مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةأعلام

أبو العباس أحمد اليجمي (ت 965هـ)

أبو العباس أحمد اليجمي[1]، المعروف بأبي العباس الشاعر، من بني يجم، وهي من أحد قبائل غمارة، تستقر بين تطوان وسبتة[2].

كان رضي الله عنه من العلماء العاملين، قال عنه صاحب الدوحة: “كان رضي الله عنه فقيها نزيها عارفا بالله تعالى، كثير الورع والزهد، حافظا للتاريخ ومولعا به، كثير الاطلاع، شأنه الفكرة والاعتبار”.[3]

كما أنه يجتهد في العبادات أيما اجتهاد، ولا يركن إلى التخفيف والرخص، شديد الحزم والعزم، ومما يحكى عنه أنه “يذهب في كل جمعة على قدميه إلى مدينة تطوان ليصلي بها صلاة الجمعة، ومنزله بوخلاد على قدر اثني عشر ميلا”[4].

كما أن الشيخ أبو العباس يضرب المثل بالعلماء والصوفية الذين يأكلون من عمل أيديهم، فقد كانت له أرض صغيرة قرب منزله يزرعها ويتعهدها بالاهتمام على الرغم من صغرها، إلا أن الله تعالى بارك له فيها، لما يعلم الناس من عدم كفايتها لحاجاته الأساسية، ناهيك عن حجم ما ينزل عنده من أبناء السبيل والتلاميذ وغيرهم، يقول صاحب الدوحة: “وكان له عريصة بإزاء داره يزرع فيها شيئا من الزرع ونبشها بفأس بيده، فما جيء فيها من الزرع فذلك عولته وعولة عياله، ويطعم منه الطعام لكل من نزل بالمسجد الذي بإزاء داره على محجة الطريق من أبناء السبيل، ومن رآها يقطع بأنها لا تكفي شخصا واحدا، وكان لا يقبل من أحد شيئا”[5]. فعلى الرغم من فضله وعلو شأنه كان يحب أن يقي حوائجه بنفسه، ولا يقبل أن يساعده أحد، تحقيقا لما جاء في الأثر: (أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف)، مما يؤكد أن سيرة الصوفية مبنية على الجد والاجتهاد وطرح الكسل والبطالة، ومما جاء عنه في هذا السياق، ما نقله صاحب الدوحة أن الشيخ أبا العباس “إذا ذهب إلى تطوان حمل قفة في يده ليشتري ما يحتاج إليه، ويحمله فيها حتى جعلت الأثر في يده اليسرى، فإذا أراد أحد من المارين معه من ذلك وقطب في وجهه”[6].

وكان رحمه الله أحد شيوخ محمد بن عسكر الحسني الشفشاوني صاحب دوحة الناشر، والذي يقول عنه: “أخذت عنه رحمه الله علم التاريخ والاعتبار، وكنت إذا لقيته في سنين كثيرة لا يتكلم معي إلا في علم التاريخ وأخبار من تقدم من العلماء والصالحين والملوك وغيرهم، فإذا فرغ من حديثه قال: البقاء لله، ﴿ألا إلى الله تصير الأمور كل شيء هالك إلا وجهه﴾، ثم يصفر لونه ويعتريه حال ثم ينصرف”[7].

توفي رحمه الله في حدود خمسة وستين من القرن، ودفن بإزاء مسجده رحمه الله[8].

مسجد الولي الصالح أبي العباس أحمد الشاعر اليجمي (ت965هـ)

يوجد المسجد في مدخل مدشر بوخلاد بجماعة دار بنقريش 

[1مصادر ترجمته:

– دوحة الناشر، 20.

– طبقات الحضيكي: 34/1.

[2] ينظر: مجلة البحث العلمي، “غمارة” التقي العلوي، عدد: 31، سنة 1980م، ص: 40.

[3] دوحة الناشر، 30.

[4] المصدر السابق، 30.

[5] نفسه، 30.

[6] نفسه، 30.

[7] نفسه، 30.

[8دوحة الناشر، 30. طبقات الحضيكي، 34/1.

المصادر المعتمدة:

– طبقات الحضيكي، لمحمد بن أحمد الحضيكي، (ت 1189هـ)، تقديم وتحقيق: أحمد بومزكو، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى، 1427هـ/2006م.

– دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر، لمحمد بن عسكر الحسني الشفشاوني، تحقيق: محمد حجي، الطبعة الثانية، 1397هـ/1977م.

– مجلة البحث العلمي، “غمارة” التقي العلوي، عدد: 31، سنة 1980م.

د.مصطفى بوزغيبة

باحث بمركز الإمام الجنيد التابع للرابطة المحمدية للعلماء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق