وحدة المملكة المغربية علم وعمرانأعلام

أعلام وأدباء العدوتين الرباط و سلا

  الحلقة العشرون : محمد بن عبد السلام بن أحمد بن محمد الضعيف الرباطي

 

هو محمد بن عبد السلام بن أحمد بن محمد الرباطي، اشتهر هو وكتابه التاريخي باسم الضعيف، هذا الكتاب الذي يتحدث عن الدولة العلوية منذ نشأتها إلى منتصف عهد المولى سليمان، لذلك كان من جملة الشخصيات التي درسها  ل. بروفنسال في مؤرخو الشفا.

ولد في الرباط عام 1752م، ودرس فيها بجد، وأخذ التأريخ عن أبي القاسم السجلماسي، ثم رحل في طلب العلم يجوب آفاق المغرب، وهكذا نجده في تطوان يأخذ من عبد الرحيم الحايك في مدرسة وقاش، ثم في فاس بمدرسة الشراطين التابعة لجامعة القرويين، يتتلمذ لعبد القادر ابن شقرون الفاسي، ومحمد الطيب ابن كيران، والحاج محمد بنيس، وعلي بن أويس[1].

وكان له اعتناء بالنساخة وبالتقييد خصوصا فيما يرجع لتاريخ الحوادث الوقتية، والوقائع الدهرية، وناهيك بتاريخه الضعيف المشهور بلقبه، فإنه ما ترك شاذة ولا فاذة رآها أو سمعها إلا وقيدها مع صدق اللهجة والتحري في النقل، فما شئت من مواعظ مبكية، ومن خرافات مضحكة ملهية، ككلام النائم في الهذيان، كأنه يراعي مقام الخاصة فيخاطبهم بفصيح الكلام، ثم يراعي مقام العامة فيخاطبهم بكلام العوام[2]..

وهو بالاختصار رجل كثير الفضل والأدب، عارف بالحديث والعلوم النافعة، نير الباطن والظاهر، جميل الصورة والسيرة، في سن إحدى وعشرين لكنه أعطي من الفضل والكمال والقبول والإقبال ما لم يعطه كثير من المعمرين، وهو في ازدياد بفضل الله ببركة جده الأعظم صلى الله عليه وسلم[3].

جمع مكتبة سرت بحديثها الركبان من أقاصي الشرق إلى أقاصي الغرب بهمته العالية وولوعه العجيب في هذا الباب، وخدمه السعد في ذلك أكبر الخدمات وأجملها، رتبها ونظمها ترتيبا عصريا على الفنون والعلوم، مازال نهما في تكثير فروعها وأقسامها، شرها لتكثير أعدادها، فعلائقه مع الكتبيين في مشارق الأرض ومغاربها وافرة، ولم ير قط في سوق من أسواق البلاد التي يسكنها أو يدخلها إلا في دكاكين الكتبية، وأول وآخر من يلقاه صباحا مساء باعة الكتب في حضره وسفره، وقد حازت مكتبته أكبر شهرة في العالم الإسلامي والغربي، واحتاج إليها العلماء والأدباء والكتاب ورجال الدولة، وقد كانت جريدة السعادة نشرت عنها مقالات متتابعة بقلم المؤرخ الرباطي الشهير السيد محمد أبي جندار رحمه الله، ومن اهتمامه بالكتب انه لم يقبل وظيفا عرض عليه في عمره غير تكليفه بمكتبة القرويين، ومن أكبر ما يحمله على الأسفار واتباع الرحلات طلب الكتب[4].

محمد بن عبد السلام بن أحمد، أبو عبد الله و تنقل في البلاد المغربية ولم يعرف مكان وفاته ولا تاريخها على التحقيق، وهو مصنف (تاريخ الضعيف - ط) قال صاحب الاغتباط، ما محصله: ....وحسبك شفيعا ما انطوى عليه من الحوادث والفوائد التاريخية التي لا يوجد لها ذكر في غيره من الكتب التي ألفت في الدولة العلوية، وقد أتى على تاريخها من لدن نشأتها إلى حوادث عام 1233 ، ولعل وفاته كانت في هذا التاريخ، بالرباط أو بفاس أو في غيرهما، وقد ترجم فيه لنفسه فذكر نسبته ومصاهرته وقراءته ومشيخته ورحلاته، ومن كتبه (تاريخ الدولة السعيدة - خ) بخطه، في مجلد ضخم مبتور الأول والآخر في الخزانة الأحمدية بفاس[5].

 

[1] -  الحياة الأدبية في المغرب على عهد الدولة العلوية ص 357  دار الرشاد الحديثة الدار البيضاء.

[2] -  الاغتباط في تراجم أعلام الرباط ص 328 الطبعة الثانية 2014م، دار المذهب للطباعة والنشر والتوزيع.

[3] -  فهرس الفهارس (1/9) طبعة 1986 دار الغرب الإسلامي بيروت.

[4] -  فهرس الفهارس (1/16) طبعة 1986 دار الغرب الإسلامي بيروت.

[5] -  الأعلام للزركلي ج 6 ص 206.

ذة. رشيدة برياط

باحثة بمركز علم وعمران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق