شرح حديث: «إذا دخَل رمضان فُتِحَتْ أبوابُ السماء، وغُلِّقَتْ أبوابُ جهنَّمَ، وسُلسِلَتِ الشَّياطينُ».
قال أبو الحسن ابن بطال القرطبي(ت449هـ) في شرح الحديث:
و«أبوابُ السماء» في هذا الحديث يراد بها أبواب الجنة بدليل قوله في الحديث: «وغلقت أبواب جهنم»، وقد تبيّن هذا المعنى في رواية مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه، عن أبي هريرة أنه قال: «إِذَا دخَل رمضان فُتِّحَتْ أبوابُ الجنَّةِ، وغُلِّقَتْ أَبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتْ الشَّياطينُ»، وهذا حجة في أن الجنة في السماء.
ولقد تأول العلماء في قوله: «فتحت أبواب الجنة، وسلسلت الشياطين» معنيين:
أحدهما: أنهم يسلسلون على الحقيقة، فقيل أذاهم ووسوستهم، ولا يكون ذلك منهم كما هو في غير رمضان، وفتح أبواب الجنة على ظاهر الحديث.
والثاني: على المجاز، ويكون المعنى في فتح أبواب الجنة ما فتح الله على العباد فيه من الأعمال المستوجب بها الجنة من الصلاة والصيام وتلاوة القرآن، وأن الطريق إلى الجنة في رمضان أسهل والأعمال فيه أسرع إلى القبول، وكذلك أبواب النار تغلق بما قطع عنهم من المعاصي، وترك الأعمال المستوجب بها النار، ولقلة ما يؤاخذ الله العباد بأعمالهم السيئة، يستنقذ منها ببركة الشهر أقواماً ويهب المسيء للمحسن، ويتجاوز عن السيئات، فهذا معنى الغلق.
وقوله: «سُلسِلَتِ الشَّياطينُ»: يعني أن الله يعصم فيه المسلمين أو أكثرهم في الأغلب عن المعاصي والميل إلى وسوسة الشياطين وغرورهم.
شرح صحيح البخاري، لأبي الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال القرطبي، تحقيق ياسر بن إبراهيم، نشر مكتبة الرشد بالرياض. (4/19-20).
انتقاء: ذة. نجاة زنيزن.