مركز الدراسات والبحوث في الفقه المالكيأعلام

أصوليو القرن السابع الهجري

أبو الحسن ابن الحصار الإشبيلي الفاسي (ت610ﻫ) 

اسمه ونسبه: 

هو علي بن محمد بن محمد أبو الحسن  الخزرجي الإشبيلي ثم الفاسي، يعرف بابن الحصار. وقال ابن الأبار: يعرف بالحصار. [الذيل والتكملة (8/209)، تكملة الصلة (3/248)].

شيوخه:

أخذ عن أبيه وأبي القاسم بن حبيش، وأبي الجيش مجاهد بن محمد، وآباء عبد الله: ابن حميد، وابن زرقون، وابن الفخار، وغيرهم.

تلاميذه: 

أخذ عنه محمد بن عبد الله بن عبد العزيز الخروف، وأبو العباس ابن العزام، وأبو علي حسن بن علي الماقري،  وأَبو محمد عبد العظيم المنذري، وغيرهم.

مكانته في علم الأصول:

قال ابن الأبار: دخل الأندلس وأقرأ أصول الفقه وألف فيه [تكملة الصلة 3/248]. وقال الصفدي: «كان إماما فاضلا كثير التصنيف في أصول الفقه» [الوافي بالوفايات 22/83]، وقال ابن عبد الملك المراكشي: «كان..فقيها عارفا بأصول الفقه» [الذيل والتكملة 8/209].

مؤلفاته الأصولية:

له: تقريب المرام في تهذيب أدلة الأحكام في أصول الفقه، وكتاب البيان في تنقيح البرهان، وتأليف في الناسخ والمنسوخ، وهو ثلاثة أوضاع: الأكبر، والأوسط، والأصغر، ومقالة في النسخ على مآخذ الأصوليين.

مصادر ترجمته:

تكملة الصلة (3/248)، الذيل والتكملة (8/209)، الوافي بالوفيات (22/83)، شجرة النور [ص: 173 (556)]، [نيل الابتهاج: (1/355).

وفاته:

قال ابن الأبار: توفي في حدود سنة (ت610ﻫ). وقال الصفدي: توفِّي سنة إِحْدَى عشرة وستمائة (ت611ﻫ).

آراؤه الأصولية:

ـ قوله بتفاضل القرآن، وهو مذهب جمهور العلماء [التحبير شرح التحرير في أصول الفقه لعلاء الدين المرداوي (6/3025)، تحقيق ذ عوض القرني، ط مكتبة الرشد، 2000م]، نقله عنه عبد الرحمن بن داود الحنبلي القادري في أدلة أوراده، قال: «قال ابن الحصار: عجبي ممن يذكر الخلاف مع هذه النصوص» [التحبير شرح التحرير في أصول الفقه  (6/3027)].

 ـ ونقل عنه أيضا قوله: «لا يعمل في النسخ إلّا بنقل صريح عن رسول الله أو عن صحابي» [الفكر السامي 98، الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 3/81]. 

وفي سياق النسخ أيضا قال: «إن قيل: كيف يقع النسخ إلى غير بدل، وقد قال تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها}، وهذا إخبار لا يدخله خلف، فالجواب أن نقول: كل ما ثبت الآن في القرآن ولم ينسخ، فهو بدل مما قد نسخت تلاوته، وكل ما نسخه الله من القرآن مما لا نعلمه الآن، فقد أبدله بما علمناه، وتواتر إلينا لفظه ومعناه» [الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 3/87].

ـ ونقل عنه أيضا قوله: «من الناس من جعل المجمل والمحتمل بإزاء شيء واحد، قال: والصواب أن المجمل: اللفظ المبهم الذي لا يفهم المراد منه، والمحتمل: اللفظ الواقع بالوضع الأول على معنيين مفهومين فصاعدا، سواء كان حقيقة في كلها أو بعضها، قال: والفرق بينهما أن المحتمل يدل على أمور معروفة، واللفظ مشترك متردد بينهما، والمبهم لا يدل على أمر معروف مع القطع بأن الشارع لم يفوض لأحد بيان المجمل بخلاف المحتمل» [الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 3/65].

ـ ونقل عنه أيضا قوله إن «الألفاظ إما أن تدل بمنطوقها أو بفحواها أو باقتضائها وضرورتها، أو بمعقولها المستنبط منها» قال: «هذا كلام حسن» [الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 4/137].

أبو الحسن الأبياري (ت618ﻫ) 

اسمه ونسبه:

هو علي بن إسماعيل بن علي بن حسن بن عطية، يلقب بشمس الدين، ويكنى  بأبي الحسن الأبياري.

شيوخه:  

أخذ عن جماعة، منهم: القاضي عبد الرحمان بن سلامة، وأبو الطاهر بن عوف، وأبو طالب أحمد بن المسلم اللخمي. [تاريخ الإسلام للذهبي 44/305].

تلاميذه:

أخذ عنه علي بن أبي نصر فاتح بن عبد الله البجائي، وابن ستاري عبد الله بن الأوسي، وابن الفخار، وابن الحاجب، وعبد الكريم بن عطاء الله الإسكندري، وغيرهم.

[تكملة الصلة 2/295-299 و3/253]، [الديباج المذهب ص:269].

مكانته في علم الأصول:

قال الحافظ أبو المظفر منصور بن سليم: «كان الأبياري من العلماء الأعلام، وأئمة الإسلام، بارعا في علوم شتى: الفقه وأصوله، وعلم الكلام، ودرس بالثغر المحروس: ثغر الإسكندرية…وكان الإمام العلامة عبد الله، المعروف بابن عقيل المصري الشافعي، يفضل الأبياري على الإمام فخر الدين الرازي في الأصول» [الديباج ص: 306 [409].

وقال مخلوف: «أحد أئمة الإسلام، المحققين الأعلام، الفقيه الأصولي» [شجرة النور ص:166].

مؤلفاته الأصولية:

له: ـ شـرح البرهان، وقد طبع  في أربع مجلدات بدار الضياء الكويتية، بتحقيق ذ/ علي بن عبد الرحمن بسام الجزائري، سنة [1434ﻫ/ 2013م].

ـ تكملة الكتاب الجامع بين التبصرة والجامع لابن يونس والتعليقة للتونسي، وقال ابن فرحون: «له تصانيف حسنة…وله تكملة على كتاب مخلوف الذي جمع فيه بين التبصرة والجامع لابن يونس والتعليقة لأبي إسحاق، تكملة حسنة جداً، تدل على قوته في الفقه وأصوله» [الديباج ص: 306 [409].

آراؤه الأصولية:

الآراء الأصولية المنقولة عن الأبياري كثيرة، من اختيارات وترجيحات، ونقول وتحريرات، منها:

ـ قوله: إن مذهب مالك عدم تكليف الكفار بفروع الشريعة، قال الزركشي: «قال الأبياري: إنه ظاهر مذهب مالك» [البحر المحيط 2/128].

ـ قوله: إن النص يطلق على ما لا يتطرق إليه احتمال، سواء عضده الدليل أم لا [البحر المحيط 3/204].

ـ توقفه في الحكم بأن الإجماع من خصائص الأمة، قال: «وهو المختار« [البحر المحيط 6/394].

ـ ذكر أن لإجماع أهل المدينة مراتب خمسة:

*«أحدها: الأعمال المنقولة عن أهل المدينة بالاستفاضة، فلا خلاف في اعتمادها.

* ثانيها: أن يرووا أخبارا ويخالفوها… قال: واختار إمام الحرمين أن الراوي الواحد إذا فعل ذلك سقط التمسك بروايته، ويرجع إلى عمله فما الظن بعلماء أهل المدينة جملة.

* ثالثها: أن لا ينقلوا الخبر، ولكن يصادف خبر على نقيض حكمهم، فهذه أضعف من الأولى، ولكن غلبة الظن حاصلة بأن الخبر لا يخفى عن جميعهم؛ لهبوط الوحي في بلدهم، ومعرفتهم بالسنة، ولهذا كانوا يرجعون إليهم، ويبعثون يسألون منهم، فينزل منزلة ما لو رأوا وخالفوا.

 * رابعها: أن لا ينقل خبر على خلاف قضائهم، ولكن القياس على غير ذلك. فهذا فيه نظر، فقد يقال: إنهم لم يخالفوا القياس مع كونه حجة شرعية إلا بتوقيف، وقد يقال: لا يوافقون، ولهذا اختلف مالك في هذه الصورة، كالقصاص بين الحر والعبد، والمسلم والكافر في الأطراف.

* خامسها: أن يصادف قضاؤهم على خلاف خبر منقول عنهم أو عن غيرهم، لا عن خلاف قياس، حتى يستدل به على خبر لأجل مخالف القياس، فالصواب عندي في هذه الصورة عدم الالتفات إلى المنقول، ويتبع الدليل» [البحر المحيط 6/446-447].

ـ قوله إن إجماع أهل المدينة لا ينزل منزلة إجماع جميع الأمة حتى يفسق المخالف، وينقض قضاؤه، ولكن يقول: هو حجة، على معنى أن المستند إليه مستند إلى مأخذ من مآخذ الشريعة، كالمستند إلى القياس وخبر الواحد [البحر المحيط 6/447].

ـ نقله عن مالك القول بالاستحسان قال: «الذي يظهر من مذهب مالك القول بالاستحسان، لا على ما سبق، بل حاصله استعمال مصلحة جزئية في مقابلة قياس كلي، فهو يقدم الاستدلال المرسل على القياس» [البحر المحيط 8/98].

ابن عطاء الله الإسكندري [طبقة ابن الحاجب (ت646ﻫ)].

اسمه ونسبه:

هو عبد الكريم بن عطاء الله، أبو محمد، الجذامي، الإسكندري.

شيوخه:

أخذ عن ابن راشد القفصي، وأبي الحسن الأبياري، وتفقه عليه في المذهب، وعن أبي الحسين بن جبير. 

تلاميذه:

وأخذ عنه جماعة، منهم: ابن أبي الدنيا الطرابلسي. [الديباج المذهب ص:269، شجرة النور،ص: 167].

مكانته في علم الأصول:

قال ابن فرحون: «كان إمامًا في الفقه والأصول» [الديباج المذهب ص:269]، وحلاه مخلوف بقوله: «الإمام المحقق، المؤلف المدقق، الفقيه الأصولي» [شجرة النور، ص: 167].

وفاته:

ذكر السيوطي أنه توفي سنة (612ﻫ)، وفي الشجرة أن ابن أبي الدنيا الطرابلسي أخذ عنه سنة (624ﻫ)، وقد أخذ هو عن أبي الحسن الأبياري المتوفي (618ﻫ). فتأمله.  [حسن المحاضرة (1/456)، شجرة النور (ص: 167)].

مؤلفاته الأصولية:

ـ مختصر البرهان [ذكره له الونشريسي في المعيار: (5/396)، والزركشي في البحر المحيط (2/92)]، وهو عبارة عن مختصر لكتاب «نكت البرهان» لتقي الدين لعله المقترح جد ابن دقيق العيد لأمه، ذكره الزركشي في البحر المحيط [البحر المحيط 1/12].

آراؤه الأصولية:

مما نقل عنه من آراء في القواعد الأصولية:

ـ قوله: إن شرط التكليف عند المالكية أن يكون الفعل من جنس الممكن [البحر المحيط 92/8].

ـ نقل عنه الزركشي قولا في مسألة الاعتراضات بالنقض، قال:«قال ابن عطاء الله في «مختصر البرهان»: الصواب في هذا أن ينظر: فإن كانت العلة المعارضة لعلة المعلل في الصورة المناقضة أقوى في المناسبة لم تبطل علته، لأن تخلف الحكم لعارض راجح. وإن كانت أدنى بطلت، وإن تساوتا فالوقف»[البحر المحيط 7/333].

أبو عبد الله العبدري (ت626ﻫ)

اسمه ونسبه:

هو محمد بن أحمد ابن أبي غالب أبو عبد الله العبدري.

شيوخه:

لم تذكر كتب التراجم التي وقفت عليها شيوخ أبي عبد الله العبدري.

تلاميذه:

أخذ عنه أبو محمد بن إبراهيم التطيلي، وأخوه أبو داود سليمان وغيرهما. [الذيل والتكملة (5/587)].

مكانته الأصولية وثناء العلماء عليه:

 قال المراكشي: «وكان فقيهاً حافظاً نحوياً ماهراً».

وقال المراكشي أيضا نقلا عن ابن الزبير:«كانت له مشاركة في فنون من العلم، كالفقه وأصوله، والعربية، وغير ذلك، وولوع بالمنطق حتى شرح «كتاب المستصفى» [ الذيل والتكملة 5/587].

مؤلفاته الأصولية:

له:

ـ المستوفى شرح المستصفى، قال الزركشي في مقدمة البحر المحيط: «شرَحه [أي: المستصفى] أبو عبد الله العبدري في كتابه المسمى بالمستوفى» [ البحر المحيط: 1/12]، وقال المراكشي نقلا عن ابن الزبير: «وولع بالمنطق حتى شرح كتاب المستصفى، فما زاد على أن أرى في مسائله كيفية الإنتاج، بإظهار المقدمتين في كل مسألة مسألة، وما تنتجه، وردها إلى ضروبها من الأشكال المنطقية على مراتبها، وقلما تعرض لغير هذا، وما سئم منه ولا كل على طول الكتاب…أما شرحه فأقل شيء فائدة» [الذيل والتكملة 5 /587].

آراؤه الأصولية:  

ـ تصريحه في باب الإجماع من كتابه شرح المستصفى بأن المسائل المدونة في كتب الفقه ليست بفقه اصطلاحا، وأن حافظها ليس بفقيه.[البحر المحيط: 1/38.]

ـ قوله إن الأمر المقيد بالشرط له ثلاثة أحوال:

 أحدها: أن يكون الشرط معلوما انتفاؤه عند الآمر والمأمور جميعا، فهذا ممنوع بالاتفاق.

الثاني: أن يكون مجهولا عندهما فجائز بالاتفاق.

الثالث: أن يكون معلوما عند الآمر مجهولا عند المأمور [البحر المحيط: 1/38].

 ـ قوله إن: «المفهوم ينقسم إلى النص، والمجمل، والظاهر، والمؤول، كانقسام المنطوق»[البحر المحيط: 5/121].

ـ تحريره لمسألة النسخ قيد التمكن من الفعل، قال: «النسخ قبل التمكن من الفعل ثلاث صور: ـ إحداها: أن يرد بعد أن مضى من الوقت قدر ما تقع فيه العبادة كلها.

ـ الثانية: أن يرد بعد أن مضى من الوقت قدر ما يقع فيه بعضها. فهاتان الصورتان متفق على جواز النسخ عند الأشعرية، والمعتزلة فيهما؛ لأن شرط الأمر حاصل، وهو التمكن من الفعل.

ـ الثالثة: أن يرد الأمر قبل وقته المعتد به، ثم ينسخ قبل دخول ذلك الوقت، فهو موضع الخلاف» [البحر المحيط: 5/229] .

ـ قوله إن كل مجتهد مصيب ولا إثم على المخطئ [البحر المحيط: 6/158].

أبو الحسن علي بن القطان الفاسي (ت628ﻫ)

ترجمته:

اسمه ونسبه:

هو علي بن محمد بن عبد الملك بن يحيى بن إبراهيم ابن يحيى أبو الحسن، الكتامي، الحميري، الفاسي.

شيوخه:

أخذ عن أبي عبد الله ابن الفخار، وأبي الحسن ابن النقرات، وأبي ذر الخشني، وأبي الوليد زكرياء بن عمر، وأبي عبد الله التجيبي، وغيرهم [الإعلام للسملالي 4/232].

تلاميذه:

أخذ عنه ابن المواق محمد بن يحيى، وأبو عبد الله محمد بن علي المعروف بالشريف، وابن الطراوة محمد بن أحمد، وروى عنه ابناه أبو محمد حسن وأبو عبد الله الحسين، وابن عياض، وغيرهم.

انظر: [الذيل والتكملة 8/166]، و[بغية الوعاة للسيوطي 1/193]، و[الإعلام للسملالي (4/232،239)].

مكانته في علم الأصول:

تبرز المكانة العلمية لأبي الحسن ابن القطان الفاسي في مؤلفاته الأصولية، نذكر منها:

ـ مسائل من أصول الفقه لم يذكرها الأصوليون في كتبهم، في مجلد لطيف.

ـ مقالة إنهاء البحث ومنتهاه عن مغزى من أثبت القياس ومن نفاه.

ـ النزع في القياس لمناضلة من سلك غير المهيع فى إثبات القياس، وهو في الرد على أبي علي الطوير. ذكره له الأستاذ فاروق حمادة في تقديمه لكتاب الإقناع مستقلا عن كتابه السابق الذكر [الإقناع في مسائل الإجماع مقدمة المحقق: 1/23].

ـ الإقناع في مسائل الإجماع  لابن القطان الفاسي.

ـ رسالة في منع المجتهد من تقليد المحدث في تصحيح الحديث لدى العمل.

ـ المقالة المعقولة في حكم فتوى الميت والفتوى المنقولة.

انظر: [نيل الابتهاج: (1/356)]، و[الفكر السامي، ص: 564]، و[الإقناع في مسائل الإجماع مقدمة التحقيق: 1/23].

آراؤه الأصولية:

لابن القطان آراء أصولية كثيرة مبثوثة في كتبه، منها:

ـ قال ابن القطان في كتابه أحكام النظر: «كلام النبي صلى الله عليه وسلم يجيء مبينا لكلام الله تعالى, أما كلام الله تعالى فلا يحتمل أن يجيء مبينا لكلام النبي صلى الله عليه وسلم، بحيث يحمل النبي صلى الله عليه وسلم معتمدا على بيان القرآن لمجمل كلامه» [النظر في أحكام النظر بحاسة البصر لابن القطان الفاسي (ص:24) باعتناء شريف أبو العلا العدوي، ط دار الكتب العلمية، 2003].

ـ وقال في تفسير قوله تعالى ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾[ سورة هود الآية 114]: «..ويكون المستفاد من السبب هو أن الصلاة مما تذهب السيئات، إذ لابد أن يتنزل الخطاب، وإن كان عاما على سببه، فلا يخرج منه»[ النظر في أحكام النظر بحاسة البصر ص:36].

ـ تقسيمه الأمر إلى أفعال وتروك، قال: «فأما الأفعال فيسقط التكليف بها عنا في الآخرة، وذلك كالصلاة والصوم وأشباهها، وأما التروك: فعلى قسمين: قسم يسقط عنا التكليف به، فلا ينهى عنه، وقسم فلا يصدر منا ما يفي نزول» [النظر في أحكام النظر بحاسة البصر (ص:43)]. 

ابن رشيق الجمال (ت632ﻫ)

 

اسمه ونسبه:

الحسين بن أبي الفضائل عتيق بن الحسين بن عتيق بن الحسين ابن رشيق بن عبد الله الربعي، القيرواني، المنعوت بالجمال. [في شجرة النور: «الحسن»،(ص: 166)].

ولد بالإسكندرية سنة (549ﻫ)، وتوفي بمصر سنة (632ﻫ).

شيوخه:

أخذ عن أبيه، وأبي الطاهر إسماعيل بن عوف، وغيرهما.

تلاميذه:

أخذ عنه الحافظان أبو محمد المنذري، وأبو الحسن الرشيد المحدث [الديباج المذهب (ص:175)].

ثناء العلماء عليه:

 كان فقيها بمذهب مالك، ودرس بمصر وأفتى وصنف، وانتفع الناس به، وكان من العلماء الورعين، شيخا للمالكية في وقته، وعليه مدار الفتوى في الفقه بالديار المصرية، وكان عالما بأصول الدين وأصول الفقه والخلاف. 

قال ابن فرحون: «وكان فقيها بمذهب مالك، ودرس بمصر، وأفتى وصنف، وانتفع به الناس، وتخرجوا به وكان من العلماء الورعين، وكان شيخ المالكية في وقته، وعليه مدار الفتوى في الفقه بالديار المصرية»[الديباج المذهب (ص:175)].

وقال مخلوف: «كان عالما بأصول الدين والفقه والخلاف وغير ذلك» [شجرة النور، (ص: 166)].

مؤلفاته الأصولية:

له: مختصر المستصفى، سماه: “لباب المحصول في علم الأصول”، طبع في دار البحوث للدراسات الإسلامية وإحياء التراث بأبوظبي، سنة (1428ﻫ)، بتحقيق ذ محمد غزالي ذ عمر جابي].

قال الزركشي في البحر المحيط: «والمستصفى للغزالي…قد اعتنى به المالكية أيضا…واختصره…ابن رشيق»[ البحر المحيط: 1/13].

قال ابن رشيق في مقدمة هذا المختصر: «فقصدت إلى تلخيص معانيه، وتحرير مقاصده ومبانيه، وحذف ما يوجب الملال، ويقتضي الكلال والإملال، رغبة في تقليل حجمه، وإعانة للطالب على حفظه، بصغر جرمه، مع التنبيه على ما ينبغي التنبيه عليه، والتنكيت بما لا بد من الإشارة إليه، وسميته لباب المحصول في علم الأصول»[لباب المحصول: 1/188].

آراؤه الأصولية:

من آراء ابن رشيق الأصولية في كتابه:

ـ قوله إن القياس لا ينسخ به النص. قال:«لأنه يتعين العمل بالنص المخالف للقياس»[ لباب المحصول، (ص:319)].

ـ احتجاجه بإجماع أهل المدينة [لباب المحصول، (ص:403)].

ـ قوله إن مطلق الأمر يقتضي الفعل فقط دون الفور  أو التراخي [لباب المحصول (2/532)].

ـ قوله إن من لم يبلغه الدليل الناسخ يستحيل في حقه التكليف بموجبه قبل تمكنه من العلم به [لباب المحصول (2/309)].

ـ اختياره القول بعدم جواز نسخ المتواتر بالآحاد قال: «فإن موجب التواتر معلوم، وموجب الآحاد مظنون، والمستقر في قاعدة الشرع تقدم المعلوم على المظنون» [لباب المحصول (1/318)].

ـ اعتباره قول الأصولي الذي ليس بفقيه في الواقعة، وعدم انعقاد الإجماع دونه [لباب المحصول (1/399)].

ـ اختياره القول إن صيغة «افعل» إذا تجردت عن القرائن الصارفة للأمر تكون للأمر [لباب المحصول (2/519)].

ـ ذهابه إلى أن المصيب من المجتهدين واحد غير معين [لباب المحصول (2/718)].

 أبو عمرو عثمان ابن الحاجب (ت646ﻫ)

اسمه ونسبه: 

هو عثمان بن أبي بكر بن يونس، أبو عمرو، جمال الدين المصري، ثم الدمشقي، المعروف بابن الحاجب.

شيوخه:

أخذ عن أبي الحسن الأبياري، وعليه اعتماده، وأبي الحسين بن جبير، والشادلي، وغيرهم.

تلاميذه:

أخذ عنه جماعة، منهم: القرافي، وناصر الدين الزواوي، وناصر الدين الأبياري.

مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

كان إماما حجة في الفقه والأصول واللغة، قال ابن فرحون: «كان ركنا من أركان الدين في العلم والعمل، بارعا في العلوم الأصولية، وتحقيق علم العربية، متقنا لمذهب مالك بن أنس»[الديباج (2/86)]. وقال السيوطي:«الفقيه المقرئ النحوي الأصولي صاحب التصانيف البديعة» [حسن المحاضرة (1/456)]. وقال مخلوف: «الفقيه الأصولي المتكلم النظار، خاتمة الأئمة المبرزين الأخيار» [شجرة النور (ص: 167)]. وقال الحجوي: «كان حجة ثبتا ورعا ذا أخلاق عالية، ركنا من أركان العلم والعمل»، «برع في مذهب مالك، وصنف فيه مختصره الشهير الذي نسخ ما تقدمه، وشغل دورا مهما، وأقبل عليه الناس شرقا وغربا، حفظا وشرحا إلى أن ظهر مختصر خليل، وأثنوا عليه ثناء جما» [الفكر السامي (ص:  564ـ 565)].

مؤلفاته الأصولية:

قال الذهبي: «سارت بمصنفاته الركبان» [سير أعلام النبلاء (23/265)]. ومن تلك المصنفات:

ـ منتهى السؤل والأمل في علمي الأصول والجدل، وهو أصل كتابه المختصر الأصلي [الديباج (ص: 290)].

ـ رسالة في تخصيص الكتاب بالكتاب[مخطوط بخزانة الأزهر نقلا عن كتاب أعلام أصول الفقه الإسلامي ومصنفاتهم (3/173)].

آراؤه الأصولية:

ابن الحاجب إمام الأصوليين في عصره، ومدار التأليف الأصولي المتأخر، آراؤه  الأصولية كثيرة، أذكر منها هنا نتفا للتمثيل:

ـ قوله إن المندوب مأمور به [مختصر منتهى السؤل (1/319)].

ـ قوله بجواز الاحتجاج بالمرسل بشرط أن يكون المرسِل من أئمة النقل، كسعيد بن المسيب  [مختصر منتهى السؤل لابن الحاجب (1/638)].

ـ قوله إن موافقة المقلد في الإجماع لا تعتبر مطلقا [مختصر منتهى السؤل (1/443)].

ـ قوله بوجوب العمل بخبر الآحاد [مختصر منتهى السؤل (1/547)].

ـ قوله إن النهي عن الشيء يدل على الفساد في الشرع [مختصر منتهى السؤل (1/686)].

ـ قوله بجواز تخصيص العام بالقياس إذا ثبتت العلة بنص أو إجماع، أو كان أصل القياس مخصصا [بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب لشمس الدين الأصفهاني (2/342) تحقيق محمد مظهر بقا، ط دار المديني (1986م)].

ـ قوله بجواز تأخير البيان من وقت ورود الخطاب إلى وقت الحاجة [بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (2/393)].

ـ قوله بجواز جواز تعليل الحكم الواحد بعلتين أو بعلل [بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (3/50)].

ـ ذهابه إلى عدم جواز نسخ المتواتر بالآحاد [البحر المحيط(5/260)].  

ـ «نقل ابن الحاجب في الكلام على السبر والتقسيم إجماع الفقهاء على أنه لا بد للحكم من علة، واستشكل ذلك بالأصل المشهور أن أفعال الله لا تعلل بالغرض»[البحر المحيط (7/156)].

ـ قوله إن شرع من قبلنا شرع لنا إلا في خصلتين: «إحداهما أن يكون شرعنا ناسخا لها، أو يكون في شرعنا ذكر لها، فعلينا اتباع ما كان من شرعنا وإن كان في شرعهم مقدما»[البحر المحيط 8/43].

أحمد بن محمد الأزدي (ت647ﻫ)

اسمه ونسبه:

هو أحمد بن محمد أبو العباس الأزدي، الإشبيلي، نزيل تونس،  يعرف بابن الحاج.

شيوخه:

أخذ عن أبي الحسن بن جابر الدباج، وأبي علي عمر بن محمد بن الشلوبين وغيره [الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة (1/385)، البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة (ص: 83)،

بغية الوعاة (1/ 359)، شجرة النور ص: 184 (605)].

مؤلفاته الأصولية:

 له مختصر المستصفى، وحواش على مشكلاته [شجرة النور ص: 184 (605) ]، قال الزركشي: «ونكت عليه ابن الحاج الإشبيلي» [البحر المحيط: 1/12].

آراؤه الأصولية:

ـ إنكاره على بعض الأصوليين قولهم إن: «إنما» تفيد الحصر [البحر المحيط: 3/237].

ـ ذهابه إلى التفصيل في قضية الاستثناء المنقطع. قال الزركشي: «وقال ابن الحاج في تعليقه على المستصفى في مسألة الاستثناء: الاستثناء المنقطع منعه قوم من جهة الغرض بالاستثناء، وأجازه الأكثرون من جهة وجوده في كلام العرب، والمجوزون لم يقدروا أن يدفعوا وجوده في كلام العرب، والمانعون لم يقطعوا الجهة التي يصح بها المنقطع على وضع الاستثناء.

قال: وقد حل هذا الشك القاضي أبو الوليد بن رشد فقال: إن من عادة العرب إبدال الجزئي مكان الكلي، كما يبدل الكلي مكان الجزئي، اتكالا على القرائن والعرف، مثلا إذا قال: ما في الدار رجل، أمكن أن يكون هناك قرينة تفهم ما سواه، فلذلك يستثنى، ويقول: إلا امرأة، وعلى هذا الوجه يكون الاستثناء كله متصلا، إلا أن الاتصال منه في اللفظ والمعنى، ومنه في المعنى خاصة. قال: وإذا تصفح الاستثناء المنقطع وجد على ما قاله، وقد انفرد بحل هذا الشك»[البحر المحيط: 4/375].

ـ تدقيقه في مفهوم اللقب المتنازع فيه بين الأصوليين. قال الزركشي:  «قال ابن الحاج في تعليقه على «المستصفى» عند حديثه عن مفهوم اللقب: ينبغي تحقيق المراد باللقب، وليس المراد به المرتجل فقط، بل المرتجل والمنقول من الصفات. وقد جعل الغزالي منه: لا تبيعوا الطعام بالطعام، لأن الطعام لقب لجنسه، وإن كان مشتقا مما يطعم إذ لا يدرك فرق بين قوله: في الغنم زكاة، وفي الماشية زكاة، وإن كانت ” الماشية” مشتقة»[البحر المحيط: 5/154].

ـ قوله إن النسخ يرد على الحكم لا على العبادة، قال:« إنما نشأ هذا من ظنهم كون العبادة تنسخ، وهو فاسد، لأن النسخ إنما يرد على الخطاب المتعلق بأصل العبادة لا على العبادة، كالخطاب الوارد بأربع ركعات تجزئ، ثم يرد خطاب آخر بأنها لا تجزئ، بل يجزئ بدلا منها ركعتان، فأما العبادة فهي المحل القابل. قال: فالصواب أن يقال: إذا رفع الخطاب الإجزاء عن عبادة لها أجزاء، ولا يوجبه لبعضها، من حيث هو بعض لها، بل أوجب الجزاء لما هو مساو لبعضها، فقد ظن قوم أن الشارع لم يرفع حكمها رأسا، وذلك باطل، لأن النسخ وارد على الحكم، لا على العبادة، فيندفع هذا الخيال»[البحر المحيط: 5/316].

أبو العباس القرطبي656ﻫ)

اسمه ونسبه:

أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر أبو العباس الأنصاري القرطبي شهر بابن المزيِّن 656ﻫ)

ولد بقرطبة سنة (578ﻫ) على الصحيح، وعرف بها بابن الُمزَيِّن، وعرف في الإسكندرية بالقرطبي، ولقب بضياء الدين.

رحل مع أبيه من الأندلس في سن الصغر، فسمع كثيرا بمكة والمدينة والقدس ومصر، ونزل الإسكندرية واستوطنها، ودرس بها، وتوفي بها سنة (656ﻫ).

شيوخه:

سمع الحديث من مشايخ الأندلس، كأبي القاسم عبد الرحمن بن عيسى بن الملجوم الأزدي، وأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن التجيبي، وأبي محمد عبد الله بن سليمان ابن حوط الله، وعبد الحق بن محمد بن عبد الحق الخزرجي، وغيرهم، وروى عن أبي الأصبغ ابن الدباغ.

تلاميذه:

كتب عنه الحافظ أبو الحسن ابن يحيى القرشي، وذكره في معجم شيوخه، وحدث عنه بالإجازة أبو عبد الله ابن الأبار، وذكره أبو محمد الدمياطي في معجم شيوخه.

ثناء العلماء عليه:

قال ابن فرحون: «وكان من الأئمة المشهورين، والعلماء المعروفين، جامعا لمعرفة علوم منها: علم الحديث، والفقه، والعربية وغير ذلك، وله على كتاب صحيح مسلم شرح أحسن فيه وأجاد، سماه «المفهم واختصر صحيحي البخاري ومسلم»[الديباج، ص:130].

مؤلفاته الأصولية:

       ألف كتاب «الوصول» ذكره له أبو سعيد العلائي في كتابه حيث قال:«وقال الإمام أبو العباس القرطبي في كتابه الوصول: قال قوم: النهي يدل على الفساد..»[تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد للعلائي، ص: 81، تحقيق إبراهيم محمد السلفيتي، ط دار الكتب الثقافية] ، ولعله الذي أشار إليه الزركشي بقوله: «كتاب أبي العباس القرطبي شارح مسلم»[البحر المحيط 1/16] ، وسماه في معرض حكايته رأيا لأبي العباس القرطبي «الأصول»[ البحر المحيط 7/287].

وله أيضا: اختصار صحيحي البخاري ومسلم، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، وهو شرح لاختصاره لصحيح مسلم، وكشف القناع عن حكم الوجد والسماع.

مصادر ترجمته:

الديباج (ص: 130)، المنهل الصافي (2/44)، ذيل مرآة الزمان لقطب الدين أبي الفتح موسى بن محمد اليونيني، ط دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، ط2، سنة 1413ﻫ، بعناية وزارة التحقيقات الحكمية والأمور الثقافية للحكومة الهندية، (1/95)، حسن المحاضرة (1/457)، الوافي بالوفيات (7/173)، الأعلام للزركلي (1/186).

آراؤه الأصولية:

ـ تفصيله في مسألة النهي، قال في كتابه الوصول: «قال قوم: النهي يدل على الفساد، وهو مذهب مالك على ما حكاه القاضي عبد الوهاب، وقال آخرون: لا يدل عليه، وفرق آخرون، فمنهم من قال يدل عليه في العبادات دون المعاملات، ومنهم من قال إن كان النهي راجعا لعين المنهي عنه دل وإلا فلا»[تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد للعلائي، ص:81].

ـ نقل الزركشي عنه قولا في مسألة العموم قال: «ذهب ابن سريج ومعظم العلماء إلى أنه لا يسوغ اعتقاد العموم إلا بعد النظر في الأدلة، ثم إذا نظر فيها جرى على قضيتها.. وارتضاه القاضي أبو بكر… واختاره أيضا …أبو العباس القرطبي من المالكية»[البحر المحيط 4/49].

ـ وقال أبو العباس القرطبي عند حديثه عن أقسام إجماع أهل المدينة: «أما الضرب الأول فينبغي أن لا يختلف فيه؛ لأنه من باب النقل المتواتر، ولا فرق بين القول والفعل والإقرار؛ إذ كل ذلك نقل محصل للعمل القطعي، وأنهم عدد كثير، وجم غفير، تحيل العادة عليهم التواطؤ على خلاف الصدق، ولا شك أن ما كان هذا سبيله أولى من أخبار الآحاد، والأقيسة والظواهر، وأما الثاني: فالأول منه أنه حجة إذا انفرد، ومرجح لأحد المتعارضين، ودليلنا على ذلك أن المدينة مفرز الإيمان، ومنزل الأحكام، والصحابة هم المشافهون لأسبابها، الفاهمون لمقاصدها، ثم التابعون نقلوها وضبطوها، وعلى هذا فإجماع أهل المدينة ليس بحجة من حيث إجماعهم، بل إما هو من جهة نقلهم المتواتر، وإما من جهة شهادتهم لقرائن الأحوال الدالة على مقاصد الشرع، قال: وهذا النوع الاستدلالي إن عارضه خبر، فالخبر أولى عند جمهور أصحابنا؛ لأنه مظنون من جهة واحدة، وهو الطريق، وعملهم الاجتهادي مظنون من جهة مستند اجتهادهم، ومن جهة الخبر، وكان الخبر أولى، وقد صار كثير من أصحابنا إلى أنه أولى من الخبر بناء منهم على أنه إجماع، وليس بصحيح؛ لأن المشهود له بالعصمة كل الأمة لا بعضها»[البحر المحيط 6/442].

ـ وفي باب أحكام الإجماع نقل الزركشي قولا لأبي العباس القرطبي قال: «الحق في هذه المسألة التفصيل، فإن قلنا: إن أدلة الإجماع ظنية، فلا شك في نفي التكفير؛ لأن المسائل الظنية اجتهادية، ولا نكفر فيها بالاتفاق، وإن قلنا قطعية، فهؤلاء هم المختلفون في تكفيره، والصواب أن لا يكفر، وإن قلنا: إن تلك الأدلة قطعية متواترة؛ لأن هذا لا تعم معرفته كل أحد بخلاف من جحد سائر المتواترات، والتوقف عن التكفير أولى من الهجوم عليه، فقد قال – عليه السلام -: «من قال لأخيه يا كافر، فقد باء أحدهما، فإن كان كما قال، وإلا جاءت عليه»[البحر المحيط 6/4462].

ابن عميرة أحمد بن عبد الله بن محمد المخزومي (ت658ﻫ)

ترجمته:

هو أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسين بن عميرة أبو المطرف المخزومي الشهير بجده.

«روى عن أبي الخطاب بن واجب، وأبي الربيع بن سالم، وأبي عبد الله بن فرج وأبي علي الشّلوبين، وأبي عمر بن عات، وأبي محمد بن حوط الله، وأبي الفتوح نصر بن أبي الفرج وغيره..روى عنه ابنه القاسم، وأبو بكر بن خطّاب، وأبو إسحاق البلقيني الحفيد، والحسن بن طاهر بن الشّقوري، وأبو عبد الله البرّي. وحدّث عنه أبو جعفر بن الزّبير، وابن شقيف، وابن ربيع، وغيرهم مما يطول ذكره»[الإحاطة  1/63].

ثناء العلماء عليه:

قال لسان الدين بن الخطيب: «كان نسيج وحده، إدراكا وتفنّنا، بصيرا بالعلوم، محدّثا، مكثرا، راوية ثبتا، سجرا في التاريخ والأخبار، ريّان، مضطلعا بالأصلين، قائما على العربية واللغة»[الإحاطة  1/63].

مكانته في علم الأصول:

ما قيل عنه أصوليا:

«له علم بالفقه وأصوله وحديث حسن في منقوله ومعقوله»، «وله تعليق على كتاب المعالم في أصول الفقه»[ توشيح الديباج ص: 50].

«نظر في المعقولات وأصول الفقه»[ الديباج ص:114، الذيل والتكملة 1/152].

مؤلفاته الأصولية :

وله تعليق على كتاب المعالم في أصول الفقه[توشيح الديباج ص: 51] ، قال ابن فرحون:«له رد على الإمام فخر الدين الرازي في كتابه المعالم في أصول الفقه»[ الديباج ص:115  [89] ] ، وقال المقري:«تعقب على الفخر الرازي في كتابه المعالم»[ الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام: 2/175، الذيل والتكملة 1/176].

شهاب الدين القرافي ­­­(ت684ﻫ)

ترجمته:

هو شهاب الدين أحمد بن أبي العلاء إدريس بن عبد الرحمن أبو العباس الصنهاجي المصري المشهور بالقرافي. «أخذ عن شرف الدين محمد بن عمران الشهير بالشريف الكركي، وشرف الدين الفاكهاني، وأبي عبد الله البقوري، والقاضي شمس الدين أبي بكر محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد الادريسي». ومن علماء الأصول الذين أخذ عنهم: «عز الدين بن عبد السلام الشافعي، وجمال الدين بن الحاجب، وشمس الدين الخسروشاهى»[([1])   شجرة النور ص: 188 (627)، والديباج ص:128] وغيرهم.

ثناء العلماء عليه:

وصفه ابن فرحون بقوله: «الإمام العلامة وحيد دهره وفريد عصره أحد الأعلام المشهورين والأئمة المذكرين، انتهت إليه رئاسة الفقه على مذهب مالك رحمه الله تعالى وجد في طلب العلوم، فبلغ الغاية القصوى، فهو الإمام الحافظ والبحر اللافظ، المفوه المنطيق، والآخذ بأنواع الترصيع والتطبيق، دلت مصنفاته على غزارة فوائده، وأعربت عن حسن مقاصده، جمع فأوعى، وفاق أضرابه جنسا ونوعا»[الديباج ص:128].

مكانته في علم الأصول:

ما قيل عنه أصوليا:

قال ابن فرحون: «كان إماما بارعا في الفقه والأصول والعلوم العقلية»[الديباج ص:128].

مؤلفاته الأصولية :

له:

-تنقيح الفصول في أصول الفقه، كتاب مفيد[شجرة النور ص: 188 (627) طبع مع الذخيرة للقرافي ط دار الغرب، وطبع مع شرحه ط دار الفكر] ، جعله مقدمة لكتابه الذخيرة.

ـ شرح تنقيح الفصول[شجرة النور ص: 188 (627) مطبوع طبعات، منها ط دار الفكر، وقد حقق بالسعودية].

ـ نفائس الأصول وهو شرح لكتاب المحصول للرازي[مطبوع طبع ط دار الكتب العلمية].

ـ العقد المنظوم في الخصوص والعموم[شجرة النور ص: 188 (627)، مطبوع بتحقيق ذ محمد بنصر العلوي، ط وزارة الأوقاف المغرب. وطبع طبعة أخرى بتحقيق ذ أحمد الختم عبد الله، ط دار الكتبي بمصر ط1. سنة: 1420.].

ـ الاستغناء في أحكام الاستثناء[شجرة النور ص: 188 (627). وقد طبع بتحقيق طه محسن عبد الرحمن ط وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بغداد، سنة: 1982].

ـ الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام.

ـ الفروق : قال مخلوف: «الفروق والقواعد لم يسبق إلى مثله، ولا أتي بعده بشبهه»[شجرة النور ص: 188 (627). وهو مطبوع ط عالم الكتب د] ، قال في مقدمته: «هذا في الفروق بين القواعد وتلخيصها، فله من الشرف على تلك الكتب شرف الأصول على الفروع، وسميته لذلك أنوار البروق في أنواء الفروق، ولك أن تسميه كتاب الأنوار والأنواء، أو كتاب الأنوار والقواعد السنية في الأسرار الفقهية، كل ذلك لك، وجمعت فيه من القواعد خمسمائة وثمانية وأربعين قاعدة، أوضحت كل قاعدة بما يناسبها من الفروع، حتى يزداد انشراح القلب لغيرها»[الفروق: 1/4].

آراؤه الأصولية:

القرافي إمام الأصوليين صاحب مدرسة ومنهج، وله آراء غزيرة وتحقيقات كثيرة وتحريرات شريفة وأقتصر للتمثيل على الآتي:

ـ قوله: «الإجماع أقوى من النص لأن الخاص، لأن النص يحتمل نسخه، والإجماع لا ينسخ لأنه إنما ينعقد بعد انقطاع الوحي»[البحر المحيط 4/481].

ـ قوله بأن مذهب مالك في الأمر أنه على الفور[شرح تنقيح الفصول ص:129].

ـ قوله بأن مذهب مالك هو عدم حمل المطلق على المقيد في حالة اختلاف الحكم والسبب قال: «ومالك وإن قال المفهوم حجة، وقال أيضا إن المطلق يحمل على المقيد في الظهار وغيره، إلا أنه ههنا لم يقل به تغليبا لدلالة المنطوق على المفهوم»[ شرح تنقيح الفصول ص:267].

ـ قوله بأن  دليل الخطاب وهو مفهوم المخالفة: «حجة عند مالك، وجماعة من أصحابه»[ شرح تنقيح الفصول ص:216].

ـ  قوله بجواز العمل بخبر الآحاد وإن كان مما تعم به البلوى قال: «وإن اقتضى عملا تعم به البلوى قبل عند المالكية والشافعية»[ شرح تنقيح الفصول ص:372].

ـ قوله بأن قول  كل صحابي وحده حجة شرعية[نفائس الأصول في شرح المحصول للقرافي 6/2842 تحقيق عادل عبد الموجود وعلي معوض ط المكتبة العصرية 2005].

ـ قوله بأن: «مذهب مالك وجمهور العلماء وجوب الاجتهاد، وإبطال التقليد لقوله: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16] واستثنى مالك أربع عشرة صورة للضرورة»[ البحر المحيط 8/328].

ـ نقله عن مالك القول إن المصيب واحد من بين سائر المجتهدين[شرح تنقيح الفصول ص:439].

بقلم الباحث: فؤاد القطاري

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق