تَخْمِيسُ القصيدة الجِيمِيَّةِ لسُلطانِ العاشِقِين: ابن الفارِض -المقطع الأول-

أَقُولُ لَمَّا انْقَضَتْ فِي وَصْلِهِ حُجَجِي
وَكِدْتُ أَقْضِي بِهِ فِي غَمْرَةِ اللُّجَجِ
وَلَيْسَ لِي غَيْرُ هَذَا الْحُبِّ مِنْ فَرَجِ:
مَا بَيْنَ مُعْتَرَكِ الْأَحْدَاقِ وَالْمُهَجِ * أَنَا الْقَتِيلُ بِلَا إِثْمٍ وَلَا حَرَجِ
إِنْ كَانَ يُرْضِيكَ مَا أَلْقَى فَكَمْ سَهِرَتْ
عَيْنِي عَلَيْكَ! وَكَمْ بِالْحُسْنِ قَدْ سُحِرَتْ!
فَإِنَّنِي وَالْقَوَافِي فِيكَ قَدْ سُطِرَتْ
وَدَّعْتُ قَبْلَ الْهَوَى رُوحِي لِمَا نَظَرَتْ * عَيْنَايَ مِنْ حُسْنِ ذَاكَ الْمَنْظَرِ الْبَهِجِ
آيَاتُ حُسْنِكَ فِي الْأَيَّامِ ظَاهِرَةٌ
وَلَمْ أَزَلْ كَلِفًا وَالنَّفْسُ سَادِرَةٌ
أَقُولُ مِنْ عَجَبٍ وَالنَّاسُ نَاظِرَةٌ
للهِ أَجْفَانُ عَيْنٍ فِيكَ سَاهِرَةٌ * شَوْقًا إِلَيْكَ وَقَلْبٌ بِالْغَرَامِ شَجِ
نَفْسِي لِهَذَا الْهَوَى حُبًّا أُقَدِّمُهَا
وَأَدْمُعٌ عَنْكَ فِي عَيْنَيَّ أَكْتُمُهَا
إِنْ كُنْتَ تَجْهَلُهَا فَالنَّاسُ تَعْلَمُهَا
وَأَضْلُعٌ أُنْحِلَتْ كَادَتْ تُقَوِّمُهَا * مِنَ الْجَوَى كَبِدِي الْحَرَّى مِنَ الْعِوَجِ
إِنْ لَمْ تَذُبْ فَلَقَدْ كَادَتْ تَذُوبُ وَإِنْ
جَارَ الْهَوَى، فَمَتَى حُكِّمْتَ فِيَّ أَدِنْ
فَذِي بَقِيَّةُ نَفْسِي فِي يَدَيْكَ فَلِنْ
وَأَدْمُعٌ هَمَلَتْ لَوْلَا التَّنَفُّسُ مِنْ * نَارِ الْهَوَى لَمْ أَكَدْ أَنْجُو مِنَ اللُّجَجِ
فَلَمْ أَزَلْ مُذْ جَفَانِي النَّوْمُ مُنْتَبِهَا
وَذَا دَمِي بِدُمُوعِي صَارَ مُشْتَبِهَا
أَرْعَى حُقُوقًا أَغِثْ نَفْسِي بِأَوْجَبِهَا
وَحَبَّذَا فِيكَ أَسْقَامٌ خَفِيتُ بِهَا * عَنِّي تَقُومُ بِهَا عِنْدَ الْهَوَى حُجَجِي