هو الإمام، القاضي، الفقيه، العالم أبو العباس أحمد بن الحسن بن يوسف بن عمر بن يحيى المعروف والمشتهر بابن عَرضون، الزَّجَلي، المُوسوي، الصَّالحي، المغربي، المالكي.
لم تُسعف المصادر في تحديد زمن ولادة ابن عَرضون، في حين خَلُص الأستاذ عمر الجيدي ـ رحمه الله ـ في بحثه إلى أنه وُلد عام 947هـ بمجموعة من المرجحات يطول ذكرها هنا، وكانت ولادته بقرية تلمبوط التابعة لإقليم شفشاون شمالي المغرب، ونشأ في أحضان أسرة معروفة بالفضل والدين والعلم، فوالده أبو علي الحسن بن يوسف كان عالماً فاضلاً، له أجوبة في الفقه تؤذن باتساع مداركه في العلم، وأخوه أبو عبد الله محمد تولى القضاء بعده بشفشاون، وله تقاييد في الفقه والتوحيد.
تقلَّبَ ابن عَرضون بين مدارس جبال غمارة، وبين حلقات الدروس بجامع القرويين بفاس، فنجد في طليعة الذين أخذ عنهم: والده الذي حفظ عليه القرآن الكريم ودرسه مبادئ النحو، والفقه، وعمُّهُ أبو حفص عُمر، وأبو محمد الهبطي، وأبو عبد الله محمد بن مجبر المساري، أبو نعيم الجنوي، وأبو العباس المنجور، وغيرهم من أعلام المغرب في ذلك الوقت، حتى صار مَضرب المثل في العلم والورع والتقوى.
وانتفع به عدد من الطلبة، وإن كان ـ رحمه الله ـ لم يتول مهمة التدريس، فإن المصادر تذكر من بين من أخذ عنه وانتفع به واستفاد من علمه ولده محمد، والقاضي أبو عبد الله محمد مخشان، وأبو سالم إبراهيم بن عبد الرحمن الجلالي، وغيرهم.
كان ابن عرضون ـ رحمه الله ـ بحراً زاخراً من العلوم والمعارف، زاهداً، ورعاً، ملازماً للمطالعة والعبادة، جمَّ التواضع، وبالرغم من توليه القضاء فإنه لم يكن راضياً عن منصبهويعتبره من المحن التي طُوِّقَ بها، ويؤكّد هذه الخصال المذكورة ما يحلِّيه به شيوخه ومترجموه من تحليات، منها ما قول محمد بن عبد الله الهبطي نظماً:
ومنهم القاضي ابن عرضون الأبر *** السيد الأتقى التقيّ المعتبر
خلي أبو العباس أحمد الأغر *** حبي أخي في كبري وفي الصغر
أرعد في قضائه وأبرق *** فصيته غرَّب بل وشرَّق
واشتهر ابن عرضون بانتدابه للتأليف، وعُرف تمييزاً عن أفراد أسرة ابن عرضون بالعالم المُؤلف، ومن أشهر مؤلفاته: «اللَّائق لمعلم الوثائق»، و«مقنع المحتاج في آداب الأزواج»، ثم اختصره في كتاب بعنوان «مختصر مقنع المحتاج في آداب الأزواج والولدان»، رسالة آداب الصحبة، أو رسالة التودد والتحابب، و«حدائق الأنوار وجلاء القلوب والأبصار في الصلاة والسلام على النبي ﷺ وعلى آله وأصحابه الأبرار»، وكتاب في شرح أسماء الله الحسنى، وغير ذلك.
كانتوفاته ـ رحمه الله ـ في بلده ومسقط رأسه في العاشر من رجب عام 992هـ، ولم يُعلم موضع دفنه.
مصادر ترجمته: درة الحجال لابن القاضي (1/172)، جذوة الاقتباس له أيضاً (1/160)، سلوة الأنفاس لمحمد بن جعفر الكتاني (2/268)، شجرة النور الزكية لمخلوف (ص286)، الفكر السامي للحجوي (2/602).
إعداد: ذ.نورالدين شوبد.