مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكشذور

قول في معنى المقالة عند علماء الكلام.

قال أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في كتابه الملل والنحل[1]:

المقدمة الثانية: في تعيين قانون يبنى عليه تعديد الفرق الإسلامية

إعلم أن لأصحاب المقالات طرقا في تعديد الفرق الإسلامية، لا على قانون مستند إلى أصل ونص،ولا على قاعدة مخبرة عن الوجود، فما وجدت مصنفين منهم متفقين على منهاج واحد في تعديد الفرق.

ومن المعلوم الذي لا مراء فيه أن ليس كل من تميز عن غيره بمقالة ما؛ في مسألة ما؛ عد صاحب مقالة. وإلا فتكاد تخرج المقالات عن حد الحصر والعد ويكون من انفرد بمسألة في أحكام الجواهر مثلا معدودا في عداد أصحاب المقالات فلا بد إذن من ضابط في مسائل هي أصول وقواعد يكون الاختلاف فيها اختلافا يعتبر مقالة، ويعد صاحبه صاحب مقالة.

وما وجدت لأحد من أرباب المقالات عناية بتقرير هذا الضابط، إلا أنهم استرسلوا في إيراد مذاهب الأمة كيف اتفق، وعلى الوجه الذي وجد، لا على قانون مستقر، وأصل مستمر فاجتهدت على ما تيسر من التقدير، وتقدر من التيسير حتى حصرتها في أربع قواعد، هي الأصول الكبار.

-القاعدة الأولى: الصفات والتوحيد فيها: وهي تشتمل على مسائل الصفات الأزلية، إثباتا عند جماعة ونفيا عند جماعة. وبيان صفات الذات، وصفات الفعل، وما يجب لله تعالى،وما يجوز عليه، وما يستحيل، وفيها الخلاف بين الأشعرية، والكرامية، والمجسمة والمعتزلة.

- القاعدة الثانية: القدر والعدل فيه: وهي تشتمل على مسائل: القضاء، والقدر، والجبر والكسب، وإرادة الخير والشر، والمقدور، والمعلوم؛ إثباتا عند جماعة، ونفيا عند جماعة. وفيها الخلاف بين: القدرية، والنجارية، والجبرية، والأشعرية، والكرامية.

- القاعدة الثالثة: الوعد، والوعيد، والأسماء، والأحكام: وهي تشتمل على مسائل: الإيمان، والتوبة، والوعيد، والإرجاء، والتكفير، والتضليل؛ إثباتا على وجه عند جماعة، ونفيا عند جماعة. وفيها الخلاف بين المرجئة، والوعيدية، والمعتزلة، والأشعرية، والكرامية.

- القاعدة الرابعة: السمع والعقل، والرسالة، والإمامة: وهي تشتمل على مسائل: التحسين، والتقبيح، والصلاح والأصلح، واللطف، والعصمة في النبوة. وشرائط الإمامة، نصا عند جماعة، وإجماعا عند جماعة،وكيفية انتقالها على مذهب من قال بالنص، وكيفية إثباتها على مذهب من قال بالإجماع. والخلاف فيهابين الشيعة، والخوارج، والمعتزلة، والكرامية، والأشعرية.

فإذا وجدنا انفراد واحد من أئمة الأمة بمقالة من هذه القواعد، عددنا مقالته مذهبا وجماعته فرقة، وإن وجدنا واحدا انفرد بمسألة فلا نجعل مقالته مذهبا وجماعته فرقة. بل نجعله مندرجا تحت واحد ممن وافق سواها مقالته، ورددنا باقي مقالاته إلى الفروع التي لا تعد مذهبا مفردا، فلا تذهب المقالات إلى غير النهاية فإذا تعينت المسائل التي هي قواعد الخلاف، تبينت أقسام الفرق الإسلامية، وانحصرت كبارها في أربع بعد أن تداخل بعضها في بعض...

ولأصحاب كتب المقالات طريقان في الترتيب:

أحدهما:أنهم وضعوا المسائل أصولا. ثم أوردوا في كل مسألة مذهب طائفة طائفة وفرقة فرقة.

والثاني: أنهم وضعوا الرجال وأصحاب المقالات أصولا، ثم أوردوا مذاهبهم، في مسألة مسألة.

الهوامش:


[1] - الملل والنحل: الشهرستاني أبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني ( 584هـ) ص 9. الطبعة الأولى 1426 هـ– 2005 م، دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع.

 

الدكتور عبد الله معصر

• رئيس مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك بالرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق