنية ودولية

دعت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى، سفيرة النوايا الحسنة لمنظمة الصحة العالمية، رئيسة جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان، يوم السبت (11ـ10ـ2008) بالقاهرة، حكومات دول شرق المتوسط، ومن خلالها المنظومة الأممية، كي تجعل منع التدخين من أولى أولوياتها، ومحاربة السرطان أسبقية وطنية ودولية.

وقالت صاحبة السمو الملكي، في كلمة ألقتها في الجلسة الافتتاحية للدورة ال55 للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط التي انطلقت أشغالها اليوم بالعاصمة المصرية، “عملا بقوله عز وجل “إنما يتذكر أولو الألباب”; فإني أوجه من هذا المنبر، نداء لكل حكومات الدول، المشاركة في هذا الملتقى، ومن خلالها إلى المنظومة الأممية، كي تجعل منع التدخين من أولى أولوياتها، ومحاربة السرطان أسبقية وطنية ودولية”.
وأكدت سموها أن هذا النداء “ليس مجرد صرخة عاطفية، أو أمنية خيالية، وإنما ينبع من الاقتناع الراسخ بإمكانية مكافحة هذا الداء”.

وأضافت سموها أن السرطان “لم ينل ما يستحقه من الاهتمام، حيث ظل الانشغال العالمي منصباً على أمراض أخرى معروفة رغم أن السرطان يأتي في المرتبة الثانية من أسباب الوفيات في العالم”، مشيرة إلى أنه بذلك أصبح معضلة عالمية لا حدود لها يتنامى تهديدها للإنسانية جمعاء، إذ من المتوقع أن تبلغ الوفيات بسببه حوالي 12 مليون حالة سنة 2030.

ومما يزيد من استفحال هذا الداء، تقول صاحبة السمو الملكي، تصاعد سببه الرئيسي المتمثل في التعاطي للتدخين، الذي سيرتفع عدد ضحاياه، من خمسة ملايين حالياً إلى عشرة ملايين سنويا بحلول 2020.
وأكدت أن البلدان النامية تعد الأكثر تضررا، ومن بينها بلدان شرق المتوسط، إحدى أكبر مستهلكي التبغ في العالم بكل ما يترتب على ذلك من عواقب صحية وإضرار بالتنمية، وتداعيات اجتماعية وعائلية وخيمة، وهذا ما يجعل السرطان مشكل صحة عمومية.

واستطردت سموها قائلة “وهو ما يسائل الحكومات وكافة الهيئات .. ماذا ننتظر لمحاربة استفحال آفة التدخين بعواقبها المدمرة .. ألم نر أن الدول المتقدمة والمنتجة للتبغ قد منعت التدخين في الأماكن العمومية..”، مضيفة أنها “لم تفعل ذلك إلا إدراكاً منها أن التدخين يفتك بالقوى النشيطة في كل مجتمع، فيحرم الأسرة من معيلها والأمة من أبنائها وهم في ريعان الشباب وأوج العطاء”.

وقالت صاحبة السمو الملكي “ولأن الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فمتى نقدم بإرادة قوية على انتهاج هذا الطريق القويم، لاسيما وبلدان منطقتنا النامية أحوج ما تكون إلى مواردها البشرية ولطاقات شبابها، عمادها الأساسي لمواجهة تحديات العصر، وفرصتها الوحيدة للتقدم والازدهار”.

وبعد أن أكدت سمو الأميرة ، أن داء السرطان “ليس قدراً محتوماً، حيث أصبح التقدم العلمي والطبي يشيع الأمل بدل اليأس في مكافحته بوسائل وآليات ناجعة، منطلقها الوقاية التي تجنب حوالي 30 بالمائة من حالات السرطان”، أشارت إلى أنه علاوة على ذلك، فإن التلقيح يُمَكِّن من تفادي الإصابة بعدد من أمراض السرطان، ولاسيما منها سرطان عنق الرحم، مبرزة أنه، وبنفس الأهمية، يأتي التشخيص المبكر، خاصة للكشف عن سرطان الثدي، مما يضمن الشفاء لثلث الحالات، إذا ما تم الكشف عنها مبكرا، حيث تزيد فعالية العلاج، خاصة إذا كان مدعوماً بالمواكبة الإنسانية.

من جهة أخرى، أوضحت صاحبة السمو الملكي أنه مهما كانت نجاعة هذه الوسائل، الطبية والوقائية والعلاجية، فإنها ستظل ناقصة، ما لم يتم تعزيزها باعتماد التضامن الإنساني الفاعل، وطنياً وجهوياً ودولياً.
وفي هذا السياق، أبرزت سموها أنه على المستوى الدولي، ينبغي تفعيل خطة العمل، التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية، والتي تتوخى مساعدة البلدان الأعضاء على وضع برامج وطنية هادفة لتحقيق الإنصاف، وقائمة على الشراكة بين السلطات العمومية والمجتمع المدني والقطاعين العام والخاص، مؤكدة أن “دعم جهود منظمتنا لمكافحة السرطان لابد أن يمر عبر الانخراط الجاد في تفعيل اتفاقية مكافحة التدخين”.

وعلى المستوى الإقليمي، قالت سموها “إنه ينبغي تجسيد هذا التضامن، في إطار استراتيجية جهوية تعتمد مخططات وطنية ملائمة لمواجهة معضلة السرطان والتدخين، وتأخذ بعين الاعتبار تقاسم بلدان منطقة شرق المتوسط لنفس أنماط العيش، وكذا تشبعها بتعاليم ديننا الحنيف، التي تحض المؤمنين على ألا يُلقوا بأنفسهم إلى التهلكة”.

وأضافت سموها أن هذا ما يضع على الحكومات “مسؤولية تعزيز التضامن والتعاون فيما بينها، مما يقتضي بالضرورة انتهاج الشراء الجماعي للأدوية والتلقيحات، وتجميع المشتريات لخفض تكاليفها وجعلها في متناول المصابين”.
من جانب آخر، أبرزت صاحبة السمو الملكي أن جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان، التي تترأسها سموها، قد انخرطت، بدعم من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في مكافحة داء السرطان، من خلال أعمال مبادرات ملموسة.
“فعلى المستوى الوطني، تقول سمو الأميرة، اشتغلنا في أربعة ميادين أساسية وهي التوعية والوقاية، ومساعدة المرضى وأسرهم، ودعم الهيئة الطبية والبحث العلمي، والمساعدة على إحداث مراكز مكافحة السرطان، في أرجاء المملكة”.

وأعلنت سموها أنه ابتداء من سنة 2009 سوف ستشرع الجمعية في تطبيق مخطط لمكافحة السرطان بالمغرب والذي استطاعت، لأول مرة، اعتماده وإنجازه بفضل تضافر جهود الجمعية ووزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.

أما بالنسبة للتدخين، فقد اعتمدت الجمعية برنامجاً متكاملا لمحاربته، يستهدف نشر الوعي بمخاطره في المؤسسات التعليمية، وأوساط الأطفال دون العاشرة، وتأهيل المعلمين والأساتذة، وكافة العاملين في ميدان الصحة المدرسية، كما يشمل مختلف الشركات والمقاولات.

وعلى المستوى الإقليمي، فقد عملت الجمعية على تأسيس تحالف جهوي لمكافحة مختلف أمراض السرطان بدول شرق المتوسط.

أما على الصعيد العالمي، فقد أكدت صاحبة السمو الملكي أن الجمعية منخرطة، بقوة، في دعم جهود منظمة الصحة العالمية، وتفعيل الاتفاقيات والإعلانات الدولية لمحاربة السرطان، مشيرة، في هذا السياق، إلى تنظيم الجمعية للقاء دولي بالمغرب انبثق عنه نداء الرباط الداعي إلى الانخراط في البرنامج الوقائي من سرطان عنق الرحم.

وخلصت صاحب السمو الملكي إلى القول “بيد أن طموحنا الكبير، يجعلنا نتطلع إلى إقامة شراكة دولية شاملة، شراكة متفاعلة، لا تقتصر على الاكتفاء بالإفادة من الوسائل الوقائية والعلاجية الجاهزة، وإنما تشمل الاشتراك في البحث العلمي المتطور، باعتباره بوابة الأمل في القضاء على داء السرطان”.

(عن و.م.ع)

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق